د. محمد نصر الدين علام وبعد قيام ثورة يناير وقبل تنحي الرئيس الأسبق بأيام ظهر خبر في الجريدة الإثيوبية أديس فورشن عن نية الدولة الاثيوبية لبناء سد اسمه اكس فخامة الرئيس، ان مشروع مبادرة حوض النيل يمثل في رأيي البداية الحقيقية لتحويل للسدود الإثيوبية من حلم إثيوبي غربي الي واقع نجني ثماره حاليا. فمن خلال مشروع مبادرة حوض النيل أيضا وبالتحديد عام 2005 وافقت كل من مصر والسودان علي ادراج السدود الإثيوبية الأربعة علي النيل الأزرق ضمن مشاريع التنمية الاقليمية لحوض النيل الشرقي الذي يضم إثيوبيا بجانب مصر والسودان. والأدهي من ذلك أن وافقت أيضا الدولتان علي تمويل دراسات الجدوي لهذه السدود من خلال مبادرة حوض النيل وذلك عام 2008. وزاد علي ذلك أن وافقت مصر والسودان علي مشاريع الربط الكهربائي مع السدود الإثيوبية، حتي قبل دراسة هذه السدود وآثارها السلبية علي البلدين. وبعد أن توليت مسئولية الوزارة بحوالي سنة كاملة في مارس 2010، بدأت دراسات الجدوي لهذه السدود تأتيني سدا بعد آخر مع بداية عام 2010. وقد قمت وقتها بتكليف فريق من أساتذة جامعة القاهرة المتخصصين مع فريق من مهندسي الوزارة بمراجعة هذه الدراسات وتقييمها والذين وجدوا أن السعة التخزينية الاجمالية لهذه السدود تزيد علي 140 مليار متر مكعب أي حوالي ضعف السعة التي اقترحتها الدراسة الأمريكية عام 1964، وأن لهذه السدود أثاراً كارثية علي مصر. وتم رفض هذه الدراسات وقامت مصر بمخاطبة جميع الجهات المانحة لحجب أي تمويل دولي لهذه السدود نتيجة لآثارها المدمرة علي مصر. ونتذكر وقتها هجوم رئيس وزراء إثيوبيا الراحل علي مصر واتهامها بالتدخل في الشأن الإثيوبي الداخلي، وكانت هناك ومازالت عدة رسائل شفهية من إثيوبيا تهاجمني أنا شخصيا وبعض الشخصيات السياسية والأمنية الأخري في مصر، ذلك بالاضافة الي الهجوم المنظم من الداخل واتهامي ومصر بالتشدد. ذلك كله لأنني رفضت كل التنازلات المصرية التي تمت قبلي في المفاوضات، ولانني وقتها وكذلك القيادة السياسية وجدنا أن هذه السدود تضر بمصر وشعبها. وبعد قيام ثورة يناير وقبل تنحي الرئيس الأسبق بأيام ظهر خبر في الجريدة الإثيوبية أديس فورشن عن نية الدولة الاثيوبية لبناء سد اسمه اكس. وتلا بعد ذلك بعدة أسابيع الاعلان الرسمي عن السد وبسعة 60 مليار متر مكعب وفي نفس موقع سد الحدود. وكانت السعة التصميمية لسد الحدود حتي نهاية 2010، تقدر بحوالي 14.5 مليار متر مكعب فقط. وكنت أتابع عن كثب التطورات في داخل اثيوبيا وردود أفعالها للثورة المصرية بالاضافة الي تتبع وكالات الأنباء الدولية، ولما تأكدت من عزم إثيوبيا بناء هذا السد قمت بارسال مذكرة الي السيد المشير والسيد رئيس الوزراء والأجهزة السيادية محذرا من السد مع خارطة طريق لمفاوضات مباشرة مع إثيوبيا. ونشرت هذه المذكرة في المصري اليوم بعدها بحوالي 10 أيام وقبل وضع حجر أساس السد في 2أبريل 2011. المهم تم تغيير اسم السد من اكس إلي الألفية ثم الي النهضة ومع تغيير أسماء السد كانت تتغير سعته حتي وصلت الي 74 مليار متر مكعب. وهذه السعة هي نفسها تقريبا مساوية لمجموع سعات التخزين للسدود الأربعة مجتمعة والتي أوصت بها الدراسة الأمريكية عام 1964. ونظرا لهذه السعة الكبيرة لهذا السد مقارنة بايراد النيل الأزرق السنوي والذي يبلغ 48 مليار متر مكعب في المتوسط، فإن كفاءة السد في توليد الكهرباء محدودة ولا تتعدي 30%. وبالتالي فان الجدوي الاقتصادية لهذا السد وبهذا التصميم ليست الأفضل علي الاطلاق لاثيوبيا وشعبها، وكان من الأفضل لإثيوبيا من الناحية الاقتصادية وبلا أي شك في أن يكون السد أصغر، ولكن الهدف لم يكن ولن يكون اقتصاديا بل الهدف كان ومازال وسيظل سياسيا بهدف تحجيم مصر وتحجيم أدوارها الإفريقية بل والعمل علي عزلها إفريقيا.