لاعيب في العمل بجمع القمامة، فهي مهنة شريفة يحتاجها المجتمع بنفس القدر الذي يحتاج إلي أي مهنة أخري، ولكن تبقي المأساة في هذا العالم هي عمل الصغار في جمع القمامة، سواء لان وجودهم غير مرغوب فيه بين تلال القمامة، أو وفق حقوق الطفل الذي نلتزم بها في القوانين الدولية والمحلية. فتحوا أعينهم علي ذلك العمل فهو مهنة الاجداد والاباء ومصدر الرزق الوحيد لتوفير لقمة العيش.. يستيقظون في الصباح المبكر. يعملون اكثر من عشر ساعات يوميا في نبش اكوام القمامة للبحث عن اي مخلفات صالحة للتدوير مرة اخري ويقومون بوضعها في اجولة كبيرة الحجم وثقيلة الوزن لتوصيلها إلي المتعهد.. انهم اطفال النباشين الذين قرر اباؤهم دخولهم عالم القمامة من اجل كسب المال ليخلعوا معه ثوب البراءة وتضيع معه متعة وجمال طفولتهم لتصبح من الماضي لا يعرفون شيئا غير مكتوب عن التعليم والمدارس الذي هو حق اصيل لكل طفل في مقتبل العمر وارتبطوا بعقد مع الزبالة والروائح العفنة واعتبروها الدجاجة التي تبيض ذهبا لتصبح مقالب القمامة كل عمالهم ومصدر رزقهم. وفي الوقت الذي رفض فيه أحد هؤلاء الأطفال الذين وجدناهم في منطقة دار السلام الكلام حكي لنا الطفل روماني وعمره لا يتعدي ال12 عاما بمنطقة منشية ناصر حكاياته فقد تركه والده يعمل في مهنة القمامة علي طريق الاوتوستراد.. يقوم بجمع اكياس البلاستيك من احد اكوام القمامة التي تعد مصدر رزقه بعد ان تركه له الآخرون فارغا، ليبدأ من حيث انتهي الآخرون منهيا بذلك حلمه وحقه في التعليم والمعرفة والذي يتمتع به من هم في عمره، من اجل حفنة من الجنيهات. يبدأ يوم روماني بالاستيقاظ في الصباح الباكر والمرور علي اكوام القمامة في مختلف الطرق والميادين يغوص فيها لساعات طويلة لعله يلتقط شيئا من هنا أو هناك، يصلح للبيع أو للاستخدام، أو حتي للأكل، ولا يعلم مخاطر هذا العمل الذي قد يؤدي إلي اصابته بفيروس الكبد، الربو، السل، وكلها الامراض الاكثر استيطانا داخل تلال القمامة. يظل روماني ينتقل بين تلال القمامة المختلفة حتي غروب الشمس لينجز ما طلبه أبوه منه حتي تأتي العربة التي تحمل ما تم جمعه من المواد الصالحة للتدوير. ويعود بعد اليوم الشاق إلي منزله ليأكل ثم ينام ويستيقظ في كل يوم ليكرر نفس القصة.. ويعيش صورة طبق الاصل من حياة الكثير من الصغار مع المرار.