لا أبالغ اذا قلت ان من اهم الاصدارات التي يقدمها مشروع مكتبة الاسرة في المعرض الحالي الاصدار الجديد لموسوعة سيناء العلمية الشاملة والتي يمكن ان نعتبرها تطبع لأول مرة، ولهذه الموسوعة قصة طويلة، بعد العدوان الثلاثي اصدر الرئيس جمال عبدالناصر تكليفا للمجلس الأعلي للعلوم التابع لرئاسة الجمهورية وقتئذ بعمل دراسة شاملة عن سيناء، كان ذلك في عام 1958، حتي ذلك الوقت لم يكن هناك إلا كتاب واحد شامل عن سيناء كتب في بداية القرن الماضي. نعوم شقير مدير المخابرات العسكرية تحت الاحتلال الانجليزي، وكانت سياسة الانجليز تقوم علي فصل شبه الجزيرة عن الوطن الأم، وللأسف استمر هذا الوضع بعد ثورة يوليو والاستقلال، حتي عام 1967 كان السفر إلي سيناء يحتاج إلي إذن خاص، وكان الجمرك في القنطرة شرق، وهذا خطأ فادح استمر مع الادارة الوطنية لان نقاط الجمرك لا تكون في الداخل إنما علي الحدود القصوي للدولة، اجتمع المجلس الاعلي للعلوم وقرر عمل دراسة علمية شاملة عن سيناء بواسطة اهم العقول العلمية في مصر، في عام 1960 صدرت الدراسة عن المجلس وطبعت في المطبعة الاميرية، غير ان المطبوع منها كان مائة نسخة فقط تم توزيعها علي الوزارات والمؤسسات الرئيسية في الدولة لتكون نواة لمشروع التنمية الشامل لسيناء الذي قرره جمال عبدالناصر والذي لم ينفذ منه شيء، قال لي اللواء محمد فؤاد حسين نائب مدير المخابرات الحربية في الثمانينيات الماضية انه قرأ هذه الموسوعة اثناء عمله، واثناء زيارته لإحدي المؤسسات التابعة لوزارة الثقافة فوجيء بالموسوعة موجودة في هذه الجهة وملقاة بإهمال، استعارها ولم يعدها إلي الجهة التي تعاملت معها بإهمال علي أمل ان تتاح الظروف لطباعتها، الحقيقة انني سمعت عن هذه الموسوعة منذ عقود واذكر انني رأيت نسخة منها اثناء عملي في الجبهة كمراسل حربي للأخبار، عندما علمت بوجودها لدي اللواء محمد فؤاد حسين اخبرت الدكتور فوزي فهمي وهو مثقف كبير، ويشرف علي مشروع مكتبة الاسرة الآن، قال كلمة واحدة «فورا»، وكان حماس الدكتور احمد مجاهد في مستوي المسئولية والوعي بأهمية صدور الموسوعة الآن بالتحديد، قام اللواء محمد فؤاد حسين بكتابة مقدمة تشرح ظروف اصدار الموسوعة، وخلال اسبوع واحد تم خلاله تجنيد امكانيات الهيئة المصرية العامة للكتاب اصبحت الموسوعة متاحة في طبعة جديدة من عشرة آلاف نسخة وبسعر زهيد، ثمانية جنيهات لا يساوي تكاليف الغلاف فقط، وطرحت في المعرض، الكتاب الموسوعي الآخر لنعوم شقير طبع عام 1906 في القرن الماضي، واعاد دير سانت كترين طباعته بالتصوير، وخلال زيارتي له بعد انسحاب الجيش الاسرائيلي مباشرة، واخيرا رأيت طبعة محدودة منه صدرت عن دار الكتب المصرية وآمل ان يصدر ايضا عن مكتبة الاسرة، للاسف المكتبة المصرية فقيرة جدا في الكتب الصادرة عن سيناء، اهمها تلك الموسوعة التي كتبها اكبر علماء مصر، كل في مجاله، مما ذكره اللواء محمد فؤاد حسين وأثار اساي، ان مشاريع التنمية التي اعدت لسيناء لم ينفذ منها الا ثلاثون في المائة فقط، واذكر ان اول من نبه إلي ضرورة تعمير سيناء كان الكاتب الكبير احمد بهاء الدين، كما اكد جمال حمدان في موسوعته «شخصية مصر» إلي خطورة الفراغ السيناوي والغربي، ولكن لا احد يقرأ، الموسوعة ماتزال صالحة كمنطلق نظري لتعمير سيناء رغم مرور خمسة وخمسين عاما علي صدورها، ولعلها بداية لتأسيس مكتبة عن سيناء تجني في وقت تحدق فيه الاخطار بهذه المنطقة الغالية من الوطن والتي قدمت مصر وماتزال الآلاف من اغلي ابنائها شهداء في الزود عنها، شكرا للجنة مكتبة الاسرة، وللهيئة العامة للكتاب رئيسها والسيدة رشا الفقي التي اشرفت علي اصدارها في وقت قياسي ولكل من أسهم، أما مضمون الموسوعة والتعريف به فله حديث.