احتشد مئات آلاف الأشخاص يوم أمس الأحد 11 يناير 2015 في تجمع غير مسبوق ورددوا وسط الدموع والابتسامات «شارلي.. شارلي!» في شوارع باريس التي أصبحت ليوم واحد «عاصمة العالم» ضد الإرهاب مع مسيرة تاريخية تقدمها قادة أجانب جنبا إلى جنب. وظهر الرئيس الفلسطيني محمود عباس في المسيرة على بعد أمتار من رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وتقدم القادة بصفوف متراصة وأمسك عدد منهم بأيدي بعضهم البعض. وشارك في المظاهرة، التي حشدت أكثر من مليون شخص، العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، وقرينته الملكة رانيا، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء التونسي مهدي جمعة. كما تقدم المظاهرة وزير خارجية الإمارات، عبد الله بن زايد، ووزراء خارجية مصر، والمغرب، والجزائر، بالإضافة إلى رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، والأمين العام للأمم المتحدة. . ولبى دعوة الرئيس الفرنسي أيضا كل من المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، والرئيس الأوكراني بترو بوروشينكو، ونظيره المالي إبراهيم أبو بكر كايتا، ورؤساء وزراء بريطانيا وإيطاليا وإسبانيا. ولا يبعد مكان المسيرة كثيرا عن مقر صحيفة شارلي إيبدو التي تعرضت لاعتداء الأربعاء أوقع في مكتبها وفي الشارع قبالته 12 قتيلا. كما قتل خمسة أشخاص في اعتداءات أخرى وقعت الخميس والجمعة. وقالت الملكة رانيا: إن وجودها والعاهل الأردني في باريس هو من أجل الوقوف مع شعب فرنسا في «ساعات حزنه الأشد» ومن أجل الوقوف «ضد التطرف بكل أشكاله». إدانات واتهام اسرائيل ونعى الدكتور محمد السيد إسماعيل رئيس المركز الإسلامي لعلماء من أجل الصحوة ضحايا ما اعتبرها مجزرة (شارلي إيبدو)، مشيرا إلى أنها جريمة ليس لها علاقة بالدين الإسلامي الحنيف. وأتهم "إسماعيل" في بيان له عبر البريد الالكتروني، الموساد الإسرائيلي بارتكاب الحادثة عقابا لفرنسا جراء اتجاهها لدولة فلسطين العربية، داعيا إلى التعاون بين المسلمين وأبناء الديانات الأخرى لرفع الوعي لتأسيس سلام واستقرار على مستوى العالم. استنكرت حركة "حماس" الهجوم الذي استهدف صحيفة "شارلي إيبدو" في باريس وأوقع 12 قتيلا الأربعاء الماضي. وقالت "حماس" إنها "تؤكد على موقفها المحدد من الأحداث الأخيرة في باريس، والمنسجم مع بيان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والذي استنكر ودان ما حدث من اعتداء على الصحيفة الفرنسية". وأوضحت الحركة أن "أي خلاف في الرأي والفكر ليس مبررا لقتل الأبرياء". واستنكرت "حماس" "المحاولات البائسة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للربط بين الحركة ومقاومة شعبنا من جهة، والإرهاب عبر العالم من جهة أخرى خاصة خلال لقائه الأخير مع السفير الفرنسي لدى إسرائيل". ودانت زوجة شريف كواشي أحد منفذي الهجوم الدامي على "شارلي إيبدو" "أعمال زوجها" حسب ما أفاد الأحد 11 يناير/ كانون الثاني لوكالة "فرانس برس" محاميها كريستيان سان باليه. عمل مدبر إلى ذلك أعتبر العديد من النشطاء السياسيين أن حادث صحيفة "شارلي إيبدو" كان عملا مدبرا لغرض سياسي معين كان يسعى له الرئيس الفرنسي، إلا أن رد فعل مسلمي العالم وخصوصا في فرنسا أجهض ذلك الغرض. وتداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر