عندما تقف في الجانب الغربي بالنقطة الحصينة « كبريت» ستشاهد علي بعد مئات المترات مياه القناة والبحيرات المرة وكل ما يتحرك علي البر الغربي لقناة السويس.. اما تجاه الشرق فستجد حطام الدبابات والمركبات الاسرائيلية.. والي الجنوب والشمال ستري العديد من الطرق التي تنطلق إلي عمق سيناء. النقطة الحصينة «كبريت « كانت من اقوي واهم الحصون الاسرائيلية التي بناها العدو شرق قناة السويس بعد 67.. فهي تضم 30 ملجأً و17 حفرة للدبابات والرشاشات ومواقع للرماية وتسع فصائل من المشاة الميكانيكي والقوات المدرعة.. وتم بناؤها من الدشم الخرسانية والاحجار وقضبان السكك الحديدية واحاطها العدو بالاسلاك الشائكة وحقول الالغام.. وكغيرها من النقاط الحصينة علي طول القناة كان يمكنها البقاء لاكثر من شهرين قتال دون حاجة إلي التزود بالطعام اوالذحيرة. الكتيبة 603 مشاة الاسطول تم تشكيلها بقيادة الشهيد ابراهيم عبد التواب في يناير 1972 من عناصر القوات الخاصة واستمرت في التدريبات الشاقة والمناورات والابتكارات المصرية لتطوير الاسلحة والمعدات والمركبات البرمائية.. وتحركت الكتيبة إلي السويس في سبتمبر 1973وظلت تتنقل من مكان إلي اخر حتي اقتربت ساعة الصفر فاحتلت مكانها علي خط المواجهة.. وكلفت الكتيبة بالعبور والتوغل في سيناء لاسترداد ارضنا المحتلة وهو ما تم وتمركزت كتيبة الابطال - الذين قضوا 134 يوما محاصرين رافضين اعادة تسليم النقطة الحصينة للعدو – شرق قناة السويس متمسكين بالارض حتي صدرت لهم الاوامر بالاستيلاء علي النقطة الحصينة في كبريت والتي تبعد عنهم 15 كيلو مترا.. وفور صدور الاوامر تحرك الابطال بكل شجاعة في اتجاه النقطة وخلال 7 ساعات وبعد قتال شرس اقتحموا النقطة وفر العدو الاسرائيلي تاركا خلفه اسلحته ومعداته وملابسه وقواتنا تطارد فلوله الهاربة. لم تنته المعركة عند هذا الحد فدارت معارك بين ابطال الكتيبة 603 مشاة الاسطول وبين العدو الاسرائيلي الذي حاول بكل قوته ان يستعيد النقطة الحصينة.. فقطعوا عنهم الطرق والامدادات والاتصالات.. كان ابطالنا البواسل في بداية الحصار يوفرون طعامهم عن طريق الدوريات ثم توقفوا واعتمدوا علي انفسهم.. حاول الاسرائيليون التفاوض معهم.. ضربوهم بالطائرات والمدفعية ومختلف انواع الاسلحة.. لكنهم رفضوا ان يتركوا مواقعهم فكل واحد منهم لديه ثأر عند العدو.. لن تصدقني اذا قلت لك ان هناك معجزات حدثت فالدبابات الاسرائيلية كانت تدخل إلي حقول الالغام وتنفجر.. وقال لي العميد متقاعد سعيد ادم عندما زرنا النقطة في نهاية التسعينيات إن «كبريت» شاهد علي قدرة وعظمة المقاتل المصري الذي لا يهاب احدا ويدخل التحصينات مهما كانت قواتها.. فعندما اقتحمناها كانت خطوات الجنود تتسابق.. ورغم استشهاد قائد سريتنا استكملنا الهجوم مترجلين وهزت هتافاتنا «الله اكبر.. ومصر بلدي اقوي» الاسرائيليين فجعلتهم يهربون بدون ملابس تاركين كل شيء.