هل كان الضالون خلال التاريخ يعلمون أنهم ضالون، أم كانوا يحسبون أنهم علي حق وأن ما توارثوه من فكر آبائهم هو عين الحقيقة نأو بالأحري والأدق ما يظنون أنه حديث شريف نسب ظلما وزورا إلي النبي صلي الله عليه وسلم، ولا أقول عفويا ودون قصد بل مع سبق الإصرار وتبييت النية.. فأعداء الإسلام قد بحثوا ونقبوا وفتشوا عن ثغرة واحدة في القرآن يهدموا بها الإسلام فلم يجدوا، وعندما حاولوا تحريف القرآن بالزيادة أو بالنقصان عجزوا عن ذلك تماما، حيث كان الحافظ هو الله «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون».. فوجدوا ضالتهم ومرادهم في كتب الحديث، صالوا فيها وجالوا علي مر العصور وأقحموا عليها ما ليس في الدين من شيء إطلاقا، وللأسف وجدوا من بين المسلمين من يصدقونهم ويؤمنون بما يزعم هؤلاء ويستميتون في الدفاع عما ينسبونه إلي السنة المطهرة حتي ولو خالف ما جاء في كتاب الله تعالي.. يقول الكاتب والمفكر الإسلامي العبقري عدنان الرفاعي في كتابه « محطات في سبيل الحكمة»: هل كان الضالون خلال التاريخ يعلمون أنهم ضالون، أم كانوا يحسبون أنهم علي حق وأن ما توارثوه من فكر آبائهم هو عين الحقيقة بمنطق «إنا وجدنا آباءنا علي أمة وإنا علي آثارهم مقتدون».. وبدون أن يتدبروا كتاب الله حق التدبر اعتمدوا علي ما قاله الأوائل وكأن فريضة التدبر قد خصت الرعيل الأول فقط، قدسوا ما قاله الأوائل وأعلوه وجعلوه حجة علي كتاب الله.. ويستعرض المفكر الإسلامي عدنان الرفاعي عددا من الروايات التي تزخر بها كتب الصحاح وقد أسموها أحاديث شريفة بينما في الحقيقة لا علاقة لها بالأحاديث الشريفة وتتناقض مع كتاب الله جملة وتفصيلا، وأختار منها – في هذا المقال حديثا كان ولا يزال هو السبب الرئيسي في معظم حوادث الإرهاب.. فقد ورد في صحيح البخاري برقم (24) حديث نصه: أمرت أن أقاتل الناس حتي يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم علي الله، وفي رواية أخري أيضا في البخاري تحمل رقم (379) أضافوا إليها « وإذا صلوا صلاتنا واستقبلوا قبلتنا وذبحوا ذبيحتنا ».. ونفس هذا النص في صحيح مسلم برقم (31).. فإذا قيل لمن يقدسون هذه الكتب كيف نصدق مثل هذا الحديث وقد قال الله تعالي : «لا إكراه في الدين».. يقولون إن المقصود من الآية أنه لا إكراه قبل دخول الدين فقط وصلاحية الآية تنتهي بعد دخول الدين.. فإذا قيل لهم كيف ذلك بينما تؤكدون في الحديث أن الأمر بقتال من لم يؤمن بعد؟؟ يقولون هو في الذين يقاتلوننا وليس في كل الناس (أي بمنطق الدفاع عن النفس فقط).. ولو فرضنا جدلا أن القتال محصور في مجال الدفاع عن النفس فكيف يستقيم هذا المنطق مع «صلوا صلاتنا واستقبلوا قبلتنا وذبحوا ذبيحتنا».. هل الدفاع عن النفس لرد العدوان فقط أم لإلزام الأعداء باتباع ديننا ؟؟.. وللأسف نجد من بين أساتذة الأزهر من يقدسون مثل تلك الروايات في الوقت الذي نقرأ فيه قوله تعالي : «أفأنت تكره الناس حتي يكونوا مؤمنين» و«الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر».. والسؤال الذي أوجهه لشيخ الأزهر متي سنكون قادرين علي تطهير مناهج التعليم في الأزهر من مثل تلك الخرافات كخطوة أولي علي طريق المواجهة الشاملة.