رئيس الوزراء الاسرائيلى فرض نفسه على المسيرة ليقول : نحن هنا أينما وجد الإرهاب وجدت إسرائيل..حقيقة بسيطة ومعادلة صحيحة برهنتها سنوات طويلة من الصراع مع إسرائيل المحتلة التي تفننت في قتل وتشريد الملايين من العرب والمسلمين منذ الدقيقة الأولي لنشأتها الدموية، فأقامت كيانها علي أجساد الفلسطينيين عبر ذبحهم واقتلاعهم من أراضيهم. قد يبدو الأمر غريبا اليوم ونحن نشاهد بنيامين نتنياهو يتقدم الصفوف الأولي في مظاهرات باريس المنددة بالإرهاب وهو الإرهابي الأول والأخطر في العالم. وقد نتعجب من تصريحاته هو وحكومته تعليقا علي حوادث الارهاب في فرنسا ولكننا حقا لا نستبعد أن تكون إسرائيل هي من صنعت الحدث كي تخرج كل هذه التصريحات للنور التي تصف- زورا - الإسلام بالإرهاب كي تبرهن أنها دولة ديمقراطية كتب عليها أن تحارب الإرهاب الفلسطيني والعربي منذ سنوات!!. ورغم تصاعد الاتهامات لنتنياهو باستغلال حوادث فرنسا لأغراض انتخابية ورغبة الرئيس الفرنسي بعدم مشاركته في مسيرة باريس ضد الإرهاب منعا للمشاكل كان لمشهد تصدره للمسيرة أكثر من معني. فتش عن الموساد أحد السيناريوهات القوية التي ترددت عقب حادث الهجوم علي مجلة شارلي ايبدو كان اتهام الموساد بتدبير الهجوم الإرهابي انتقاما من فرنسا علي مواقفها الأخيرة المؤيدة للحق الفلسطيني في الأممالمتحدة. لأن ذلك لن يكون عقابا لفرنسا وحدها بل لكل أوروبا التي تجرأت دولها الكبري وبرلماناتها علي الاعتراف بالدولة الفلسطينية حتي لو كان اعترافا رمزيا. فأوروبا يجب أن تعود مجددا للحظيرة الإسرائيلية بعد أن حادت عن الطريق عندما أدانت بناء المستوطنات ونظمت حملة مقاطعة للبضائع الإسرائيلية التي تصنع في المستوطنات. كما يجب دفع الرأي العام الأوربي إلي التغيرخاصة بعد ان وضح انه كان مناهضا قويا للعدوان الإسرائيلي علي غزة وكان صوته أعلي من المعارضة العربية للعدوان الأخير. كل هذه الأحداث كانت تمثل هزيمة كبري للسياسة الإسرائيلية العام الماضي، لذا يجب أن تتغير هذا العام وليس هناك أنسب من تدبير حادث إرهابي شبيه بهجمات 11 سبتمبر في الدولة التي تضم أكبر جالية مسلمة في أوروبا كي تعود حملات الكراهية من جديد للإسلام والمسلمين. وقد كانت آخر حلقات الاستفزاز الفلسطيني لإسرائيل كفيلة بأن تتحرك إسرائيل قبل حلول موعد الأول من ابريل وهو تاريخ انضمام فلسطين لمحكمة جرائم الحرب الدولية التي ستحاكم القادة الإسرائيليين علي جرائمهم وذلك بعد أن فشلت خطوة إسرائيل بتجميد عائدات الضرائب للسلطة الفلسطينية والتي تبلغ نحو (127 مليون دولار) شهريا، الأمر الذي أسفر عن انتقادات واسعة لتل أبيب، من قبل الاتحاد الأوروبي. وليس هذا الطرح مجرد تحليل سياسي للمشهد وللسياسة الخارجية الفرنسية لعام 2014 التي تأكدت معاداتها لإسرائيل لكنه سيناريو نشرته عدد من الصحف العالمية عقب هجمات فرنسا حيث نشر موقع "إنترناشونال بيزنس تايمز" الأمريكي خبرا يتهم فيه جهاز الموساد الإسرائيلي، بالوقوف وراء الهجوم الذي شنه مسلحون علي مقر مجلة شارلي إيبدو وذلك بعد ساعتين فقط من الحادث وبعد سلسة من الضغوط التي تعرض لها الموقع قام بحذف الخبر بعد أن تناقلته أكثر من صحيفة ووسيلة إعلامية بل وقدم اعتذارا عن النشر. واتهمت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية الموقع الأمريكي بمعاداة السامية وأنهم ضمن مجموعة من المواقع الغربية التي تحاول توريط جهاز الموساد في قتل صحفيي مجلة شارلي إيبدو.