جيش الاحتلال الإسرائيلي يؤكد فشله في اعتراض صاروخ اليمن وسقوطه بمحيط مطار تل أبيب    مينا مسعود يحضر العرض المسرحي في يوم وليلة ويشيد به    رئيس وزراء أستراليا المنتخب: الشعب صوت لصالح الوحدة بدلا من الانقسام    وزير الصحة يوقع مذكرة تفاهم مع نظريه السعودي للتعاون في عدد من المجالات الصحية الهامة لمواطني البلدين    تعاون مشترك بين الهيئة العربية وXGY الصينية في تصنيع الرنين المغناطيسي    مصر تدشن مشروعًا وطنيًا لتصنيع أكياس وقرب الدم بالشراكة مع اليابان.. استثمارات ب1.4 مليار جنيه في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس    طفل مصري يحصد المركز الأول عالميًا في تكنولوجيا المعلومات ويتأهل لمنافسات الابتكار بأمريكا    الصحفيون المصريون يتوافدون فى يوم عرسهم لإجراء انتخابات التجديد النصفى    كامل الوزير عن أزمة بلبن: تلقيت توجيهات من الرئيس السيسي بحل المشكلة بسرعة    كامل الوزير: هجمة من المصانع الصينية والتركية على مصر.. وإنشاء مدينتين للنسيج في الفيوم والمنيا    كامل الوزير: 2700 قطعة أرض صناعية خُصصت عبر المنصة الرقمية.. وأصدرنا 1439 رخصة بناء    الرئيس السيسي يشهد احتفالية عيد العمال بالسويس    وزير الإسكان يتابع تنفيذ المشروعات التنموية بمدينة السويس الجديدة    قفزة مفاجئة في أسعار الذهب اليوم في مصر: شوف وصل كام    روسيا تحث أوبك+ على المساهمة بشكل متكافئ في توازن العرض والطلب    النواب عن تعديلات الإيجار القديم: مش هنطرد حد من الشقة والورثة يشوفوا شقة بره    حقيقة خروج المتهم في قضية ياسين من السجن بسبب حالته الصحية    السيسي يوجه الحكومة بالانتهاء من إعداد مشروع قانون العمالة المنزلية    حزب الله يدين الاعتداء الإسرائيلي على سوريا    سوريا: قصف الاحتلال الإسرائيلي للقصر الرئاسي تصعيد خطير وسعي لزعزعة استقرار البلاد    مصر : السياسات الإسرائيلية تستهدف تقويض الوضع الإنساني بغزة وتؤجج الوضع الإقليمي    ترامب لا يستبعد حدوث ركود اقتصادي لفترة قصيرة في أمريكا    رئيس الوزراء يُشارك في حفل تنصيب الرئيس الجابوني بريس نجيما    مكتب نتنياهو: لم نرفض المقترح المصري بشأن غزة وحماس هي العقبة    تمهيدا للرحيل.. نجم الأهلي يفاجئ الإدارة برسالة حاسمة    الأهلي سيتعاقد مع جوميز ويعلن في هذا التوقيت.. نجم الزمالك السابق يكشف    إنتر ميلان يواصل مطاردة نابولي بالفوز على فيرونا بالكالتشيو    نادي الهلال السعودي يقيل مدربه البرتغالي.. ويكشف عن بديله المؤقت    رسميًا.. الأهلي السعودي بطلًا لدوري أبطال آسيا    الإسماعيلي يطالب بإعادة مباراة سموحة وسماع تسجيل الفار    بورنموث يحقق مفاجأة بالفوز على آرسنال بهدفين    مصر تحصد 11 ميدالية في البطولة الأفريقية للسباحة بالقاهرة    طقس اليوم الأحد.. موجة أمطار تضرب القاهرة وباقي المحافظات    الشرطة الألمانية تلاحق مشاركي حفل زفاف رقصوا على الطريق السريع بتهمة تعطيل السير    «إدمان السوشيال ميديا .. آفة العصر».. الأوقاف تصدر العدد السابع من مجلة وقاية    مصرع شخص وإصابة 6 في انقلاب سيارة على الطريق الصحراوي بأسوان    