فيديو لأحد الصحفيات الناجيات من حادث الاعتداء على الصحيفة الفرنسية الشهيرة "تشارلي إيبدو" التي قامت بعمل رسومات مسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم بطريقة استفزت مشاعر المسلمين في أنحاء العالم. وأوضح الفيديو الذي نشرته القناة الثانية الفرنسية للصحيفة وكانت تقول فيه أن احد المعتدين كانت عيناه جميلتان ولونهما ازرق في حين أن السلطات الفرنسية اتهمت الإخوين "كواشي"، وعيناه خلافا لما ذكرته الصحيفة، وهو أمر اعتبره العديد من المحللين لغزا محيرا. وأظهر فيديو آخر أن العمل الإرهابي كان مسرحية متقنة، موضحا أن أحد الأشخاص في الفيديو ظهر وهو يطلق النار من مسافة قريبة على شرطي ملقى على الأرض دون أن يخرج منه قطرة دم واحدة، متوقعا أن يكون الرشاش فارغا. وأشار إلى أن هناك فيديو آخر نشره الموقع ذاته يظهر أن بعض الأشخاص يتواجدون على السطح حيث سماع مطلق الرصاص بالأسفل يصرخ "الله أكبر"، مبينا أن الرجال المتواجدين على الأسطح يلبسون سترة مضادة للرصاص، وهو ما يعني أن الأمر مرتب. انسحاب مغربي انسحب وزير الخارجية المغربي، صلاح الدين مزوار، من المسيرة المناهضة للإرهاب التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس، بسبب رفع رسوم مسيئة للإسلام للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، رفعها مشاركون متضامنون مع الصحيفة المعروفة بنقدها اللاذع للأديان. وقال بيان لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية، إن "الوفد المغربي لم يشارك في المسيرة المنظمة بباريس بسبب رفع رسوم كاريكاتورية مسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم". وكان المغرب قد أكد أنه سيشارك في المسيرة بوفد يرأسه وزير الخارجية، لكنه شدد على أنه لا يمكن لأي مسؤول مغربي أن يشارك في هذه المسيرة، في حال رفع رسوم كاريكاتورية مسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام. امتعاض فرنسي أفادت القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي في تقرير لها مساء أمس الأحد أن فرنسا طلبت من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عدم الحضور إلى باريس للمشاركة في المسيرة المليونية. وأوضحت القناة التلفزيونية الإسرائيلية أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند سعى لحصر مسيرة الجمهورية في باريس في طابعها التضامني الصرف مع بلاده والى عدم تحويلها إلى منصة لطرح مواضيع مختلف عليها على شاكلة العلاقات بين اليهود والمسلمين والصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وقال مصدر إسرائيلي رفيع، إن باريس وجهت الدعوة إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس نكاية برئيس الوزراء الإسرائيلي بعد أن علمت انه مصمم على الحضور إلى باريس. وقال ذات المصدر، أن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عبر عن امتعاضه من موقف نتنياهو بمغادرة التأبين الذي أقيم في الكنيس اليهودي المركزي في باريس الليلة الماضية قبيل بدء رئيس الوزراء الإسرائيلي بإلقاء كلمته. وشاركت إسرائيل بوفد أكبر من أي دولة أخرى في مسيرة الجمهورية أمس في باريس، فقد كان برفقة رئيس الوزراء الإسرائيلي كذلك وزير الخارجية ليبرمان ووزير الاقتصاد نفتالي بينيت وعضو الكنيست ايلي يشاي