إذا كان الحزب الجمهوري قد حقق مكاسب كبيرة بفوزه بالأغلبية في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، فإن الجواسيس بأمريكا حققوا مكاسب أكبر.فبعد سيطرة الحزب الجمهوري علي الكونجرس من المرجح أن تذهب رئاسة لجنة الاستخبارات القوية إلي ريتشارد بور الذي يمكن أن يؤدي تأييده المطلق لوكالة الاستخبارات المركزية ووكالة الأمن القومي في حدوث تحول جذري في أجندة رقابة اللجنة عليهم. جاء ذلك في تقرير نشرته مجلة فورين بولسي عن تأثير فوز الحزب الجمهوري علي العلاقة بين الكونجرس ووكالة الاستخبارات المركزية. و أشار التقرير إلي أن بور معروف بأنه مدافع صريح عن السلطات الرقابية الكبيرة للحكومة وتقنيات "تعزيز الاستجواب" وهو البرنامج الذي اعتمدت عليه وكالة الاستخبارات المركزية في تعذيب المعتقلين بوسائل عديدة منها الإيهام بالغرق، ومنع النوم فترات طويلة والاحتجاز في غرف صغيرة. وعلي عكس الديمقراطية ديان فاينشتاين التي ترأس لجنة الاستخبارات حاليا فإن بور ينتقد التقرير الذي لم تصدره اللجنة بعد عن الممارسات الوحشية في التعذيب لإدارة الرئيس السابق جورج بوش بعد أحداث 11 سبتمبر وهو الرأي الذي يتفق معه فيه مسئولون بوكالة الاستخبارات. وأضاف التقرير أنه علي الرغم من أن بور يتفق مع فاينشتاين بشأن انتقاداتهما للطريقة التي تجمع بها وكالة الأمن القومي للمعلومات، لكنه يفضل أن يكون عمل لجنة الاستخبارات سريا مما يساعد علي حدوث تغيير جذري في الطريقة التي تعمل بها اللجنة. وقال بورلأحد المراسلين خلال مارس الماضي "أنا شخصيا اعتقد أنه يجب ألا يناقش أي شيء تفعله اللجنة بشكل علني".. وقال مساعد بالكونجرس من الحزب الجمهوري رفض الكشف عن هويته لفورين بولسي إن"رئاسة بور للجنة لن تكون مثل رئاسة فاينشتاين لها، فهو يميل أكثر إلي فعل أشياء وراء الكواليس أكثر من الإفصاح عنها للصحفيين مثل فاينشتاين". وأوضح التقرير أنه بعد أن كانت العلاقة بين لجنة الاستخبارات بالكونجرس مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون برينان ومدير وكالة الأمن القومي جميس كلابير تتسم بعداء شديد لم تشهده منذ الجلسات التي عقدتها لجنة الكنيسة عام 1970، سيكون هناك تغيير صارخ بتولي بور رئاستها. وكان العداء قد وصل بينهما إلي أعلي مستوياته في مارس الماضي وسط اتهامات متبادلة بشأن برنامج "تقنيات تعزيز الاستجواب" الذي مثل واحدا من أحلك الفصول في تاريخ الاستخبارات المركزية. فقد وجهت الوكالة اتهامات لموظفي الكونجرس الذين يعملون بمقرها في شمال ولاية فرجينيا بتسريب وثائق سرية عن برنامج التعذيب كان من المفترض ألا تعرف اللجنة عنها شيئا لأنها تقع خارج نطاق تحقيق كانت تجريه بشأن تعذيب المعتقلين فضلا عن أنها محمية بموجب امتياز تنفيذي. من جانبها، قالت اللجنة إن الوثائق التي حصلت عليها تثبت صحة التحقيق الذي خلص إلي أن برنامج التعذيب الذي تتبعه وكالة الاستخبارات للمعتقلين فشل في الحصول علي معلومات مفيدة بشأن أي هجوم إرهابي محتمل. واتهمت اللجنة الوكالة بأنها تتجسس علي أعضائها عن طريق التفتيش بشكل غيرلائق لأجهزة الكمبيوتر التي يستخدمونها لاستعراض ملايين الصفحات من المواد السرية في الوكالة. وفي يوليو الماضي تأكد المفتش العام لوكالة الاستخبارات من صحة الاتهام الذي وجهته اللجنة للوكالة مما دفع برينان للاعتداز لفاينشتاين ولكن هذا لم ينه التوتر بين الجانبين بعد قرار الوكالة بتنقيح التقرير المؤلف من 6500 صفحة مما جعله غير قابل للقراءة كما يقول مساعدو الكونجرس. "ومع تولي السيناتور بور لجنة الاستخبارات، بالتأكيد سيكون هناك تغيير في الأولويات وعلاقة اللجنة بالوكالة وجودة الرقابة"، كما يقول ستيفن افترجود، المدير باتحاد العلماء الأمريكيين لفورين بولسي.وأضاف "لن يتم مساءلة وكالة الاستخبارات عن وسائل تعذيب المعتقلين وربما سيتم وضع قيود بسيطة علي طريقة جمع وكالة الأمن القومي للمعلومات". ويضيف التقرير أن السيناتور بور سيعمل علي تهميش الكتلة التي تنادي بالحريات المدنية بقيادة رون وايدان وبدعم من كل من مارك يودال ومارتن هاينريش الذين طالبوا باستقالة برينان رئيس الوكالة. ومن المحتمل أن يتم الإطاحة بديوال من اللجنة حيث أن بور وجه إليه النقد عندما كشف عن وجود وثائق عن برنامج "تعزيز الاستجواب" وقال إن ما فعله يعرض حياة الأمريكيين للخطر وهو ما اعترض عليه ديوال. وخلص التقرير إلي أن بور لن يتأثر بأي من الانتقادات التي وجهت إليه لتأييده لعدم نشر اللجنة أي وئاثق سرية بشكل علني. وكمحافظ وصقر من صقور السياسة الخارجية يتجنب بور الأضواء عموما ولكنه لا يخاف من شيء. وعلي الرغم من أنه محافظ ماليا وصوت ضد إصلاح نظام الهجرة، فقد وبخ الجمهوريين عندما وصف محاولة السيناتور تيد كروز لإلغاء قانون الرعاية بأنها "أغبي فكرة"سمعها في حياته.