وزير التعليم يشهد فعالية "اللغة العربية مصدر الإلهام والإبداع"    أسعار الذهب الآن في سوق الصاغة بدون مصنعية.. «اعرف عيار 21 وصل كم»    أيمن الرقب: «القاهرة» استقبلت آلاف الجرحى في مستشفياتها.. والمصريون فتحوا منازلهم لأشقائهم    فيورنتينا يهزم مونزا.. وأودينيزي يواصل الهروب من شبح الهبوط في الدوري الإيطالي    منتخب الإسماعيلية يتأهل إلي دور 16 من دوري مراكز الشباب    شركة «أوبر» تعلق على تعدي أحد سائقيها على فتاة بالقاهرة بعد القبض عليه.. عاجل    أخبار الفن اليوم: أزمة بين أشرف زكي وطارق الشناوي بسبب روجينا.. وبيان صادم من شيرين عبدالوهاب حول أحدث ألبوماتها    طارق الشناوي يرد على بلاغ أشرف زكي: 3 بطولات لروجينا كثير.. ومش موجودة في الشارع    عاجل: مناظرة نارية مرتقبة بين عبدالله رشدي وإسلام البحيري.. موعدها على قناة MBC مصر (فيديو)    رئيس لجنة الدواء ب«الصيادلة»: تكلفة صناعة الأدوية ارتفعت وتحريك السعر ضروري    «متحرميش نفسك في الرجيم».. أسرار فيليه الدجاج مع البروكلي والمشروم    نوع خطير من الملح احذر تناوله في طعامك.. يسبب مشاكل صحية    مدرب توتنهام: جماهير الفريق لا ترغب في فوزنا على مانشستر سيتي    تطورات أحوال الطقس في مصر.. أجواء حارة على أغلب الأنحاء    بعد موافقة الشيوخ.. ننشر أهداف قانون الضمان الاجتماعي والدعم النقدي    برج الجوزاء.. تعثر من يوم 16 إلى 18 مايو وانفراجة في هذه الإيام    فرديناند يهاجم تين هاج بسبب كاسيميرو    خلع البدلة الحمراء.. المؤبد لقاتل زوجته لتقديمها "قربانا للجن" في الفيوم    مواعيد قطارات عيد الأضحى الإضافية.. الرحلات تبدأ 10 يونيو    أحدهما محمد صلاح.. تطور عاجل في مفاوضات أندية السعودية مع ثنائي ليفربول    تعرف على شروط التقديم للوظائف في المدارس التكنولوجية    إيرادات الأحد.. "السرب" الأول و"فاصل من اللحظات اللذيذة" بالمركز الثالث    حجازي: فلسفة التعليم المجتمعي إحدى العوامل التي تعمل على سد منابع الأمية    ما الفرق بين الحج والعمرة؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: لو بتسرح في الصلاة افعل هذا الأمر «فيديو»    بدء التشغيل التجريبي للتقاضى الإلكتروني بمحاكم مجلس الدولة .. قريبا    «التعليم» تلوح ب «كارت» العقوبات لردع المخالفين    40 صورة ترصد الحشد الكبير لمؤتمر اتحاد القبائل العربية    هل يدعو آل البيت لمن يزورهم؟.. الإفتاء تُجيب    إيسترن كومباني بطلًا لكأس مصر للشطرنج    أفغانستان: استمرار البحث عن مفقودين في أعقاب الفيضانات المدمرة    رشا الجزار: "استخدمنا قوة مصر الناعمة لدعم أشقائنا الفلسطنيين"    سينتقل إلى الدوري الأمريكي.. جيرو يعلن رحيله عن ميلان رسمياً    مياه الشرب بالجيزة تستطلع رأى المواطنين بمراكز خدمة العملاء    مشاورات بين مصر والولايات المتحدة بشأن السودان    "نيويورك تايمز": حماس راقبت النشطاء المعارضين لها من خلال جهاز سري    "عاشر طفلتين وأنجبتا منه".. الجنايات تقضي بإعدام مُسن ببورسعيد    كروس يتخذ قراره النهائي حول مصيره مع ريال مدريد    سيارات بايك الصينية تعود إلى مصر عبر بوابة وكيل جديد    المفتي للحجاج: ادعو لمصر وأولياء أمر البلاد ليعم الخير    برلماني: السياسات المالية والضريبية تُسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية    