بقلم : عبدالله حسن رئيس مجلس ادارة ورئيس تحرير وكالة انباء الشرق الاوسط ستظل المستعمرات الإسرائيلية التي تقيمها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة عقبة كبري في طريق السلام المنشود بين الإسرائيليين والفلسطينيين.. وقد تزايدت هذه المستعمرات في السنوات الأخيرة واتخذت الحكومات الإسرائيلية المتشددة والمتعاقبة في إسرائيل وآخرها حكومة نتنياهو الحالية العديد من القرارات لإقامة المزيد من المستعمرات في مناطق تم اختيارها بعناية لتقطيع أوصال الأرض الفلسطينية وزرع المستعمرين اليهود داخل مستعمراتهم في تلك المناطق في إطار خطة جهنمية لا تسمح بوجود أرض فلسطينية متصلة بمساحات كاملة لاقامة الدولة الفلسطينية التي يتطلع إليها الفلسطينيون لاقامة دولتهم عليها.. حكومة نتنياهو اتخذت مؤخرا قرارا باقامة 0061 مستعمرة جديدة في القدس وهي تدرك أن مثل هذا القرار يدمر عملية السلام ويقضي علي آمال استئناف المفاوضات المتوقفة مع الفلسطينيين منذ أكثر من عامين إضافة للمستعمرات وليست المستوطنات. كما تطلق عليها إسرائيل التي تقوم ببنائها العام الماضي والتي بدأت في اقامتها في مناطق متفرقة من القدس والضفة الغربية حتي بعد صدور هذا القرار.. وتناقلت وكالات الأنباء غضب الرئيس الأمريكي أوباما من الإدارة الإسرائيلية بسبب هذه القرارات المدمرة للسلام وظهر ذلك بوضوح خلال لقائه الأخير برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض حيث قدم له وثيقة من عدة نقاط في مقدمتها ضرورة وقف بناء المستعمرات حتي يتهيأ المناخ لاستئناف عملية السلام وترك أوباما رئيس الوزراء الإسرائيلي يدرس هذه المقترحات مع أعضاء الوفد المرافق له وغادر المكتب البيضاوي إلي جناحه الخاص في البيت الأبيض لتناول العشاء مع أسرته وتركه لمدة ساعة كاملة كانت كفيلة باظهار غضبه من سياسة نتنياهو.. وحين عاد إليه استمر أوباما علي موقفه الرافض لسياسة إسرائيل واستمرارها في بناء المستعمرات في الأراضي الفلسطينية وانتهي الاجتماع بين أوباما ونتنياهو دون التقاط الصور التذكارية أو الخروج للصحفيين للإدلاء بتصريحات أو بيانات كما هو متبع في الزيارات المهمة مع ضيوف الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض. وتشير هذه الواقعة ومغادرة نتنياهو واشنطن عائدا إلي بلاده وقد بدت عليه علامات الغضب من مقابلة أوباما ومعاملته له إلي امكانية حدوث أزمة في العلاقات الثنائية بين أمريكا وإسرائيل وان كانت الوقائع التاريخية ومجريات الأحداث علي مدي أكثر من نصف قرن تؤكد أن إسرائيل ربيبة أمريكا وانه من الصعب حدوث أزمة في العلاقات بين البلدين بسبب الارتباط العضوي بينهما وتزايد نفوذ اللوبي اليهودي في أمريكا سواء في إطار منظمة »إيباك«، أو جماعات الضغط اليهودي ذات النفوذ القوي سواء داخل الكونجرس أو مراكز صنع القرار.. وإذا كان الرئيس الأمريكي أوباما قد تحدث قبيل فوزه في الانتخابات الرئاسية منذ أكثر من عام عن الشرق الأوسط وضرورة حل القضية الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية إلي جانب دولة إسرائيل فإنه قد تحدث علانية منذ توليه الحكم عن ضرورة تجميد المستعمرات الإسرائيلية لانها عقبة في طريق السلام. ومارست جماعات الضغط اليهودية نفوذها علي الإدارة الأمريكيةالجديدة. وبعد أن اعلن الرئيس أوباما في خطابه للعالم العربي والإسلامي من جامعة القاهرة في شهر يونيو الماضي موقفه الواضح من القضية الفلسطينية والمستعمرات تراجع خلال الشهور الأخيرة الدور الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية وانشغل الرئيس الأمريكي بمعالجة الآثار الناجمة عن الأزمة المالية العالمية إضافة لمشروعه الطموح لتوفير التأمين الصحي لجميع الأمريكيين إضافة للعديد من المشاكل الداخلية التي يعاني منها المجتمع الأمريكي. وزادت إسرائيل في غيها وجبروتها وبدأت خطة أخري لتهويد الأماكن المقدسة وضمت الحرم الإبراهيمي الشريف ومسجد بلال بن رباح مؤذن الرسول عليه السلام إلي قائمة التراث اليهودي ولازالت تواصل اعتداءاتها علي الأماكن المقدسة وسط احتجاجات واستنكارات من انحاء العالم دون أي اكتراث أو اهتمام من جانب إسرائيل. ولاشك أن التاريخ لن يرحم أولئك الذين يفرطون في الحق الفلسطيني وهم يرون الفرصة تلو الأخري تضيع من أجل تسوية عادلة للقضية الفلسطينية حتي اصبحت قضية »الفرص الضائعة«.