اللهم لا قر ولا حسد، العاملون بالضرائب يحصلون علي 1450٪ حوافز شهرية، أي إذا كان أساسي الموظف منهم والعامل أيضا ألف جنيه فإن حوافزه في الشهر «14500» اربعة عشر ألفا وخمسمائة جنيه، ونرجع تاني ونقول اللهم لا قر ولا حسد ومن حقهم أن يتظاهروا وينددوا بقانون الخدمة المدنية الجديد «اللي محدش فاهم منه حاجة» اذا كان سيحرمهم من مليم واحد يتقاضونه وأصبح حقا مكتسبا علي مدي سنوات. ولكن بحسبة بسيطة تعالوا نفترض أن زميلين تخرجا في كلية واحدة وتخصص واحد وتقدير البكالوريوس أيضا، أحدهما التحق بعمل حكومي في وزارة مثل الخارجية أو البترول أو الطيران المدني أو المالية ومصلحة الضرائب علي المبيعات التي تتبعها، والآخر التحق أيضا بعمل حكومي ولكن ربما في إدارة الارشيف بوزارة الصحة أو إدارة الجبانات بمحافظة القاهرة.. مثلا يعني. هل ترون أن هناك أي وجه للمقارنة بين ما يحصل عليه الخريج الأول وبين ما يحصل عليه الثاني، المشكلة لن تقف عند المقارنة بين الاثنين.. الذي ذهب كل منهما إلي مكان بعيد عن الآخر، ولكن تعال إلي المقارنة بين زميلين آخرين في نفس المكان، الأول التحق بوظيفة في مكتب أعلي قيادة في المكان والآخر تم توزيعه علي إدارة من الإدارات المنسية في الهيئة أو المصلحة. إذا افترضنا أن الراجل الكبير قرر منح مكافأة لهؤلاء العاملين في الإدارة المغمورة وهو ما يحدث مرة في العام الواحد ان لم يكن كل عدة أعوام، المهم يتم اعداد الكشف باسماء العاملين في الإدارة المغمورة ليدخل إلي مكتب الرجل الكبير ينضم إليه جميع أعضاء مكتبه ثم إلي مكتب وكيل أول الوزارة مثلا أو السكرتير العام ان كانت محافظة لينضم الموظفون العاملون معه وإلي مكتب السكرتير العام المساعد ومدير عام الشئون المالية لينضم إلي الكشف كل العاملين بهذه القطاعات. واذا افترضنا ان المسئول الكبير قرر مكافأة جميع الإدارات المغمورة مرة في العام فإذا كان عددها عشر ادارات فإن أصحاب كل ادارة سيحصلون علي مكافأة مرة في العام أما أولاد المحظوظة العاملون في مكاتب كبار القيادات يحصلون علي عشر مكافآت.. ده في نفس المحافظة أو الوزارة أو المصلحة التي عمل بها زميلان دفعة واحدة ومؤهل واحد وتاريخ تعيينهما نفس اليوم.. أحدهما يأكل الشهد والآخر يلقمونه الفتات. واذا جئنا إلي بيت القصيد وهو قانون الخدمة المدنية الجديد الذي تسبب في ثورة موظفي المالية والضرائب وربما الجمارك فإننا لا نلوم الذي أصدره ولا الذي ثار منتفضا ضده، الأول صاحب حق في أن تتحقق العدالة الاجتماعية ويتساوي الجميع والآخر صاحب حق أيضا وهو يري مساسا بمكتسباته المادية. الخلاصة أن المشرع أراد المساواة وبدلا من أن يمنح المظلومين في غياهب ودهاليز الدواودين الحكومية ما يجعلهم يتساوون مع اقرانهم المحظوظين ، سحب منهم امتيازاتهم المادية ليساويهم بالمظلومين وعلي رأي المثل «جه يكحلها عماها». رضا وعبدالقادر لم يعودوا جنوداً مجهولين.. هؤلاء الذين يطلق عليهم في صالة تحرير أي جريدة سكرتارية التحرير الفنية.. باعتبار ان الواحد منهم يرسم صفحة الجريدة تلو اخري يجذب بها القارئ.. ويحدد بصمته الاخراجية التي تخدم الموضوع.. خرج منها مبدعون جمعوا بين الابداع في الاخراج الصحفي وامتلكوا ناصية الكتابة وصاروا من الكتاب الصحفيين الذين يشار اليهم بالبنان، نذكر منهم عمنا الراحل سعيد اسماعيل الذي ظل حتي الثمانين من عمره عندما وافته المنية ممسكا بقلمه متحريا الدقة والالتزام فيما يقدمه لقرائه. بينهم من هم علي قيد الحياة وندعو الله ان يمد في اعمارهم مثل الاستاذين عبدالنبي عبدالباري وجلال