وسط آلاف الفتاوي العشوائية التي تتداولها الفضائيات ومواقع الإنترنت تظل دار الإفتاء حائط صد منيعاً في وجه الشيوخ «المزعومين».. تعتبر فتاواها انعكاساً للتغيرات التي حدثت في المجتمع لأن موضوعاتها تعبر عما يشغل بال مواطنيه.. كما أن الفتاوي الشفاهية تحديداً توفر قدراً أكبر من الإحساس بنبض الشارع لأنها تقوم علي اللقاء المباشر. ويؤكد الدكتور عويضة عثمان مدير إدارة الفتوي الشفوية بدار الإفتاء أن إدارته تصدر ما يتراوح بين 7 أو 8 آلاف فتوي شهرياً، ويتهم الانترنت بالتسبب في حالة وسوسة، فالبعض يستسهلون اللجوء للشيخ «جوجل» معتقدين أنه يقدم فتاوي «دليفري» وأن كل شيء متوافر عليه.. لكن اللاجئين له يفاجأون بفتاوي متضاربة تجعلهم يتخذون قرارات متخبطة، وبعد أن تشتد الأزمة يضطر بعضهم للجوء إلي إدارة الفتوي التي تبدأ مهمة صعبة لإصلاح ما أفسده الإنترنت.. وينصح الجميع باستقاء العلم من منابعه الأساسية وهي الهيئات الإسلامية المعتمدة كدار الإفتاء ومجمع البحوث الإسلامية والأزهر الشريف، خاصة أن الدار تعد برامج توعية منها برنامج لتهيئة المقبلين علي الزواج للحد من مشاكل الطلاق التي ملأت المحاكم واكتظت بها لجان الإفتاء. ويشير إلي أن أكثر المشاكل التي تدور حولها الفتاوي الشفوية تدور حول الطلاق والنفقات الزوجية ومسائل الرضاعة.. ويؤكد الدكتور عويضة أن هناك أسئلة لا علاقة لها بالفتوي بل تحتاج إلي «حاوي» وليس لشيخ متخصص في الدين، منها: «حماتي تزعق لي.. دا عايزني أخدم اخته.. جوزي بيضربني.. وغيرها». ويضيف أن الناس تعلمت مؤخراً الجرأة علي كل شيء، فقد زاد التسيب في ألفاظ الطلاق، وأصبح الكثيرون أكثر جرأة علي الدماء وخراب البيوت.. ويوضح أن الإدارة تتعامل مع هذا بطريقتها. ويقول: لا يقتصر دورنا علي الفتوي فقط فنحن نعطي دروساً في الأخلاق، بل عندما يأتيني الرجل ويقول: أنا قلت لمراتي كذا.. لا أقول له عليك أن تخرج كفارة فقط.. بل أعطيه درساً في الأخلاق وأعلمه كيف يعامل الزوجة وكيف يعاشرها بالمعروف، وكيف هي تحسن إليه، لأننا مقتنعون أن أكبر مهمة ملقاة علي عاتق المفتي ليست الفتوي فقط رغم أهميتها، بل نحاول الربط بين المستفتي وأخلاق الدين. وعن الاستفسارات التي أشعرته بالحزن يقول: تلك التي تتعلق بالجفاء وسوء فهم الدين، جاءني أب يشكو من أن ابنه يريد أن يسافر للجهاد في سوريا ويترك والديه، والولد لم يستجب لمنع والديه له، وهو يعتقد أنهما يمنعانه من أمر سوف يدخله الجنة.. وهو فهم مستمد من قراءاته للمواقع الالكترونية حول الجهاد وأنه فرض عين فنوضح له أن هذا خطأ كبير ونعلمه ما هو في الإسلام؟ وأن الجهاد مش واحد بيطلع كده.. لا هو الآن له نظام وله ولي أمر يتم القتال تحت إمرته وله هيئات معينة، مش اني أسيب الكلية بتاعتي واروح أقول أنا هروح اجاهد في سبيل الله.. لا هناك جيوش مدربة لهذا والجيوش دي بتتحرك بإذن ولي الأمر مش اني اروح طالع انا مع واحد صاحبي، يلا نروح نجاهد في سوريا يلا نروح نجاهد في العراق ونفهمه ان النبي حث علي طاعة الوالدين وإن الجهاد فيهما له أجر يفوق الجهاد الذي يعني القتال.