ضبط 39.9 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    الأرصاد الجوية تحذر: أجواء شتوية وأمطار رعدية حتى الأحد    توجيه وزاري باتخاذ الإجراءات العاجلة لاحتواء تلوث بترولي قرب مدينة أبورديس    سبب حريق الأتوبيس الترددي علي الطريق الدائري| المعاينة الأولية تكشف    الدكتور عبد الحليم قنديل يكتب عن : ردا على غارات تزوير عبدالناصر    كامل الوزير: البنية التحتية شرايين حياة الدولة.. والناس فهمت أهمية استثمار 2 تريليون جنيه    50 موسيقيًا يجتمعون في احتفالية اليوم العالمي للجاز على مسرح تياترو    تامر حسني ينعى المنتج الراحل وليد مصطفى برسالة مؤثرة على إنستجرام    الرئيس السيسي يتابع مستجدات مشروع تطوير محطة «الزهراء» للخيول العربية    كشف أثري جديد عن بقايا تحصينات عسكرية ووحدات سكنية للجنود بسيناء    ابجد ..بقلم : صالح علي الجبري    قصة قصيرة بعنوان / صابر..بقلم : محمد علي ابراهيم الجبير    الأوقاف تحذر من وهم أمان السجائر الإلكترونية: سُمّ مغلف بنكهة مانجا    " قلب سليم " ..شعر / منصور عياد    أزهري يكشف: ثلاثة أماكن في المنزل تسكنها الشياطين.. فاحذر منها    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : هيّا معا نفر إلى الله ?!    "ماتت من كنا نكرمك لأجلها".. انتبه لخطأ كبير في هذه العبارة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المعركة لازالت مستمرة?!    رسميًا| خالد البلشي نقيب للصحفيين لفترة ثانية والمسلماني يهنئ    عاجل| موعد امتحانات الشهادة الإعدادية 2025 في الجيزة    فحص 700 حالة ضمن قافلتين طبيتين بمركزي الدلنجات وأبو المطامير في البحيرة    الصحة: العقبة الأكبر لمنظومة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة ضعف الوعي ونقص عدد المتبرعين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
هل كان الزمن الجميل جميلا..؟


«كنا جزءاً من الحلم الجماعي الذي حمله العالم في
سكرة رأس العام، لنفيق علي هذا العالم الذي نري..!!»
الإثنين:
لست أنا ذلك الرجل الذي كان يحرث أرض مصر بقدميه طوال العام.. يعايش تجربة السد العالي في أسوان، ويعيش حرب الاستنزاف النبيلة علي شاطئ قناة السويس، ويجوس في وديان مصر وصحاريها وكفورها ونجوعها وجبالها يجمع أشلاء الملحمة العربية الوحيدة الباقية علي قيد الحياة «سيرة بني هلال» علي مدي أكثر من ثلاثين عاماً، وأجمع أغنيات الصعيد، والزواج والميلاد والعمل والموت، قبل أن تدهسها أقدام وسائل الإعلام الحديثة وبعد أن بدأت أدوات العمل التاريخية في الانقراض: الشادوف والنورج والمحراث والساقية.. الخ.
لست أنا ذلك الرجل الذي أحب السعي في أرجاء بلاده يقيم أمسياته الشعرية، بالذات في زمن النكسة ليزرع الأمل ويبشر بالنهار.
لست أنا ذلك الرجل الذي لم يكن يبيت في بيته «ليلتين علي بعض» فأنا أعيش الآن علي شاطئ قناة السويس، بيني وبين مشروعها مشروع مصر العظيم مسافة قليلة، ومع ذلك تمنعني الحالة الصحية من التواجد بين عمالها مثلما ارتحلت إلي السد العالي وهو بعد صخر ترمي به القلابات إلي السد الترابي، إلي البناء. إلي.. إلي.. الي.