عارف . أما الزميلان عبدالقادر محمد علي ورضا محمود.. الاول اطل علينا في صالة تحرير الأخبار الثلاثاء الماضي بعد غياب 18 يوما لم يحدث أن غاب مثلها طوال سنوات عمره في الأخبار، عصر الجمعة 24 يوليو الماضي فاجأت عم عبده كما نناديه جميعا في الأخبار وعكة صحية نقله علي اثرها نجله د. شريف الي مستشفي الجلاء العسكري، لا اذيع سرا عندما اقول ان حالة عم عبده وصلت الي درجة من الخطورة التي استدعت فريقا طبيا متكاملا من الضباط والذين لم يتوانوا في التواجد حتي الساعات الاولي من الصباح لإجراء جراحة لانقاذه بعد ان كان يفصل بينه وبين الموت والعياذ بالله دقائق معدودة. واذا كنا ضربنا بالراحل سعيد اسماعيل مثالا في الانضباط والالتزام فإن ما فعله عم عبدالقادر يتفوق علي الأقدمين والأحدثين في ذلك.. حرص عم عبده وهو في هذه الحالة علي الاشارة إلي أبنه د.شريف ليطلبني من تليفونه مبلغا اياي بحالته المرضية التي قد تمنعه من التزامه اليومي بعموده «صباح النعناع»، لولا تلك المكالمة ما عرفنا انه في المستشفي وحالته خطيرة توجهنا علي الفور والزميلان محيي عبدالغفار وعادل دربالة وعلي رأسنا ياسر رزق رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير وقرينته الزميلة أماني ضرغام بصحبة نجلهما الشاب عمر إلي المستشفي ومكثنا حتي خروجه من غرفة العمليات وعرفنا من مناقشات رئيس التحرير مع طاقم الأطباء أن معجزة إلهية ساهمت في التدخل العاجل لإجراء الجراحة بعد أن اصبح مجري التنفس شبه مغلق. المهم أن عم عبده الذي ظل غير قادر علي الكلام لأكثر من عشرة أيام ما صدق أنه خرج من المستشفي ليمكث في البيت أياما معدودة ورأسه وألف سيف يروح الشغل. المقربون منه اعتبروا قراره دربا من الجنون، أما الذين يعرفون عم عبده فهم علي ثقة أن حياته هي الجريدة والعمل والالتزام، وهي بالنسبة له كالماء بالنسبة للسمك وكما لا يستطيع السمك الخروج من الماء حتي يظل حيا فعم عبده لا يستطيع أن يخرج من الجريدة أكثر من الأيام التي خرجها واشرقت صالة تحرير «الأخبار» بطلته التي ندعو الله ألا يحرمنا منها. علي الجانب الآخر من العملة عملة الالتزام والوفاء يقبع الزميل رضا محمود في مستشفي الزراعيين بالدقي في مرحلة جديدة للعلاج من المرض الخبيث الذي اكتشفه الأطباء منذ عام .. بدأ بجلسات كيماوي واشعاع وجراحة وخلال التسعة الاشهر الاولي كان احيانا يحضر الي الجريدة قادما من احدي الجلسات ولا يتواني في ان يقدم عصارة تجاربه وخبرته في التخطيط لصفحاتها والمساهمة في تطويرها علي يد العبقري ياسر رزق. لم يجد رضا حرجا في شرح حالته في مقاله الاسبوعي الذي ينشر يوم الخميس بالصفحة العاشرة بعنوان «ورزقي علي الله»، قدم للقارئ نصائحه وتجربته مع المرض والعلاج وتلقي مئات الاتصالات التي ارادت ان تطمئن عليه او ان تستفر منه عن شيء يتعلق بسرطان المستقيم الذي اصيب به.يرقد رضا محمود الان في المستشفي ولا يشغله الا الامتثال لقضاء الله وتري في عينيه وملامح وجهه الرضا بما قدره المولي سبحانه ويأتي صوته واهنا وهو يعتذر عن عدم استطاعته كتابة مقاله الاسبوعي وتأتي كلماتي تهون عليه وألجأ الي الدعاء في صلاتي ان يزيح الله عنه الهم والغم وان يشفيه سبحانه نعم المولي ونعم النصير. هؤلاء بعض ممن كنا نطلق عليهم الجنود المجهولين وهي مقولة تحطمت علي ايدي الذين جمعوا بين الابداع في اخراج صفحات الجريدة والابداع في الكتابة الصحفية وحققوا الشهرة في العلنية علي عكس النجاح الذي ينعكس علي خطوط الجريدة والقالب الذي يتم به إخراج الموضوعات ولا يعرف احد من القراء صاحبه.