24 يوليو 1988 في موسكو.. الميدان الأحمر كنيسة سانت بازل ذات القباب الشديدة الجمال لا.. أقف إلا نصف ساعة ويشدني من يدي الزميل عبدالملك خليل: - هيا تعالي لتري معجزة.. سوف تشاهدين الولادة تحت الماء. ونذهب إلي أحد المستشفيات وأسماؤنا علي الباب لنحضر التجربة امرأة تجلس في حوض ماء كبير وأمامها طبيب وممرختان الكل يساهم علي انجاز الولادة.. وبعد مساعدة السيدة بالجلوس ثم النوم قليلاعلي الماء ثم بعض الحركات المنتظمة.. ويخرج الجنين تحت الماء ويسبح لدقائق فاتحا عينيه وفمه ثم يخرجونه من الماء.. ثم يخرجون الأم التي تبتسم.. هذه هي الولادة الثانية والأولي لم تكن تحت الماء.. السيدة تبتسم وتنظر للطفل وتنطق كلمة بالروسية يترجمها لي المترجم. - هل هو سمكة أم طفل؟ وتنظر إلينا وتتحدث بسعادة.. يترجمها لنا المترجم. - لم اكن اتصور أنني سوف ألد بلا ألم.. لقد كدت أموت ألما في المرة الأولي. وقال لي الطبيب - الولادة تحت الماء تجربة جديدة وجدنا أنها مريحة للغاية للأم وتجربة جيدة لخروج الطفل تحت الماء فيتنفس لأول مرة فتتسع الرئة ويتنفس كما كان في رحم الأم تماما وبعد الخروج من الماء أخذوه ليخضع لتمرينات يومية للحياة ويظل يخضع للتجربة تحت الماء يوميا وتكون حالته التنفسية بنفس الكفاءة التي هو عليها خارج الماء التجربة بدأت منذ خمس سنوات «1983» والأطفال الذين خضعوا لهذه التجربة يعيشون في صحة جيدة سواء تحت الماء أو في البحر العادي وقد عرض التليفزيون السوفيتي هذه التجربة مرتين خلال شهر يونيو الحالي «1988» وقد رحبت الكثيرات بالتجربة وقد اعلن المركز الطبي للأطفال في موسكو أنها تتم بسهولة وبدون ألم وقد شوهدت الأم والطفل يسبحان تحت الماء بعد الولادة مباشرة. وقد حاول طبيب مصري صديق أن يأخذني لأري التجربة ولكن هناك لم يسمحوا بذلك لأن الأم يجب ألا تتعرض لأي مشاعر تخرجها عن تجربة الولادة تحت الماء. في ليننجراد وفي مفكرتي عن ليننجراد وليننجراد هي البلدة المتحف والتي تحتوي علي مبان وتماثيل ولعلك تمشي فيها وتتلفت حولك دائما وهي في اقصي الشمال حيث أقصر ليل يوم 22 يونيو وهو خمس ساعات وأقصر يوم هو 26 ديسمبر وهناك مهرجان موسيقي اسمه الليل الأبيض white night حيث تعزف الموسيقي في كل مكان. وفي اليوم الثاني في ليننجراد زرت كنيسة سان ايزاك كاتدرال وقد دفن بطرس الأكبر «الأول» في كاتدرائية بطرس بول. ومن اجمل التماثيل في العالم تمثال بطرس الأكبر القافز علي الفرس وعلي صخرة مواجهة لنهر اريكا وهو بجانب كنيسة ايزاك. أما بوابة المدينة «cast Iran gate» وقد كانت بوابتها في القرن 18 وهنا في ليننجراد مسرح خاص للاطفال.. ويوجد بالمدينة تمثال للينين أمام الادارة المحلية للمدينة ولكن الحكومة حولته إلي سكن للكرادلة. ومن اهم ما في ليننجراد 150 هكتار صوبات زراعية لزراعة الخضر. وهنا تشرق الشمس 37 يوما فقط والباقي مغطي بالسحاب وممطر. أما أعظم ما في المدينة فهو المتحف الذي أسس في الستينات من القرن التاسع عشر وهو مملوء بالفازات الصيني الياباني الضخمة وفي القاعة الكبري بالمتحف الأبواب زجاجية وحولها زهور وكأنها حديقة مذهبة وقد قام بعملها «130» فنانا وجددوا السقف وأطلقوا عليها «قطار روسيا» وقد رسمه الايطالي العظيم جوزيب فاليرياني في القرن 19. أما الشمعدانات والدفايات من الصيني الأزرق وقد لاحظت أن التذهيب رائع جدا