في قلب الحر والبرد مع أحبابي عمال اليومية جيش مصر العامل الذي زرعها ورصف طرقها وأقام صروحها وقناطرها وتكلست أكتافهم من حمل الأشياء، أو لنقل أنهم دائماً كانوا يحملون مصر علي أكتافهم.
الموقع يحتاج مني إلي صعود وهبوط وهو أمر لا تحتمله الرئات التي تغلق تنفسي في حنجرتي وتكاد أن ترحل بي، كذلك تلك «الرطوبة» التي تُشبع الهواء الواقف ببخار الماء كأن الدنيا سوف تتوقف عن التنفس، ومع ذلك هم يعملون في آتون هذا القيظ، وفي ظروف عمل بدائية مازالت، إذ أن أوامر الرئيس سبقت الاستعداد، لكن كله يهون من أجلها: السندسية ذات العيون المنتظرة.
ما أن ينكسر جبروت الطقس حتي أذهب إلي هناك، بحثاً عن «حراج ي القط» الذي تنقل مع مصر كما تتنقل الشمس مارة بالعالي والخفيض، بالجبال والوديان والشمال والجنوب.
تحية لمفجر المشروع القومي الجديد
وتحية لجيش عمال مصر الذي لا يغلبه غلاب.
وإلي لقاء قريب علي رمالها زهواً ومحبة.
الثلاثاء:
من يري العالم الآن وانكماشه لصنع مؤمراته، أو انكماشه لتجنب هذه المؤامرات، لا يمكنه المقارنة بين العالم اليوم والعالم في الستينيات، كانت نفس المؤامرات تحاول الإظلام، وكانت نفس الشعوب تحاول الإفلات لكنها كانت من قبل سنوات الستينيات وما أدراك ما الستينات كما قالها قائل يوماً ودفع ثمن محاولة إهانتها أو إدانتها..!!
لقد كان زمن التفاؤل الكوني، زمن الحلم الذي اقتسمه الجميع بالتساوي في جميع أرجاء الأرض «زمن الجماهير» التي ارتفع ثمنها، والزعماء الذين نبتوا في أرض التحدي، وأورقوا وأثمروا في دفء الثورات، كان الزمن الذي يقتصد في أقواله ولا مراوغة ولا سقوط في الصياغات للركب هرباً من التصويب نحو الأهداف في أقصر مسافة، ثمن السياسات الواضحة التي لا يتسلل زعماؤها من خلفها للتصويب علي العدم، ثمن الوضوح ثمن دفع الثمن والمواجهة.
كان الكل يحاول أن يدفئ الكل في زمن لا تعقيد فيه، زمن المباشرة والصوت الصحيح في خطابات زعمائه وفي الكتابات السياسية والأدبية وكانت حقول القراء ممتدة بلا حدود، وكانت العلاقة بين المبدع وجمهوره كالعلاقة بين الابن والأسرة: الأم والأب والأخوة الصغار، هزم شعراء الإنسانية غيرهم من أصحاب الذاتية والفردية دون جهد، وراحت الترجمات تقرب لنا عظماء كتاب الرواية والدراسات السياسية التي كانت من الصعب التفريق بينها وبين الأدب العظيم، وأهلت وأطلت علينا وجوه شعراء الإنسانية العالميين البسطاء، بريخت، بابلو نيرودا، ايلوار، أراجون، لوركا، وناظم حكمت التركي الذي قضي القسم الأكبر من عمره في سجون تركيا العريقة.
وراح الجميع ينشد مع العم ناظم حكمت قانونه الشعري المتفائل الذي اخترعه بل راح كل من يعيد صياغته علي هواه كأنه فولكلور.
