الزيديون هم شيعة اليمن، ويسمون بهذا الاسم نسبة إلي زيد بن علي زين العابدين بن الحسين رضي الله عنه.. ولد زيد حوالي عام 80 للهجرة،وعاش حياة قصيرة لاتزيد عن اثنين وأربعين عاماً.لكن آراءه كانت تخالف الكثير من آراء الشيعة. وقبل أن نتحدث عن آرائه لابد أن نتحدث عن تعليمه، فقد تتلمذ علي يد واصل بن عطاء أحد أئمة المعتزلة، والمعتزلة في جملة واحدة هم أنصار العقل في الإسلام، لذلك كان من الطبيعي أن يختلف زيد عمن سواه. ومما يخالف فيه الشيعة مبدأ يقول ب "ضرورة تعيين الإمام لمن يليه،والنص عليه صراحة". فقد كان زيد يري جواز أن يكون كل فاطمي عالم، زاهد،شجاع، سخي، إماماً.لكنه وضع شرطاً لم يقل به أحد من أئمة الشيعة قبله، وهو أن الإمام لا يكون إماماً إلا إذا خرج بالسيف. حتي قال له مخالفوه يوماً "علي مقتضي مذهبك والدك ليس بإمام؛ فإنه لم يخرج قط ولاتعرض للخروج". ولاشك أن مخالفيه كانوا علي حق، بل يمكن أن نضيف إليهم أن والده "علي زين العابدين" عاش عمره مبتعداً عن السياسة،مفضلاً الاشتغال بالعلم. كما أن أخاه "محمد الباقر" أيضاً لم يخرج بالسيف. علي أي حال فإن شرط الخروج بالسيف يمكن أن يفسر لنا سبب خروج الحوثيين بالسلاح ومحاربة الدولة في عهد علي عبد الله صالح،والاستيلاء علي غالبية الدولة في الأيام الأخيرة.. وقد خرج زيد بن علي بالسيف، وقتل، وصلب، لكن فكرة الخروج بالسيف لم تمت رغم أن كل من خرج علي الدولة من خلفائه قد قتلوا.. ومن القواعد التي كسرها زيد،قاعدة تسلسل الإمامة في أبناء الحسين دون أبناء الحسن،فأجاز أن تكون لأي واحد من أبناء الحسن أو الحسين تتوفر فيه شروط الإمامة.. رفض أيضاً فكرة المهدية التي تقول بأن الإمام لايموت بل يغيب ليعود في آخر الزمان ويملأ الدنيا قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً. ورفض فكرة امتلاك الأئمة للعلم السري،وأنهم يولدون عالمين به.كما رفض فكرة عصمة الأئمة،ونظرإلي الأئمة باعتبارهم بشراً يخطئون ويصيبون.. المهم في هذا أن بقية الشيعة كانوا لايوافقون علي ما تذهب إليه الزيدية. بعد مقتل زيد انقسمت الزيدية إلي ثلاث فرق،هي : - الجارودية. - السليمانية. - البُتْرية وتهمنا هنا فرقة الجارودية بالذات، حيث يري المراقبون لفكر الحوثيين أنهم ينتمون لهذه الفرقة. تسمي هذه الفرقة بهذا الاسم نسبة إلي أبي الجارود زياد بن أبي زياد.وقد سَمي الإمام الباقر هذا الرجل "سُرْحُوب" والسرحوب "شيطان أعمي يسكن البحر"وقد خرج هذا الرجل علي تعاليم زيد خروجاً شديداً،ووصلت به القحة حداً جعله يلمز أئمة أهل البيت الذين لم يخرجوا بالسيف أمثال جعفر الصادق ومحمد الباقر.والأخطر أنه كفر أبا بكر وعمر وعثمان،بل كفر الناس بتركهم الاقتداء بالحسن والحسين بعد أبيهما.وقال بكل الأفكار التي رفضها زيد.مثل العلم الخاص بالأئمة،والمهدية، وخلود الإمام،لكنه أضاف فكرة جديدة هي فكرة أن الإمامة شوري في أبناء الحسن والحسين معاً.وهذه فكرة يرفضها بقية الشيعة لإيمانهم أن الإمامة في أبناء الحسين وحده.. هذه الأفكار التي قالت بها الجارودية قربتها من الفرق الإمامية،ولم يعد بينها وبين الفكر الزيدي إلا الاسم تقريباً. أما الحوثيون هم أتباع حسين الحوثي وخلفائه. وقد ظهر فيهم فقيه يسمي بدر الدين الحوثي سافرإلي طهران عدة سنوات وتعلم هناك وتأثر بفكر الخوميني،وعاد ليكون همزة الوصل بين الحوثيين وإيران.ورغم أن الحوثيين ينكرون صلتهم بإيران إلا أن الأفكار الجارودية تلاقت مع فكر الشيعة في إيران، وهذا سر ما يحدث الآن في اليمن.