ومتقن.. أما حجرة مائدة الفرسان فهي حجرة كبيرة وبها كراس مذهبة مرصوصة كأنه اجتماع الفرسان. أما حجرة بنت بطرس الأول فهي مازالت في الترميم وحوائطها من الساتان وحولها مذهب وكذلك باقي الحوائط بالجوبلان وفي الحديقة وجدت سيدة عجوزاً طلبت تصويرها فأمهلتني حتي تصلح من شعرها وزينتها. مع بوشكين وعلمت أنه علي بعد أميال بسيطة من ليننجراد يوجد البيت الذي أمضي فيه «بوشكين» شهر العسل وفي هذا البيت كتب بوشكين مئات القصص ومنها قصة ابنة الضابط. أما يالطا فهي وطن تشيكوف الاخير ولكن كان له بيت في موسكو. أما تولستوي فهو في بلدة ياسنايا بليانا أي النقاء. وفي ليننجراد متحف النصر الذي يبدأ ب800 شعلة ترمز لثمانمائة يوم حصار المدينة «22 يونيو 1941» من القصص المعروفة هنا أنه في يوم 15 اغسطس 1941 كانوا يريدون اقتحام المدينة ولكنهم لم يستطيعوا لأن الدولة كانت محاصرة بالأعداء ولم يجدوا الطعام ومات 641 انسانا جوعا في الحصار. وبينما كانت البلدة تموت كان الفن يحيا ففي المتحف تشاهد آلة كمان وراديو وكلمات أغنية.. هذا لانعاش البشر أمام دمار الحرب. لقد صنعوا من الدمار حياة.. صنع الفنانون جدارية رائعة من الموزاييك اسمها النصر. كانت هناك مشكلة تطاردني وهي حاجز اللغة الذي مازال عجيبا.. لا أحد هنا يعرف الانجليزية ولا مذكرة بجانب التليفون تعلمك كيف تستعمله غريبة هذه الفلتات في الاتحاد السوفيتي.. أظن أن السياحة هنا ليست علي بال الدولة «1988». الجو بديع هنا في ليننجراد.. أمس كان يناير واليوم يونيو عملت المستحيل لأجد تذكرة طائرة مساء اليوم ولا فائدة.. اخذت تاكسي للايرفلوت في وسط البلد الطريقة الوحيدة أن أذهب إلي المطار وأنا وحظي ومعي تذكرة القطار لو ما عرفتش اسافر بالقطار ان شاء الله. عدت من المطار للكوافير غسلت رأسي لكن ليست عندهم رولاهات كبيرة نشفت شعري عادي تحت السيشوار ب «2 روبل» أي 4 دولارات! اخذت الغداء وصعدت للغرفة ونمت شوية أحلل الستين روبل اللي دفعتهم في الحجرة.. صحيت 4٫30 وذهبت لمحل الفراء وجدت بالطو استرا كان حلو جدا لكن طلع ضيق رغم ان ثمنه لايزيد علي 200 دولار لكن الوقت لم يسمح بالتغيير وذهبت لرؤية المترو.. المحطات هنا اعمق من لندن بكثير لاتستطيع العين أن تصل إلي نهاية السلم.. المحطات كلها مختلفة عن بعضها.. بعضها كأنها قصر مزين بالنجف الكريستال وبعضها بالرخام وبعضها بالفسيفساء الحمراء. وصلنا آخر محطة وأخذنا الترام إلي الفندق.. تأخرنا علي الطيارة رغم ذلك أخذت تاكسي للمطار وصلنا بعد الاقلاع ب20 دقيقة ولا فائدة! ركبت القطار. وصلت موسكو الساعة 7٫40 دقيقة. معسكر الطلائع والبروسترويكا جاء ميخائيل يوري جلوفوف مع العربة للذهاب إلي معسكر الطلائع خارج موسكو وفي الطريق سألته: - ماذا عن البروسترويكا؟ - قال في رأيي أنها تسير جيدا في اشياء مثل الصحافة فقد أثرت كثيرا علي اسلوب النشر الذي سار إلي الديمقراطية ولكن في الفنادق والمطاعم والشوارع لم تأت بنتيجة جيدة. - هل هناك احد ضد البروسترويكا؟ - نعم كثيرون - من هم؟ - هم كبار الموظفين الذين يتقاضون حوافز قبل البروسترويكا ودخولا مرتفعة نتيجة لا عمل الآن انهم يخافون أن يعملوا مقابل هذه الأجور وهم كانوا يتقاضونها بلا مقابل فهم يخافون من زحف البروسترويكا. وايضا آلاف آلاف البيروقراطيين الذين يجلسون علي المكاتب ولايفعلون شيئا ولايريدون العمل ايضا.