«إن أجمل البحار هي التي لم نعبرها بعد وأجمل الأشعار لم نكتبها بعد وأجمل الأيام لم نعشها بعد». وهكذا يستطيع أي حالم بغد أن يحمّل علي هذا القانون البسيط الواضح النابع من الحتمية التاريخية الساذجة الرائعة ما أراد..!!
كانت الستينيات زمن جيفارا، وكاسترو، وناصر، وبن بيلا، وتيتو، ونهرو وسوكارنو وسيكوتوري ونكروما، لكأن الجميع كان يريد أن يطاول بقامته سماء الفجر الجديد، أظن أننا نشأنا في زمن صحي ولحظة موفقة عالمياً، كنا جزءا من الحلم الجماعي الذي حلمه العالم في سكرة رأس العام لنفيق علي هذا العالم الذي نري..!!
يموت الزمَّار
الخميس:
بعد أحكام المؤبد والإعدام التي أهداها القاضي لرموز الإخوان الذين أهدونا ومازالوا الكذب والانحطاط والعجرفة والفجاجة الوقحة، والاستهتار بالوطن وأهله، وسحق كل ما نحب بأقدام وضيعة.
تأملت قليلاً وفكرت في عوائهم وضجيجهم وإحساسهم بعظمة كاذبة مؤذية للنفس والعقل، وحاولت تذكرملامحهم التي طمستها السجون وغيبها أمل الزمن الجديد، وبشاير غد كنا نعتقد أننا سوف نرحل تاركين علي وجوههم ابتسامة الظفر، وعلي أفواههم دمانا التي تقطر من أنيابهم السامة وقد غرسوها في قلب البدن المصري بكل الشماتة والغل.
فجأة قلت لرفيقي: من هو محمد البلتاجي لم يتخيل صاحبي أني أسأل سؤالاً جاداً وإنما اعتقد أنني أحقر الرجل بنوع شماتتهم القديمة، لكن الحقيقة أن الرجل قد اختفي من ذاكرتي تماماً، شيء حقيقي من داخلي طمسه وغيب ملامحه تماماً ولم أعد أذكر من هو.
قال رفيقي: يا رجل أنت تعبث، فلما اكتشف جديتي وأن ريحاً هبت علي الذاكرة فاقتلعت الرجل تماماً ولم يعد له بها أثر، قال بعجب: ألا تذكر ذلك الذي كان أحد أركان «مولد رابعة»؟ ذلك الذي كان يقول: «في الوقت الذي يفرج فيه عن مرسي يكف القتل وكل ما يحدث في سيناء»؟ «يا.......ه» هكذا حين تذكرت، يا..ه كم كرهت منه الكراهية التي كانت تفج من ملامح الرجل بالذات وهو ينطق بتلك الكلمات «التعيسة!» في وجهه شيء يحفزك إلي كراهيته، ربما ذلك الغل الذي ينضح من تكوين وجهه، وذلك الوجه الذي شد إلي قالب من الكراهية، وجه لا يصلح للسماحة أو الحب أو الصفاء، وجه أضنته وأعادت تشكيله فكرته التآمرية الدائمة علي مصر وشعبها، نعم تذكرته، فقد كنت أقشعر رفضاً أحياناً حين أراه وهو يمارس احتقاره لنا وكأننا ذباب البرك، ويلقي بحكمه الجافة المصفاة عروقها من أي نبض أو رائحة إنسانية ثم تذكرت فكرته عن وضع وزارة الداخلية في جيبه.
وتذكرت أني كنت أراه خلف القضبان وقد فقد إصبعاً من كفه المرفوعة أو وهو «يشوشر» علي القضاة ويتطاول فيقتلونه بهدوئهم ودماثة خلقهم، يروح ويجئ مع «إخوانه» في القفص الذي لا يتسع لغلهم وبينهم كبيرهم الذي علمهم أو علموه لا أدري الكِبْر وقصر النظر واحتقار الوطن.