إلى جانب حاشية مؤلفة من عشرات الأشخاص. الإرهاب يجتمعون وعلى عكس الإعلام الرسمي العالمي الذي اعتبر إن فرنسا كانت يوم أمس الأحد عاصمة الحرية للعالم، أعتبرها العديد من النشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي، أنها كانت عاصمة لاجتماع زعماء الحرب والإرهاب في العالم. وقال النشطاء إن المظاهرات التي خرجت في فرنسا كانت تحمل شعارا وحدا وهو مناصرة الصحيفة الرائدة في إساءتها للعالم الإسلامي والنبي العظيم محمد، فضلا عن تواجد رئيس وزراء أكبر دولة إرهابية في العالم (إسرائيل)، وكبار من مسئولي ووزراء حكومته.. وانتقدوا الطريقة التي تضامن فيها العالم لمجموعة من رسامي الكاريكاتير المسيئة للإسلام، في الوقت الذي لم يتضامن فيها أي من تلك الشخصيات عند مقتل 2 مليون عراقي وأكثر من 200 ألف سوري، والآلاف من الفلسطينيين. قال آخر: من اجل 12 قتلوا.. قام العالم لينددوا ويدينوا ويعتذروا، ولكن هل اعتذرت فرنسا وأميركا عن قتلهم عشرات الالاف من المسلمين في الجزائر والعراق وفلسطين وأفغانستان ومالي وبلاد أخرى كثيرة، وهل حرية التعبير أقدس من نبينا صل الله عليه وسلم"، متوقعا أن يكون ذلك مبررا جديدا لشن مزيد من الهجوم على الإسلام والمسلمين. مناهضة المسلمين وشهدت عددا من الدول الغربيّة أعمال وحشيّة ضد المسلمين وأحرقت عددا من المساجد في أوروبا خلال 2014 دون أن تندد دولا بذلك. وتسعى حركة "بيغيدا" الألمانية المناهضة للإسلام إلى توظيف هجمات باريس والاستفادة منها لزيادة أعداد مؤيديها، لكن الحركة تلقى أيضا معارضة متزايدة من قبل مؤيدي التعايش والتسامح في المجتمع الألماني وكذلك انتقادات السلطات الرسمية. حذّر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، من استهداف المسلمين المقيمين في فرنسا بصفة خاصة، وأوروبا بشكل عام، عبر شنّ أعمال انتقامية ضدهم في أعقاب الأحداث التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس، الأسبوع الماضي. وقال بان كي مون، في بيان له، في وقت متأخر مساء أمس الأحد (11 يناير 2014): "في أعقاب أحداث هذا الأسبوع في باريس، فإنني أحذّر من استهداف المسلمين بأعمال انتقامية، لأن التحيّز غير المبرر من شأنه أن يصبّ في صالح الإرهابيين والمساهمة في دوامة من العنف". ودعا بان كي مون إلى ضرورة حشد الجهود لتعزيز التسامح والتفاهم، مشيرًا إلى أنه "في الأسبوع الماضي وحده، شهد العالم تفجيرات مروعة ووحشية، وذات بعد طائفي في الغالب، ويتعيّن على المجتمع الدولي أن يعالج هذا العنف والانقسام بشكل لا يؤدي إلى تفاقم المشاكل، ويضمن احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون". ثاني رئيس يتظاهر وكانت المظاهرة في البداية مخصصة للتضامن مع ضحايا صحيفة "شارلي إيبدو" الذين قتلهم الأخوان سعيد وشريف كواشي، الأربعاء الماضي، وكذلك 5 أشخاص قتلهم أميدي كوليبالي، الجمعة، في متجر لبيع الأكل الخاص باليهود. إلا أن المظاهرة التي أطلق عليها "مظاهرة الجمهورية"، اكتسبت زخما دوليا بعد أن أبدى قادة ومسؤولون في دول عدة رغبتهم بالمشاركة فيها. والرئيس هولاند هو الثاني من بين رؤساء فرنسا، الذي يشارك في مظاهرة بالشارع، بعد الرئيس السابق فرنسوا ميتران الذي انضم عام 1990 إلى مظاهرة للتنديد بتدنيس مقبرة يهودية في كاربنتراس، جنوب شرق البلاد.