رئيس جامعة قناة السويس يتفقد كلية طب الأسنان (صور)    وزير الرى: احتياجات مصر المائية تبلغ 114 مليار متر مكعب سنويا    محافظ سوهاج ورئيس هيئة النيابة الإدارية يوقعان بروتوكول تعاون    وزيرة التضامن تشارك في أعمال المنتدى الدولي لريادة الأعمال ومبادرة العيش باستقلالية بالبحرين    افتتاح أول فرع دائم لإصدارات الأزهر العلمية بمقر الجامع الأزهر    تنطلق السبت المقبل.. قصر ثقافة قنا يشهد 16 عرضا مسرحيا لمحافظات الصعيد    قمة مرتقبة بين رئيس كوريا الجنوبية ورئيس وزراء كمبوديا لبحث التعاون المشترك    الرعاية الصحية: لدينا 13 ألف كادر تمريضي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    تحرير 92 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز البلدية والأسواق    تطوير مطارات وموانئ.. مشروعات عملاقة بمحافظة البحر الأحمر لجذب السياحة والاستثمارات (صور)    الرئيس السيسي: الدولار كان وما زال تحديا.. وتجاوز المشكلة عبر زيادة الإنتاج    شقق المصريين بالخارج .. خطوات حجز الوحدات السكنية بجنة ومدينتي والأوراق المطلوبة وسعر المتر    بينها 1000 لتر خل، إعدام 2.5 طن أغذية ومشروبات فاسدة بأسيوط    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروع سد «جوليوس نيريري» الكهرومائية بتنزانيا    هيئة التنمية الصناعية تستعرض مع وفد البنك الدولى موقف تطور الأعمال بالمناطق الصناعية بقنا وسوهاج    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية في ديرمواس ضمن «حياة كريمة»    مستشار خامنئي: طهران مستعدة لإجراء محادثات مع واشنطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ورقه وقلم
الجنرالات لا يموتون.. وإن واراهم الثري
نشر في أخبار اليوم يوم 04 - 10 - 2014

أحسب أن أفلام ودراما حرب أكتوبر ستكون أحد الموضوعات أمام مؤتمر
«صناعة الإبداع» الذي تنظمه دار «أخبار اليوم» في عيدها السبعين
في تلك المنصة الفسيحة التي ضاقت بمقاعدها واتسعت لتجمع حشدا كبيرا من رجالات الحكم والجيش والشرطة والاعلام، يتقدمه الرئيس عبدالفتاح السيسي، لمحت في الصف الأول من الجالسين نخبة من القادة العظام أبطال حرب أكتوبر، بالقرب منهم كان يجلس عبدالحكيم وهدي ومني أنجال الزعيم عبدالناصر الذي أعاد بناء الجيش بعد عدوان يونيو 1967، وجمال أنور السادات نجل الرئيس الراحل صاحب قرار العبور والقائد الأعلي للجيش المظفر.
انصرف ذهني فورا إلي المقارنة بين هذا الاحتفال الذي جري يوم الاربعاء الماضي في ساحة العروض العسكرية بالكلية الحربية في الذكري الحادية والأربعين لحرب أكتوبر، وبين تلك المهزلة التي شهدها ستاد القاهرة منذ عامين في الذكري التاسعة والثلاثين للحرب.
تذكرت كيف شاهدت علي شاشة التليفزيون، الرئيس الأسبق محمد مرسي يطوف بسيارة مكشوفة مضمار الاستاد، وهو يحيي أهله وعشيرته الذين احتلوا المدرجات، وكأنه برنارد مونتجمري ماريشال العلمين، أو جيورجي جوكوف قائد الجيوش الزاحفة من ستالينجراد إلي برلين، أو دوايت أيزنهاور محرر أوروبا الغربية!
تذكرت كيف صعد مرسي إلي منصة الاحتفال ليجلس في الصورة والي يمينه ويساره قتلة الرئيس السادات، وجمع من الارهابيين والمتخابرين، بينما لم يدع إلي الاحتفال القادة الذين خططوا وعبروا وقاتلوا وانتصروا!
