العلماء إن أعظم آية في كتاب الله تعالي «اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ...» وأجمع آية في كتاب الله للخير والشر «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ» وأكثر آية في كتاب الله تفويضاً «وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ» وأشد آية في كتاب الله رجاء «قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَي أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا».. ويقول العلماء في الآية «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ» إن الله عز وجل جمع الخير كله والشر كله في آية واحدة فو الله ما ترك العدل والإحسان من طاعة الله شيئاً إلا جمعه وأمر به ولا ترك الفحشاء والمنكر والبغي من معصية الله شيئاً إلا جمعه وزجر عنه. ويقول الله تعالي في كتابه «وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ» فهو سبحانه عرض علي الناس الهدي والشرائع والرسالات وأرسل لهم الرسل وأرسل عليهم الكتب فمن اختار الضلال وأعرض عن هدايات السماء تركه الله ضالاً متحيراً، ولا يضل إلا من اختار الضلال علي الهدي ومن يرغب في الحق وسارع إلي الإيمان واختار طريق الهداية يسَّر الله له طريق الهدي وشرح صدره للإسلام وهداه إلي الصراط المستقيم، فالله لا يهدي إلا من اختار الهدي ولا يضل إلا من اختار الضلال، والله لا يلزم الناس بالحق ولكن يعرضه عليهم وقد خلق فيهم العقل والإدراك والكسب والاختيار وبهذا يستحق كل إنسان جزاء كسبه وسعيه. ولهذا جاء في كتابه «ولتسألن عما كنتم تعملون» أي أن الله سيسأل جميع الناس سؤال محاسبة ومجازاة لا سؤال استفهام، ويترتب علي السؤال أن يكون الجزاء الحق من جنس العمل، وقال رسول الله لأبي ذر: «أخلص العمل فإن الناقد بصير وخفف ظهرك فإن العقبة كئود واستكثر الزاد فإن السفر بعيد والذي نفس محمد بيده لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون ولتحاسبن علي ما تعملون ولتجزون بالإحسان إحساناً وبالسوء سوءاً وإنها لجنة أبدا أو لنار أبدا». ويقول سبحانه وتعالي «إِنَّمَا عِندَ اللّهِ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ» أي أن ما يدخره الله في الآخرة من الجزاء ونعيم الجنة هو خير لكم من ذلك العرض القليل في الدنيا إن كنتم من العقول الراجحة والأفكار الثاقبة «مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ». فالحياة الدنيا فانية والآخرة باقية والدنيا كلها إلي زوال وفناء وإن طال الأمد وجل العدد وما في خزائن الله باق لا نفاد له.. ويقول رسول الله «صلي الله عليه وسلم» «يقول ابن آدم مالي مالي وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأبقيت» وفي الحديث الشريف أيضاً «إن الصدقة توضع في يد الله قبل أن توضع في يد السائل فينميها كما ينمي أحدكم فصيله». وروي عن الإمام أحمد عن عبدالله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال «هل تدرون أول من يدخل الجنة من خلق الله.. قالوا الله ورسوله أعلم. قال: أول من يدخل الجنة من خلق الله الفقراء والمهاجرون الذين تُسر بهم الثغور وتتقي بهم المكاره ويموت أحدهم وحاجته في صدره فلا يستطيع لها قضاء «فيقول الله عز وجل» لمن يشاء من ملائكته ائتوهم فحيوهم، فتقول الملائكة نحن سكان سمائك وخيرتك من خلقك أفتأمرنا أن نأتي هؤلاء فنسلم عليهم. قال إنهم كانوا عباداً يعبدوني لا يشركون بي شيئاً وتسر بهم الثغور وتتقي بهم المكاره ويموت أحدهم وحاجته في صدره فلا يستطيع لها قضاء.. ثم قال الرسول فتأتيهم الملائكة عند ذلك فيدخلون عليهم من كل باب.. سلام عليكم بما صبرتم».