رأيته ومرشده وفوجئت بذقن صفوت حجازي الذي يقولون إن اسمه «صفوة» وقد فقدت سمسمتها التي حاول الهرب بها يوم أعطيناه الجائزة الأولي في «قضمة السندويتش»، ترعرعت الذقن لتصبح أكبر من الوجه وتحمل نفس استدارته فكأنهما وجهان كورقة الكوتشينة «قالب ومقلوب» صاحب أشهر جملة منذ بدء القبض عليه حتي نهاية المحاكمة «أنا مش من الإخوان»، لكنك شاركتهم جل جرائمهم متلذذاً بدماء القتلي، وواقفاً في قلب الغزوة تحرض المسلمين علي الكفار ليسقط الأبرياء دون ذنب، فلتهنأ بصحبة إخوانك، ولتعتبر أنك الهاوي وهم المحترفون، اهنأ بصحبتهم ربع قرن كامل، وأرجو ألا يضيق صدرك من ضغط محبة المرشد والبلتاجي والآخرين، وألا تطلب يوماً إدارة السجن لتبلغ عن أشياء مهمة «نسيت» أن توردها في القضية فتخونهم لتنقذ نفسك ذلك أنك ضعيف ومتلون كأنك تلعب دوراً في مسرحية ولا يأخذك أحد مأخذ الجد، لا هم، ولا نحن!!
اللهم لا شماتة، ولو كف الإخوان عن نيتهم الدموية وتابوا إلي الله وأنابوا، توبة نصوحا، فإننا لن نغفر لهم شر ما فعلوا بالوطن، إن غفراننا لن يمنعهم من العودة إلي شرورهم من جديد «يموت الزمّار وصابعه بيلعب» ثم إن هناك من ينوب عنهم الآن في القتل والحرق والتآمر فهذا ديدنهم الأبدي.
هل كان الزمن الجميل جميلاً..؟
الجمعة:
يسمونه «الزمن الجميل»، تلك النزعة الأصيلة التواقة للماضي الذي رأت بعضه أو لم تر بعد تخليصه من كل واقعيته وحقيقة الصورة التي تتبدي في التفاصيل التي يلقون بها ليأتي الاسم مطابقاً للصورة الرمادية في العقول الطيبة البسيطة التي لا تعاني مثلنا من وعورة التضاريس والتفاصيل والظلال.
في استسهال مسلم وشوق عارم للماضي الذي يشبه نفياً للحاضر يقولون عن زماننا زمن الستينيات الزمن الجميل، فقد كان زمناً غنياً بآدابه وأدبائه وفنانيه وبالساسة والعلماء، هم حين يطلقون التسمية لا يسعون إلي محاولة فهم ذلك أو أسبابه، وكأن الله خلقه زمناً جميلاً، فقط لأنه مضي هم يستمعون لأغنية صادقة محكمة البناء كتابة ولحناً وغناء، فيقولون «أغنية من الزمن الجميل»، ولا نلومهم علي ذلك فقد كان الزمن مزدحماً بالعمالقة يقذف بضعاف المواهب إلي الصفوف الخلفية، إلا من احتمي بالدولة أو المنصب هؤلاء الذين تختفي إبداعاتهم قبل موتهم بدقائق.
