ياستي ارحميني وبلاش تضيعي مني دماغ الشانزليزيه إللي أنا عامله، هكذا خاطبت المضيفة بيني وبين نفسي، لكنها أصرت علي اتمام مخططها حتي النهاية في طريقي لمطار شارل ديجول حتي أبدأ رحلة العودة للقاهرة طلبت من السائق أن يمر بي من شارع الشانزليزيه حتي أملي عيني من كمية النور والجمال التي تشع من كل ركن من أركان الشارع الرائع، وفور أن ألقيت بنفسي فوق مقعدي بالطائرة التابعة لشركة أجنبية أغمضت عيني وكأني أخشي لو فتحتها أن تطير منها الصور التي خزنتها فيها للشانزليزيه، وقلت لنفسي لن أفتح عيني طوال الطريق حتي تنطبع الصور بداخلي لا تغادرها، لكن بعد خمس دقائق جاء صوت المضيفة باللغة الإنجليزية لكي تنكد عليّ وتخرجني من هذه اللحظات الجميلة وتطلب من الركاب أن ينتبهوا حتي يعرفوا كيف يتصرفون في حال وقوع الطائرة! ياستي ارحميني وبلاش تضيعي مني دماغ الشانزليزيه إللي أنا عامله، هكذا خاطبت المضيفة بيني وبين نفسي، لكنها أصرت علي اتمام مخططها حتي النهاية، واستمرت في كلامها قائلة: لو نقص بقي الاوكسجين داخل الكابينة هتلاقي «ماسك» نزلك من السما علشان تحطه علي مناخير سيادتك تتنفس بيه، أما بقي سعادتك لو الطيارة وقعت بينا في البحر فهتنزلك عوامة تلبسها وتعوم كده هو!!..اللهم طولك ياروح، ياشيخة عمال أقولك نور وملايكة وجنة الشانزليزيه وانتي تقوليلي الطيارة تقع ولا تغرق في البحر ده إيه الفال الوحش ده، هكذا قلت لنفسي أيضا قبل أن تصل المضيفة لمرحلة اللاعودة عندما قالت: واللي جنب جنابك ده باب خروج علشان لو حصل أي ظرف طارئ تفتحه وتنزل بقي توريني شطارتك وانت عايم في السحاب قبل ماتوصل للأرض صاغ سليم إن شاء الله ! هنا أشرت للمضيفة الأجنبية التي كانت قد انتهت من شرحها فجاءت لتنحني أمامي بكل أدب، وبدلا من أن تقول: يس سير.. يعني نعم ياسيدي.. فوجئت بها تقول بالانجليزية: أندر يور اوردر مستر هوسام.. يعني بالعربي تحت أمرك ياسيد هشام، سألتها مندهشا: يور رووتس إذ أرابك؟ يعني: هل جذورك عربية؟ فقالت: «نو بات هو نيبور صم بيبول فورتي داي بيكام فروم هم» يعني من جاور القوم أربعين يوم صار منهم ثم أضافت: «آيم ووركنج علي اللاين ده فروم تونتي ييرز»، يعني أنا شغالة علي الخط ده بقالي 20 سنة وكل يوم باقابل مصريين كتير اتعلمت منهم الانجليزي اللي عمري ماشفته فقلت لها: طيب مادمتي كده بنت بلد نفسي أسألك سؤال: هي الطيارة دي وقعت قبل كده؟ فخبطت يدها علي صدرها وقالت بالانجليزي: يالهوي لا طبعا فعدت اسألها: طب بذمتك عمرك سمعتي عن طيارة وقعت والناس اللي فيها عملوا بنصايحكم دي ونجيوا منها؟ ففكرت قليلا ثم قالت: «اللاير هيبة» ،يعني الكدب خيبة، بصراحة لا، فقلت لها: طب ولما هو لا مش حرام عليكي تعكنني عليا وانا لسه راجع طازة من عاصمة النور علشان ألاقيكي بتتكلمي عن الموت والغرق والكلام الوحش ده، ياستي سيبيها علي الله ولو مكتوب لنا نموت هنا يبقي خلاص نموت من سكات لكن الله لا يسيئك سيبيني علي الأقل أسرح شوية مع المناظر الحلوة اللي شفتها في اوروبا وبلاش اللون ده معايا، فقالت مترددة: «مش حكاية كالور يامستر» يعني مش حكاية لون، لكن ده شغلي ولازم انفذ تعليمات الهيئة العالمية لسلامة الركاب، ثم اختفت بعد أن قالت لي: «اكسكيوز مي مستر اتش ماي سبيك وذ يو واز سو ماتش آند ذا باسينجرز سبيتش نو ميرسي إني بادي» يعني عن اذنك بقي يا اتش لحسن كده وقفتي معاك طولت وكلام الركاب مابيرحمش حد!