كل المؤشرات تؤكد أن العملية البرية في اليمن قد اقتربت وأن موافقة مجلس الأمن الدولي علي مشروع القرار العربي بشأن اليمن- والذي يفرض حظرًا علي توريد الأسلحة للحوثيين وقوات الموالية علي عبد الله صالح - تمهد الطريق لهذا القرار وان الضربات الجوية لعملية عاصفة الحزم التي تقودها السعودية لن تستطيع بمفردها وقف تقدم الحوثيين ميدانياً كما يحدث الان تتباين آراء الخبراء حول إمكانية التدخل البري في اليمن, فهناك من يري اهمية المشاركة بقوات خاصة للقيام بعمليات نوعية وتجنب المناطق الجبلية, وآخرين شددوا علي أن طبيعة اليمن الجغرافية تمثل عائقًا امام فكرة التدخل البري من الاساس, مرجحين تفوق الحوثيين وقوات علي عبدالله صالح اذا نشبت مواجهات مباشرة بين الطرفين ومع تردد انباء عن وصول قوات برية إلي عدن يري فريق ثالث ان التركيز علي الانتشار سيكون في النقاط القريبة من السواحل اليمنية لحماية مدينة عدن ومضيق باب المندب. جيمس ماركس, محلل الشؤون العسكرية لشبكة سي ان ان يري أن الضربات الجوية قادرة علي احتواء هجوم الحوثيين ودفعه إلي التحول للدفاع, ولكنها ليست الحل النهائي الذي يتيح السيطرة الميدانية لعدم وجود قوات برية علي الأرض. وأضاف أن السعودية ستضطر إلي التدخل البري ضد الحوثيين وحلفائهم في حالة عدم تمكنها من إعادة الرئيس هادي إلي صنعاء عبر الحملة الجوية وحدها. ويري ماركس ان التدخل البري الذي ستقوده السعودية سيؤدي إلي زيادة الدور الامريكي في المعارك الدائرة باليمن خاصة وانها تقوم بدور كبير حاليا مع السعودية في هذه الحرب من خلال توفير المعلومات الاستخبارية والمساعدات اللوجستية, والمعدات العسكرية. ويري الخبراء ان عملية التدخل البري في اليمن أصبحت وشيكة وان مشاركة مصر في عملية برية باليمن ضمن عاصفة الحزم السعودية علي معاقل الحوثيين باتت وشيكة ايضا وهو ما تم الإعلان عنه مؤخرا إثر قيام السعودية ومصر بتشكيل لجنة عسكرية مشتركة لبحث تنفيذ مناورة استراتيجية كبري علي أراضي السعودية, بمشاركة قوة عربية مشتركة تضم قوات من مصر والسعودية ودول الخليج. ايضا التصريحات التي أدلي بها العميد الركن أحمد عسيري المتحدث باسم قوات عاصفة الحزم بخصوص العملية البرية في اليمن, أفاد فيها للمرة الأولي بأن كل الدول المشاركة في عاصفة الحزم, ملزمة بالمشاركة في الحملة البرية حال بدئها. مبررات الحرب البرية عدم استطاعة العمليات العسكرية الجوية والبحرية التي تشنها قوات التحالف ضد الحوثيين حسم موازين القوي لصالحها. تزايد حدة الاشتباكات علي الحدود السعودية اليمنية وتمكن الحوثيين وقوات صالح من التغلغل أكثر داخل مدن الجنوب. رفض السعودية تمدد إيران علي حدودها الجنوبية كما حدث علي حدودها الشمالية في العراق خاصة وان المعركة الدائرة حاليا ستحدد دور السعودية الاقليمي في الشرق الأوسط في مواجهة إيران.ولذلك فالسعودية مضطرة إلي تبني موقف أكثر حزمًا لوقف طموحات إيران التوسعية ليس فقط في اليمن لكن ايضا في العراق, وسوريا, ولبنان والبحرين ولهذا فان الفشل(لا قدر الله) في هذه الحرب سيعوق قدرتها علي إقناع حلفائها وجيرانها بالانضمام إلي مشاريعها المستقبلية. صعود نفوذ طهران حليفة الحوثيين بعد التوقيع علي الإتفاق الإطاري النووي مع الدول الغربية, وهو ما يجعل هذه الحرب إقليمية بشكل غير مباشر ، ويرجح وجهة النظر التي تري ان انتصار قوات التحالف في مواجهة الحوثيين يعد ضرورة وليس خيارا لأن البديل المطروح له هو الفوضي الإقليمية او تسلط ايران علي المنطقة. مخاطر ومخاوف وتتمثل اول المخاوف في الصراع الدائر في ان تتحول الحرب الحالية بين قوات التحالف والحوثيين إلي معارك استنزاف طويلة الأمد بعد نجاح الحوثيين في بناء شبكة من التحالفات الداخلية والحزبية مكنتهم من إحكام سيطرتهم علي المنشآت الحيوية والأجهزة الأمنية والألوية العسكرية. وبالتالي, فإن أولي خطوات تقليص القوة العسكرية تتمثل في تفكيك الارتباط بين الطرفين المتحالفين والتفكير الجدي في جدوي وتكلفة خيار التدخل البري. فرغم ان هدف العملية العسكرية التي يقودها التحالف العربي تكبيد قوات الحوثيين وقوات صالح خسائر جسيمة ودفعهم إلي قبول المبادرة الخليجية الا أن هذه العمليات تحمل مجازفة تهدد باتساع نطاقها لتصبح حربا بالوكالة ضد ايران, الا ان الخبراء يحذرون من وصول النزاع إلي السعودية نفسها مما يعني اتساع الحرب إلي كل الشرق الأوسط. في الوقت نفسه فهي حرب غير محسومة النتائج لان القبائل في اليمن هم رمانة الميزان السياسي ولكن المصالح هي من تحكم مواقفهم تجاه الطرف الذين ينحازون إليه فقد يتحالفون فجأة مع علي عبدالله صالح والحوثيين وبالتالي يرجحون كفتهم علي الارض وفي هذا الصدد يؤكد تقرير ل وول ستريت جورنال ان الهدف الأكثر تواضعاً وهو إجبار الحوثيين علي الانسحاب من الجنوب والعودة إلي الجبال, الا ان ذلك لا يمكن أن يحدث الا عبر حرب طويلة قد تستمر لأكثر من عام لأن المعركة علي الأرض ستكون شرسة جدًا, خاصة أن قوات الحوثيين تمتلك قدرات قتالية عالية. خيارات أخري وتبقي تساؤلات يطرحها البعض حول امكانية تفادي الحرب البرية من خلال تسليح الجنوبيين أو قبائل الجنوب والشمال وتجنيدهم للوقوف ضد صالح والحوثيين معاً, أو يتم التدخل البري ولكن ليس في شمال اليمن إنما في الجنوب دفاعاً عن عدن, في عمليات سريعة محدودة مع ضرورة تدخل اطراف ثالثة مثل سلطنة عمان ودول اخري في المنطقة للتوصل إلي تهدئة ميدانية تمهد الطريق لتسوية مستقبلية.