سعدت أيما سعادة، وأنا أتصافح وأتعانق، في ختام الاحتفال بالكلية الحربية، مع الفريق عبدالمنعم خليل قائد الجيش الثاني الميداني اثناء حرب الاستنزاف، ثم في الأيام الأخيرة لحرب أكتوبر، ومع الفريق عبدرب النبي حافظ رئيس الأركان الأسبق وقائد الفرقة 16 المشاة أثناء الحرب، والفريق ابراهيم عبدالغفور العرابي رئيس الأركان الأسبق وقائد الفرقة 21 المدرعة أثناء الحرب، واللواء نبيل شكري قائد الصاعقة أثناء حرب أكتوبر وبطل عملية «لارناكا».
أعرف هؤلاء القادة العظام أطال الله في أعمارهم، وبعضهم أتقابل معه بانتظام.
تركتهم، والحنين يستبد بي إلي ذكريات يوم السادس من أكتوبر وما بعده، التي عشتها طفلا يتوق إلي العودة لمدينته الاسماعيلية، ويغمرني الفخر بأنني قابلت وحاورت واقتربت منذ أن عملت صحفيا متخصصا في الشئون العسكرية قبل أكثر من ربع قرن مضت، من قادة عظام جعلوا النصر ممكنا، ومن ضباط أبطال قهروا العدو وحطموا كبرياءه علي رمال سيناء، ومن جنود بواسل قاموا بأعمال خارقة في ميدان القتال واستحقوا عنها «نجمة سيناء» أرفع أوسمة المعركة.
غادرت المكان، وفي ذهني تتداعي وجوه نحتت من طين هذا البلد، وملامح تنطق بالإقدام والجسارة، ونبرات أصوات صريحة في هديرها وحاسمة في هدوئها، وقصص بطولات تتضاءل أمامها الأساطير، وعبارات هي خلاصة تجربة البارود والدماء، وعصير حكمة من قابل ملاك الموت في غير الموعد وفارقه إلي أجل آخر ومكان غير معلوم!
أذكر لقاءاتي في بداية مشواري الصحفي مع المشير الراحل محمد عبدالغني الجمسي رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة اثناء الحرب، ثم رئيس الأركان في أيامها الصعبة الحاسمة، ثم لقائي الأخير معه منذ 18 عاما حينما كنت أدرس بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، ولم يكن للنشر.
في ذلك اللقاء سألت المشير الذي كانت تصفه اسرائيل ب «الجنرال النحيف المخيف»: هل مازلت تشعر بالمرارة تجاه الرئيس الراحل السادات الذي أعلن أنك ستكون وزير حربية مدي الحياة، ثم أعفاك من منصبك قبل يوم واحد من الذكري الخامسة للحرب؟
بهدوء رد الجمسي: نعم أشعر بمرارة شخصية، لكنها لا يمكن أن تؤثر علي تقديري لشجاعة هذا الرجل.
بنفس الاستقامة كان رد المشير الراحل علي سؤال لي عن المشير سعد الحسيني الشاذلي، عندما قال: «اختلفت معه في الطريقة المثلي للتعامل مع الثغرة، لكنني أشهد أنه لم يفقد أعصابه- كما رُوِّج عنه أثناء تلك العملية-، بل كان قائدا عظيما رابط الجأش ثابت الأعصاب».
أذكر قائدا عظيما هو المشير الراحل محمد علي فهمي مؤسس قوات الدفاع الجوي وقائدها أثناء حرب أكتوبر. أمضيت معه ساعات طوالا في منزله بمصر الجديدة في أكثر من لقاء. كان لا يمل من سرد بطولات رجاله في بناء حائط الصواريخ وأسبوع تساقط طائرات الفانتوم في الأيام الأخيرة لحرب الاستنزاف.
وروي لي أنه يوم 5 أكتوبر كان يسير بالسيارة مع أحد زملائه من القادة الكبار في ميدان التحرير، يتأملان وجوه المارة قبل يوم واحد من ساعة الصفر، ويدعوان الله أن يكلل الجهود المضنية التي بذلت في الإعداد والتخطيط للحرب بالتوفيق والنصر.
وفي اليوم التالي.. أطلق من غرفة عمليات الدفاع الجوي الكلمة الكودية: «جبار»، إيذانا بانطلاق الصواريخ تدمر طائرات العدو علي جبهة القنال، وبعدها بساعات تلقي أسعد إشارة، وكانت من الجنرال بيني بيليد قائد سلاح الجو الاسرائيلي لطياريه، وكانت تقول: «ابتعدوا عن الشاطيء الشرقي لقناة السويس مسافة لا تقل عن 15 كيلو مترا لتتجنبوا الصواريخ المصرية».
