احد مقاتلى داعش كان نفوذ داعش وقوتها العسكرية ومصادر تمويلها مفاجئا للمخابرات الأمريكية والبريطانية رغم الامكانيات الكبيرة المتاحة للجهازين. و قد أورد باتريك كوكبرن في كتابه الجديد «الجهاديون يعودون» أنه علي الرغم من أن القوة المتنامية بسرعة لتنظيم «داعش» كانت واضحة لأولئك الذين يتتبعون ثرواته ، فإن حكومات أجنبية قليلة هي التي أعطت أهمية كبري لما كان يحدث ،و من هنا كان سقوط الموصل في يد تنظيم داعش صدمة كبيرة. وأضاف كوكبرن «كان واضحا أن الحكومات الغربية أساءت تقدير الوضع في العراق وسوريا». واتبعت الولاياتالمتحدة مدعومة بتأييد بريطانيا لعقود طويلة أسلوبا تضليليا متساهلا تجاه منطقة هي الأكثر تعقيدا وعدم استقرار في العالم. و إذا كانت الولاياتالمتحدةوبريطانيا حينما قصفتا العراق وليبيا وافغانستان وشوهتا صورة الطغاه (صدام والقذافي والأسد)، لم تفكرا في العواقب الوخيمة لفراغ السلطة في تلك الدول، فإن الأكثر خطورة من ذلك هو تحديد موعد لسحب قواتهما من العراق وأفغانستان. ولهذا يجب علي الحكومات الغربية العمل بشكل أوثق وأكثر تواضعا مع تركيا وإيران ودول الشرق الأوسط وروسيا وإقناعهم بأن بينهم اهتمامات أساسية مشتركة لمواجهة خطر التطرف ، وما زالت الفرصة سانحة أمام جميع الأطراف للعمل معا لتجفيف منابع الإرهاب بالقضاء علي الفقر والاغتراب والطائفية. و علي المدي القصير يجب تقديم مساعدات إنسانية وإمداد من يحاربون داعش بالاسلحة المناسبة والتعامل مع الأسد لأن في بعض الأحيان يجب عليك أن تطور علاقاتك مع السيئ حتي تتخلص من الأسوأ «هكذا يقول مالكوم ريفكند، وزير الدفاع الأمريكي الأسبق وعضو لجنة الأمن والاستخبارات بالبرلمان» لفيننشيال تايمز واتفق معه في الرأي ريتشارد دانات، قائد الجيش السابق. فيليب هاموند وزير الدفاع البريطاني الذي نأي بنفسه عن هذا الكلام وقال إن بريطانيا لن تمد المعارضة السورية المعتدلة بالدعم القوي. ويتحدث ديفيد كاميرون وهاموند عن القوة العسكرية لبريطانيا، وعلي ما يبدو أنها تعني معدات جمع المعلومات الاستخباراتية والقوات الخاصة (التي لا تذكر).فقد أعتاد الإثنان التعامل مع عملاء تافهين، وهم ضباط في جهاز المخابرات الخارجية البريطانية. ويعتبر كاميرون وهاموند من أوائل الذين تحدثوا إلي الجيش الثوري الإيراني وتعاملوا بعقلانية وصبر ولكنهم أحبطوا في محاولتهم العقلانية الأولي للتحدث مع طالبان. والآن يحذرون الحكومة البريطانية من عدم المبالغة في رد فعلها تجاه البريطانيين الذين ينضمون لداعش ثم يعودون إلي ديارهم. «القاعدة الأساسية للعدالة البريطانية هي إن المتهم برئ حتي تثبت إدانته ويجب ألا تتغير ولو بشكل بسيط تجاه هذا التهديد «غير المثبت» في الوقت الراهن» هذا ما قاله ريتشارد باريت الرئيس السابق لقسم مكافحة الإرهاب في جهاز الامن الخارجي البريطاني لصحيفة الجارديان، مضيفا «أنا لا اعتقد أننا يجب علينا تغيير القوانين دون إجراء تقييم دقيق جدا لهذا التهديد وفهمه». بينما ذكر ريتشارد ديرلوف، رئيس الاستخبارات السرية البريطانية السابق، الشهر الماضي ان الحكومة ووسائل الاعلام أعطوا المتطرفين مساحة أكبر من حجمهم وعرفوا الناس عليهم مما جاء بنتيجة عكسية، مضيفا أن الصراع في الأساس بين مسلم ومسلم، وأن مهمة الخدمات الأمنية المحلية هي مواجهة أي خطر يتشكل في بريطانيا. والخطورة ليست في هؤلاء المتطرفين الذين يتفاخرون في تغريداتهم ببيانات وصور مروعة، والسؤال هو كم عدد من يخططون في هدوء للهجمات.