في الغناء، كان زمن عبدالوهاب وأم كلثوم وعبدالحليم ونجاة وشادية وفايزة وصباح ونجاح سلام وسعاد محمد وليلي مراد.. الخ وفي الرجال كان محمد قنديل وعبدالمطلب ورشدي وعبدالمطلب والعزبي ومحرم ولحق بأطرافه هاني شاكر.. لا تنضب الأسماء مهما استطردنا، زمن نجيب محفوظ ويوسف إدريس وفتحي غانم وإحسان والسباعي وصبري موسي وجيل الستينيات من الغيطاني وخيري شلبي ويحيي الطاهر.. الي آخر القائمة.. زمن عبدالصبور وحداد وجاهين وحجازي وشوشة وأبو سنة ثم أمل دنقل وسلسلة شعراء الستينيات الرائعة وكل الآخرين وكل آخر أفضل مما سبقه.. لم يكن جويدة قد جاء بعد.. زمن النجوم الكبري في السينما من فاتن حمامة إلي التابعي كبير الرحيمية مروراً بكل من عطر وجودهم الفن المصري وأذكر علي سبيل الرمز فقط سعاد حسني ونادية لطفي أما الرجال فلا قبل لنا بحصرهم، كذلك كبار مخرجي السينما من صلاح أبو سيف وحتي سعيد مرزوق.. شفاه الله.
زمن المسرحيين غير المذكور: الفريد ونعمان والشرقاوي ورومان وإدريس ووهبة وأردش ومطاوع والشرقاوي والعصفوري و.. و.. زمن كمال الطويل وبليغ والموجي وصدقي والشريف ومكاوي وعبدالحق ومنير مراد زمن السنباطي والقصبجي.. زمن كل العظماء والمبدعين، زمن الساسة الكبار والصحافيين والسجانين الكبار، زمن الأبطال العسكريين العظام.. زمن عبدالناصر.. هل فعلاً كان ذلك الزمن الجميل جميلاً كما يراه من لم يعشه؟ هل كنا تحت سمائه.. نحس أنه جميل فعلاً وأننا عظماء لأننا جئنا في ذلك الزمن؟.. أبداً، كنا دائماً في حالة دائمة من القلق والضيق والإحساس بأننا نعاني اختناقاً، وعلي الرغم من السجن كان إبداعنا يقاوم قلقنا ليخرج في صورة تجمل الزمن فيصبح جميلاً لا يمكنك تجميل الزمن لو قصدت إلي تجميله وأنت لا تملكه، ولكننا كنا دائمي البحث عن الاكتمال لأن العمالقة عن يمينك وشمالك فتكتب أو تصور أو تخرج أفضل قدراتك ليعترف بمروورك في الزمن، فصدرت تلك الأعمال العبقرية.. زيادة إلي ذلك الهدوء الذي وهبه لنا وجود الإخوان في السجون فحالة القلق التي تخلفها أعمالهم الآن تقف حائلا بينك وبين التفكير في أعمال أدبية أو فنية كبري.
الآن إذا أردت أن تقدم أغنية جميلة ماذا تصنع؟ كان الزمن القديم مُرحِّباً، بل في احتياج، بكل عمل طيب وليس طارداً للجودة كما هو الآن، كان المسرح متألقاً، والسينما بها واحة كبيرة للجدية، والغناء مجلجلاً، منذ قلب الانفتاح الاقتصادي كل فن إلي سلعة تشوه الهدف النبيل في إبداع من يبني البشر والمجتمع، إلي سلعة يلجأ الجميع إلي كل الأساليب لكي تعود حاملة ربحها!!
ومع ذلك كان زمناً للمناهدة والقلق، ماله قليل، ومطارداته وتضيقاته لا تتوقف، زمن قلق وخوف.. من اللحظة القادمة، كان الإبداع جميلاً ولكن هل كان زمنه جميلاً؟.. أرجو ألا يقع في اعتقاد أحد أني أحاول النيل من الزمن الناصري مثلاً ولكن بأمانة متي عشنا «زمناً جميلاً» كما ينطقونها لحظة إذاعة عمل فني؟ تماماً مثلما كان البسطاء يتجمعون لسماع السيرة الهلالية، كانوا يعتقدون أن ذلك الزمن هو أيام العروبة النقية والبطولة المطلقة، زمن التضحيات وزمن الكل في واحد والواحد في الكل، وفي الحقيقة أن ذلك الزمن الذي افترضه السميعة لم يوجد إطلاقاً ومع ذلك تخلدت الملحمة الهلالية.