أذكر ثعلب الجيش المصري الفريق سعد مأمون قائد الجيش الثاني الميداني الذي روي لي باعتزاز وقائع يوم الاثنين الحزين الذي عاشته اسرائيل في الثامن من أكتوبر، وكيف خطط مع العميد حسن أبو سعدة «الفريق فيما بعد» قائد الفرقة الثانية المشاة، لصد وتدمير الهجوم المضاد الإسرائيلي المتوقع في ذلك اليوم، وأعدا منطقة قتل للتشكيلات الاسرائيلية زوداها بكل احتياطي الجيش من المقذوفات الموجهة المضادة للدبابات، وبالفعل نجح ابو سعدة ورجاله في تدمير اللواء 190 مدرع الإسرائيلي، وتمكن النقيب البطل يسري عمارة الذي سعدت بالتعرف عليه من أسر العقيد عساف ياجوري قائد اللواء.
وأعتز كثيرا بأن الفريق سعد مأمون أهداني أوراق «الخطة شامل» لتدمير الثغرة، التي كتبها بخط يده، وكان يستعد لتنفيذها، لولا التوصل إلي اتفاق فك الاشتباك الأول.
أذكر اللواء فؤاد نصار- شفاه الله- مدير المخابرات الحربية أثناء معارك أكتوبر، الذي كشف لي منذ عشرين عاما مضت خفايا عن الحرب كانت تعتبر في حكم الأسرار في ذلك الحين، منها أن اسرائيل كانت تمتلك 13 قنبلة ذرية وان السادات حينما علم، لم يتراجع عن اتخاذ قرار الحرب، ومنها أن الولايات المتحدة شاركت في العمليات بجانب اسرائيل عن طريق السماح بإرسال 250 طيارا أمريكيا من اليهود للقتال مع «جيش الدفاع الاسرائيلي»، وأن المقاتلات الامريكية اسقطت طائرة مصرية فوق السلوم عندما اعترضت طائرات الجسر الجوي الأمريكي التي كانت في طريقها لاسرائيل وهي تحمل احدث الدبابات وصواريخ «تو» المضادة للدبابات و «شرايك» المضادة للرادارات.

أذكر اللواء الراحل محمد الفاتح كريم قائد اللواء الثاني الميكانيكي، الذي روي لي بصراحته المعهودة قصة أصعب المعارك في جبل «المر» التي خاضها في النهاية مع 50 مقاتلا فقط حتي نجح في تحرير الجبل، الذي سمي فيما بعد ب «جبل الفاتح».
أيضا الفريق أحمد صلاح عبدالحليم- أمد الله في عمره- قائد اللواء 135 مشاة الذي حاصر حصن «أورليك» شمال شرق القناة، ونجح في الاستيلاء عليه، ولا أنسي دموع الفريق صلاح التي لمعت في عينيه، وهو يقول لي: إن هتاف «الله أكبر» الذي ردده رجال اللواء ودوي في سماء المنطقة هو الذي أصاب جنود العدو بالرعب، ودفعهم للفرار من الحصن مستسلمين وهم يرفعون الرايات البيضاء.
أذكر اللواء طيار حسن محمد حسن الذي أسقط طائرتين «فانتوم» و «ميراج» في طلعة واحدة، وكان أصغر الضباط الطيارين الذين حصلوا علي وسام نجمة سيناء.
أذكر اللواء باقي زكي الذي كنت أول من نشر قصته عن ابتكار مدفع المياه لشق الثغرات في الساتر الترابي لخط بارليف وهي الفكرة التي استوحاها من طفله.
كذلك اللواء صلاح الدين نحلة الذي كلف بإعداد دراسة عن أنسب الأيام لخوض الحرب، وتوصل إلي ان السادس من أكتوبر هو الاكثر مناسبة، لاسباب تتعلق بحركة المد والجزر في القناة، وبسطوع القمر في الليل، فضلا عن انه يوافق يوم كيبور في اسرائيل، وكتب اللواء صلاح هذه الدراسة في كراسة ابنته الصغيرة، وسلمها للجمسي.
أذكر اللواء حسن الجريدلي سكرتير عام وزارة الحربية اثناء الحرب، ثم رئيس هيئة العمليات في الايام الاخيرة للمعارك، بعد تعيين الجمسي رئيسا لأركان الحرب.
