بعد مرور أربع سنوات علي اندلاع ثورة 25 يناير 2011 مازال الجدل يتواصل بلا عائد ومازال البعض يحاول اللجوء إلي تباكي التماسيح بحجة عدم استكمال الثورة لمسيرتها علي حد قولهم. حول هذا الشأن لابد ان يتبادر إلي اذهان قطاعات كبيرة من الشعب المصري التساؤل عن اسباب ما صاحب هذه الثورة من كوارث ونكبات رغم ما استهدفته من انجازات. كل ماحدث كانت امورا لم يكن احد يتوقعها في ظل المباديء والآمال الرائعة التي احاطت بهذه الثورة وكانت مثار الانبهار العالمي. هنا لابد ان أقرر ان نظام حكم الرئيس الاسبق حسني مبارك في السنوات العشر الاخيرة كان العامل الاول وراء تحريك هذه الثورة. جري ذلك من خلال جوقة الفساد والمنتفعين التي بدأت في محاصرته بداية من 2002 وروجت لقضية التوريث التي لم تكن تلقي استجابة خاصة.. في البداية من الرئيس مبارك. وبمرور الوقت نجحت عملية الدفع بجمال مبارك إلي المعترك السياسي انتصارا لنغمة التوريث التي كانت تدعم هذا التوجه بنجاح الجوقة اياها في اجراء التغييرات الدستورية التي يمكن ان تسمح بذلك. لم يكن خافيا علي ضوء التطورات الجارية ان هذه الجماعة كانت وراء هذه التعديلات الدستورية التي كان قد نفي الرئيس مبارك لرؤساء تحرير الصحف القومية ان هناك نية للاقدام عليها. هذه الواقعة كانت وراء غضب جمال مبارك من رؤساء تحرير هذه الصحف الذين كانوا قد نشروا هذه التصريحات. فهددهم بانه سيمنع لقاءات الرئيس مبارك بهم. وهو ما حدث بالفعل . كان ذلك في بداية عام 2005 وتم تفعيل هذا التهديد بتنفيذ قانون الصحافة الذي يقضي بعدم تولي الصحفيين لمناصب قيادية بمؤسساتهم القومية بعد سن الستين. واستمرت الامور تسير علي وتيرة تصاعد نفوذ جماعة جمال مبارك بعد اسناد قيادتها إلي رجل الاعمال احمد عز الذي تحول إلي بعبع لكل سياسيي النظام. ادت هذه السيطرة السياسية المدعمة بالسيطرة الامنية الساحقة إلي السقوط في هوة الغرور التي تمثلت في تزوير انتخابات مجلس الشعب عام 2010. كان رد الفعل علي هذه العملية تصاعد الحديث عن الفساد السياسي. لتكون المحصلة ابعاد كل العناصر التي عرفت بالمعارضة ليصبح تشكيل مجلس الشعب كله تابعا للحزب الوطني. هذه الانتخابات كانت مبررا للتحرك الشبابي من خلال التواصل الاجتماعي حيث صاحبه تحرك العناصر المشبوهة والانتهازية التي كانت قد خضعت للاعداد والتدريب من جانب بعض القوي الاجنبية. في هذه الآونة تملكت الحيرة موقف جماعة الارهاب الاخواني التي كانت تحركاتها مرهونة بالتعليمات الامنية.. وهو ما انتهي الي عدم المشاركة في هذه الثورة التي تركزت مطالبها في الاصلاح من خلال رفع شعارات عيش حرية عدالة اجتماعية. في 25 يناير بدأت المظاهرات في ميدان التحرير.. الشيء المؤكد ان وسائل معالجة نظام مبارك لاحداثها اتسمت بعدم مواكبة متطلبات المواجهة وهو ما ادي إلي تطور الشعارات بعد تضخم التجمعات إلي المطالبة بالعزل. في هذه المرحلة وبعد هذا التطور الايجابي للثورة وانهيار جهاز الشرطة تعدل موقف جماعة الاخوان إلي التدخل في اطار استراتيجية مدعومة داخليا وخارجيا تستهدف السطو علي الثورة، كان سلاحهم في ذلك إشعال الغضب الشعبي من خلال ربط الثورة بعمليات سفك الدماء التي سيكشف التاريخ ان عناصرها هم الذين اضطلعوا بهذه المهمة. وسقط نظام مبارك ولم تكن ثورة الشباب العامل الحاسم فيها وانما كان وراء ذلك موقف القوات المسلحة برئاسة المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري الذي اخذ صف الثورة. هذا المجلس العسكري نفسه وخلال فترة توليه مسئولية ادارة شئون مصر يعد المسئول عن فتح الطريق امام جماعة الاخوان لحكم مصر عندما استجاب بضعفه للضغوط من خلال اصدار اعلان دستوري يسمح بأن تكون انتخابات مجلس الشعب قبل اعداد الدستور. كان من نتيجة ذلك استثمار استعدادات الجماعة لهذه الانتخابات واستحواذها وانصارها علي الاغلبية في هذا المجلس الذي تولي اعداد الدستور المرسخ للحكم الاخواني. هذا الذي حدث والذي كشف عن تآمر وضيق افق سياسي وعدم فهم لطبيعة الشعب المصري الذي جري اخضاعه للابتزاز والارهاب ولكل الوسائل غير المشروعة.. لم يمنع صحوة هذا الشعب للمرة الثانية. هذه الصحوة تعاظمت في التحركات الشعبية التي احست بالمؤامرة لما تعرضت له الدولة المصرية واستهدف طمس هويتها وتدميرها .. هذه الصحوة تجسدت في ثورة 30 يونيو 2013 بملايينها الثلاثين الرافضة للحكم الاخواني. وبعد انضمام القوات المسلحة لهذه الثورة العارمة تم اسقاط نظام جماعة الارهاب الاخواني ومطاردته لاقتلاعه من جذوره. بقي ان يواصل الشعب تحركه بعد هذا الانتصار بالعمل والبذل والعطاء لاستكمال مسيرته نحو الحياة الديمقراطية الصحيحة وتحقيق التقدم والازدهار والحياة الكريمة لكل ابناء الوطن المصري.