وقالت الصحيفة الإسرائيلية إن هذه المواقع تكن عداوة لدولة اسرائيل وتختلق ذرائع لتوريط الموساد، مستغلة أن "البرلمان الفرنسي صوت لصالح فلسطين". ونركز هنا علي تعليق الصحيفة الإسرائيلية التي ربطت بين الاتهام والموقف الفرنسي من القضية الفلسطينية الذي تستغله إسرائيل الآن لتعيد الدفة كي تصب في مصلحتها من جديد وكأنها تؤنب فرنسا علي فعلتها الشنيعة سواء بالاعتراف البرلماني أو بموقفها في مجلس الأمن الداعم للحق الفلسطيني. بينما تحدثت تحليلات أخري عن تورط السي آي ايه ايضا في الحادث ومساعدته للموساد كي تعود فرنسا عن طريق العداء الذي رسمته بوقوفها في وجه امريكا وإسرائيل في هذه القضية. مما قد يجعلها مستقبلا تبتعد عن مسار التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا في التعامل مع كل القضايا الشائكة وأولاها الحرب في العراق وسوريا. ويبدو هذا السيناريو واقعيا إلي حد كبير فليست تفجيرات العصابات الصهيونية بشيء جديد فهي الطريقة المضمونة التي اتبعتها الدولة الصهيونية منذ الأربعينيات لإجبار اليهود علي الهجرة إلي فلسطين. وكانت الهجمات تنفذ في معابد يهودية ومناطق تجمعاتهم لإسقاط اكبر عدد من القتلي كي تصور لليهود أنهم في خطر وأنهم مضطهدون وان إسرائيل هي المكان الآمن الوحيد في العالم الذي يستطيعون العيش فيه بسلام. يهود فرنسا نعود إلي نتنياهو وسياسته الفعالة للاصطياد في الماء العكر فرئيس الوزراء الإسرائيلي لم يدخر وقتا وأصدر تصريحاته النارية عقب حادثة الرهائن في المتجر اليهودي التي قتل فيها 4 يهود وأعلن ان إسرائيل يداها مفتوحتان ليهود فرنسا وأنه في طريقه لمشاركة زعماء العالم المظاهرة المنددة ب"الإرهاب الإسلامي"الذي يحاربه من سنوات. وأخذ معه وزيري اليمين المتطرف أفيجدور ليبرمان ونفتالي بينيت اللذين لم يفوتا الفرصة لسب الإسلام والمسلمين باعتبارهما المصدر الأول للإرهاب. في حين امتلأت الصحف الإسرائيلية بالتحليلات التي تتهم أوروبا بالفشل في فهم التهديد العالمي الذي يمثله التطرف الإسلامي وكيف أن فرنسا فتحت يديها للإرهاب الإسلامي. وصرح وزير المالية يائير لابيد بأن اليهود يقتلون لأنهم يهود ودعا الأوروبيين ألا يضطروا إلي القيام بمساومات مع الإرهاب والعنصرية ومعاداة السامية. ودعا يهود أوروبا للرحيل إلي دولة إسرائيل لأنه المكان الوحيد الأمن ليهود العالم. حماس الإرهابية وكي تحقق الحادثة الاستفادة القصوي لإسرائيل كان بديهيا أن يربط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بين منفذي الهجوم علي شارلي إيبدو وبين حركة المقاومة الإسلامية «حماس» باعتبارها إحدي المنظمات الإسلامية المتطرفة في العالم وذلك خلال لقائه بالسفير الفرنسي باتريك ميزوناف في تل أبيب وكيف ان "الإسلام المتطرف يتحدي العالم أجمع" وكيف انه ذلك الفارس الشجاع الذي يخوض كفاحا ضد الإرهابيين منذ سنوات!! قال أن الإرهاب يحمل أسماء متنوعة (حماس ) و(داعش) و(القاعدة )و(حزب الله)، لكنهم يتشاركون في التطرف"المتعطش لسفك الدماء»، علي حد تعبيره. وقد أصدرت حركة حماس بيانا استنكرت فيه محاولات نتنياهو للربط بين الحركة ومقاومة الشعب الفلسطيني وبين الارهاب من جهة أخري وأن الحركة أدانت هجمات باريس مثلما فعلت كل المنظمات والدول العربية والإسلامية.. وأن إسرائيل تسعي لمنع تقديم جنرالاتها الذين ارتكبوا جرائم حرب عبر العصور للمحكمة بعد حصول فلسطين علي عضوية محكمة جرائم الحرب الدولية. ولكن في النهاية يبدو أن الاتجاه يسير نحو العداء للمسلمين والعرب وربما تتغير الدفة علي هوي إسرائيل ويتوقف كل تقدم سياسي احرزته فلسطين في العام الماضي ويقف الفلسطينيون مجددا ليدافعوا عن كفاحهم من اجل انهاء الاحتلال والتركيز علي اظهار الفرق الجوهري والشاسع بين مقاومة الاحتلال والعمليات الارهابية مثلما سيفعل كل المسلمين المطالبين الآن بالدفاع عن الاسلام باعتباره دين تسامح ومحبة وليس دين إرهاب.