كان زمناً للإبداع.
ولكن المبدع نفسه يظل يحمل معاناته وقلقه وتعثراته أينما ارتحل، انظروا في المسافة بين «القصبجي» المبدع، والقصبجي المواطن، ربما وضح هذا فكرتي قليلاً!!
فارق بين الزمنين إن الفترة طاردة للجيد، تجبرك علي النزول من عليائك قليلاً قليلاً، تمت المقارنة في زمن التشوه، فسُمي القديم بزمن الفن الجميل. وفي ظني أنه بعد نصف قرن آخر سوف يقولون عن زماننا هذا بأنه الزمن الجميل، فالعالم في حالة تدهور مستمر، أعاننا الله علي بناء مستقبل لهذا البلد، يليق به!!
عن الأدب الفكاهي
السبت:
اندثر ما يسمي ب«الأدب الفكاهي» التهمه الهم الأشبه بقطارات البضاعة التي كلما مرت عربة ظهرت عربة بنفس اللون الداكن المقبض السخيف لدرجة تنسيك جمال قطارات الركاب البيضاء المبتهجة. انتهي فن النكتة تماماً كأنه اقتلع من جذوره ولم يعد يغني عنه نكات الفيس بوك التي شكلت أدمغة الأجيال الجديدة معتقدين أنها الثقافة الحديثة، وانشغل الشباب العصري بمسألة الاستقبال والإرسال، وهي نكات قد تنتهي ب«هيء» ومعظمها تعليقات سطحية علي أشياء شديدة الخطورة والتأثير في واقعنا اجتماعياً وسياسياً بالذات رجعت الضحكات المجلجلة وكأنها صارت عيباً.
وانتهي الشعر الفكاهي من أزجال و«مشعلقات» وغيرها، تلك التي كانت تحمل طاقة إبداعية تلعب علي مفارقات الحياة فتفجر الضحك وتخلف إبداعاً راقياً اختفي الآن في الكتب القديمة وغلفته أتربة الزمن ونسيته ذاكرته المتداعية.
أزجال عمنا بديع خيري ومشعلقات «حسين شفيق المصري» وزجالو مجلة البعكوكة التي أمدت الأدب الفكاهي بزاد لا ينفد مازلت احتفظ بحقيبة كبيرة مليئة بتلك الأزجال والأغنيات تمنيت أن أنكب علي تصنيفها وإضاءتها وبعثها من جديد، لكنه الزمن وألاعيبه والسياسة، ومفاجآتها لم تترك لنا فرصة التقاط الأنفاس في رمْحنا خلفها خوفاً علي الوطن الذي.. علي الرغم من كل ذلك لا يلتفت إلينا كثيراً ولا يعتمد علي ما نقول وما نفعل، وحتي لو تغلب علي مآزقه وأفلت واعتدل في طريقه فإن ذلك لا يكون بجهدنا علي كل حال، وإذا كان بجهدنا فإن الكرة دائماً تحت أقدام من يجيد التصويب.
هل نحن مهمومون علي الرغم من حالة التفاؤل التي تشكل مناخاً عاماً مؤجلاً ومحمولاً علي أكتاف أمل نفترضه ونصدقه. وهل في فترة اشتعال فن الزجل فيما قبل الثورة، كانت الناس متفائلة؟ إن اليأس والمعاناة وقسوة المعيشة كانت تفجر في المصريين ينابيع من الضحك والإبداع، أين ذهب ذلك؟ وهل نحن في هناء مقيم؟ أو لأننا لا نملك بؤس من سبقنا كففنا عن إضحاك بعضنا البعض؟ ولماذا ماتت النكتة وكأننا قتلناها ولم نعد نملك إبداعاً فكاهياً عدا بعض من إبداعات قليلة متناثرة لا تليق بما نحن فيه، وبالمسافة ما بين أحلامنا وواقعنا؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.