ولقد روي لي اللواء الجريدلي رحمه الله - دقائق وتفاصيل من داخل غرفة العمليات الرئيسية التي لم يغادرها حتي انتهاء القتال، وأجواء البهجة التي عمت المكان فور وصول أول اشارة برفع العلم المصري علي الشاطيء الشرقي للقناة، وقال لي ان المشير أحمد اسماعيل طلب منه ابلاغ السادات باستشهاد شقيقه الرائد طيار عاطف، وكان رد فعل السادات مفاجئا حين قال: «وايه يعني؟!.. ما كلهم ولادنا».
وأسعد كثيرا كلما التقيت بالمجند المقاتل محمد المصري صاحب الرقم القياسي في اصطياد دبابات العدو والبالغ 32 دبابة، وحامل وسام «نجمة سيناء».
ولا استطيع ان امنع نفسي في كل مرة، من النظر إلي أنامله الدقيقة، التي كان يوجه بها صواريخ الميلوتيكا عبر الاسلاك إلي دبابات العدو، وكأنه يداعب أوتار آلة «القانون».
ومن بين كل قادة أكتوبر العظام، ومقاتليها الأبطال، يحتل اللواء عادل يسري الذي فارقنا منذ شهور، منزلة خاصة في وجداني.
هذا البطل، كان أحد قادة معركة «رأس العش» أولي معاركنا البطولية بعد أسابيع من هزيمة يونيو، وكان قائد معركة الاستيلاء علي جزيرة «البلاح» في القطاع الشمالي بقناة السويس اثناء حرب الاستنزاف، وكان سيد شهداء القوات المسلحة الفريق عبدالمنعم رياض يسميه ب «المقدم الفاقد»، لما عرف عنه من بطولة فائقة وشجاعة بلا حدود.
عندما اندلع القتال يوم السادس من أكتوبر، كان العقيد عادل يسري يقود اللواء 112 المشاة، ونجح في تدمير قوات العدو، والوصول باللواء إلي أعمق نقطة تصل إليها التشكيلات المصرية في قلب سيناء.
وفي يوم التاسع من أكتوبر، وبينما كان العقيد عادل يسري في الخطوط الأمامية يقود رجاله، فاجأته دانة أطلقتها دبابة معادية، بترت ساقه وأطاحت بها.
تمالك البطل عادل يسري نفسه رغم الاصابة الشديدة، وأمسك بحفنات من الرمال يكتم بها الدماء التي تفيض من جسده، ثم حمل ساقه المبتورة وهتف في رجاله: «تحيا مصر»، ودفن الساق بنفسه في الرمال، وقال لرجاله الذين تجمعوا من حوله: «من يحبني يواصل القتال».
ورفض البطل ان يتم إخلاؤه فور اصابته، وظل يقاتل لمدة 8 ساعات كاملة رغم جرحه البليغ.
وحينما التقاه المشير أحمد اسماعيل علي لتكريمه بعد الحرب وتسليمه «وسام نجمة سيناء» قال له: «لقد هزمتنا اسرائيل في 67 بقيادة جنرال بعين واحدة «يقصد ديان»، وهزمناها في 73 ومعنا جنرال برجل واحدة».
وقد سجل اللواء عادل يسري قصته كمقاتل في الجيش المصري في مؤلف رائع بعنوان: «رحلة الساق المعلقة: من رأس العش إلي رأس الكوبري». وسطر العقيد عادل قصته بأسلوب مبهر، وكتب مقدمة الكتاب الكاتب الكبير الراحل علي أمين.
وأظن هذا الكتاب يستحق أن يكون عملا دراميا عن حرب الاستنزاف ومعارك أكتوبر، وأحسب أن أفلام ودراما حرب أكتوبر ستكون أحد الموضوعات التي ستناقش في جلسات مؤتمر «صناعة الإبداع» الذي تنظمه دار «أخبار اليوم» في عيدها السبعين الذي يوافق شهر نوفمبر المقبل.
أعود من خواطري، يملؤني الاعتزاز بأنني عرفت هؤلاء الأبطال الذين تفوح سيرتهم بعطر الرجولة والجسارة والتضحية والوطنية الخالصة.
وأستعيد عبارة الجنرال الأمريكي دوجلاس ماكارثر محرر شرق آسيا: «الجنرالات لا يموتون وإنما يتوارون».. وأجدني أقول: «جنرالات مصر لا يموتون وإن واراهم الثري».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.