وسط زحام المارة وقف بجانب مرجيحته البسيطة يبحث عن طفل، يستقبل زبائنه بابتسامة عريضة ، يساعدهم بشهامة سخية علي الاستمتاع بلعبتهم ، يتنقل بأرجوحته من مكان لآخر حسب الموالد التي يعلو صيته فيها ، جنيه واحد يمنحك متعة الطير في الهواء ،يغني الأطفال البسطاء عن الذهاب إلي كبري الملاهي التي قد لا تؤهلهم امكانياتهم المادية للاستمتاع فيها ،هو علي حسني طالب بالثانوية العامة وصاحب إحدي الأرجوحات بمنطقة الحسين عبر عن مهنته قائلا « انا راسم البهجة علي وجه اطفال « الغلابة « الذين ينتظرون الموالد بفارغ الصبر كي يستمتعوا فيها بأقل الجنيهات ، منذ ان فتحت عينيَ علي الدنيا ووجدت ابي يصطحبني معه في الموالد ومعنا المرجيحة التي اعتبرها صاحبة الفضل في تعليمي انا وإخوتي الصغار ، والآن بعد ان ضعفت صحة والدي أصبحت أمارس عمله بمفردي وإلا سنموت جوعا ، وذلك بالتوفيق مابين دراستي ووقت التنقل بالمرجيحة ، فهي خصيصا من اكثر مايعشق الأطفال ولكنها قد تكون باهظة الثمن في الأماكن المخصصة لها اما مرجيحتي البسيطة فتمنحهم نفس الشعور الممتع بما يتناسب مع مصروف يدهم، ولذلك فالأطفال يحبونني كثيرا ويبحثون عني في الموالد ، مضيفا : مهنتي ليست ثابتة ومهدد في اي وقت من البلدية بإزالة اشيائي ،ومع ذلك فهي مصدر رزقي الوحيد الذي انتظر تحصيله بين مولد واخر ، فما نحصله في فترة الموالد هو ماننفق منه طوال العام ، ولا بديل لنا فإما ان نرضي بذلك او ان نترك انفسنا فريسة للبطالة التي غالبا ماتنتهي بعواقب غير محمودة ، موضحا : من يقرر العمل « بالمرجيحة المتنقلة « فعليه ان يحفظ جيدا فهرس الموالد المصرية بمواعيدها واماكنها وعدد ايامها وأن يستطيع التنقل بخفة من مكان لآخر ، فنحن لا نستطيع شحن الأرجوحة علي عربات النقل حيث ارتفاع التكاليف ، ولذلك نقوم بفكها إلي قطع وحملها علي عربات « الكارو» الأقل تكلفة بكثير من عربات النقل ، اما عن مواعيد الموالد وأماكنها فأصبحت اعرفها بديهيا وذلك بحكم خبرتي من العمل مع والدي ، مثل السيدة سكينة ، والسيدة نفيسة ، والرفاعي ،وسيدي علي ، والسيدة زينب ، والإمام الشافعي ، ثم صمت قليلا واستكمل « انا لا أكره مهنتي ولا اسخط من عملي فيها ولكنني اتمني ان اكمل تعليمي وأسلك مجالا بعيدا عن الشارع «ومرمطته .» . سحر شيبة