علاقتي بنور الشريف ليست علاقة كاتبة بفنان وأسرته ولكنها علاقة شديدة الانسانية شديدة العمق فأنا دائما كنت أشعر أنه ابني وأن بوسي ايضا ابنتي وأن سارة ومي حفيدتاي كنا دائما نلتقي إما عندي أو عندهم وأشعر بالسعادة وأنا اسمع ضحكة بوسي الشديدة البراءة المغرقة في الطبيعية والتي تصل لشغاف القلب. وكما الحياة دائما تلهينا عن اعز الناس أحيانا وتقربنا منهم أحيانا أخري. قصرت مع نور وبوسي في هذه المحنة!! وحينما مرض نور الشريف كنت أمر ايضا بمحنة مرضية أوصلتني لاكتئاب حاد لدرجة النوم بكثرة وعدم مغادرة الفراش حتي لباقي حجرات البيت عكس عادتي التي كنت أغادر فورا فور استيقاظي وأنزل الي حديقة البيت الصغيرة أو اخرج الي الشارع. اصبحت امضي الوقت كله في حجرة نومي لدرجة أنني عندما قرأت عن مرض نور الشريف فكرت أن أسأل عليه ولكني منعت نفسي حتي لا أنقل إليه اكتئابي. وكانت صورة مختلفة ربما لأنني لم أره من مدة أحسست أنه «كبر» بعض الشيء وربما لأنني لم أره بالتدريج حتي ألاحظ التغيير. اصابتي الهلع حينما علمت بسفره لأن نور الشريف من النوع الحمول والقوي لا يرتمي في حضن المأساة أبدا وبرغم هلعي وضيق صدري وخوفي.. لم أسأل ولم أتصل حتي لا أوصل له حالتي خصوصا أن الاكتئاب قد تملكني تماما وكنت كلما بدأت كتابة مقالي أشطبه وأبدأ من جديد وهي عادة كانت عندي عند البدايات في الخمسينيات وكنت قد تركتها من مدة وأصبحت الكتابة عندي مدعاة لسعادتي حيث مهما كنت في حالة نفسية سيئة طالما امسكت بالقلم يجري بالكلمات وتخرج العبارات كما أريدها تماما وكثيرا ما أعجبت بما اكتب. ولأن نور في نني العين والقلب مني فقد أحسست أني لو تكلمت فسوف يشعر بما يعتريني وربما انعكس ذلك علي حالته. خفت أن انقل اليه اكتئابي وكلما زادت المدة وعدم السؤال أحسست بأن الخجل يعتريني لاحساسي بالتقصير ليس مع فنان عظيم تأخذ أعماله العقل والقلب ولكن لإحساسي أنه ابني فعلا. وها أنا أمسك بالقلم بعد أن سيطرت علي السعادة والفرحة بعودة نور وبوسي الي عشهما والذي اعتقد أن الذي حدث كان حسدا بلا جدال والحسد موجود في القرآن.. ورب ضارة نافعة.. ربما كانت الأزمة المرضية هي المركب الرومانسي الذي اعاد الحياة وجعل الدماء تجري من جديد في جنبات القلوب فعادت الحياة.. وامسكوا الخشب من جديد فإن نور وبوسي ممن تعشقهم العين فعلا. واقول لحفيدتي الحبيبتين سارة ومي.. حمدا لله علي سلامة بابا وحمداالله علي سلامة العش الجميل وعودة نور قلب القلب وبوسي نني العين الي بيتهما الجميل وكما يقول المثل رب ضارة نافعة ولعل البخور واجب هذه الأيام ودمتم لي دائما من القلب والدعاء الدائم لكم بلم الشمل والسعادة.