لي أسابيع في متابعة لسباق يجري علي عدة جبهات، باحثة في وقائع وعن معلومات وآراء متفرقة من عدة دول وتيارات شتي ولدراسات خبراء، وانتهت الي يقين بمؤشرات تدل علي الاتجاه الي حرب محتومة تندلع بين اسرائيل وايران وحزب الله ، هذا ان لم تتسع بتداعياتها وهو أمر وارد، فأما التوقيت فلا ما يدل علي قريب عاجل ولا بعيد آجل ... لابد بالبدء من التساؤل: ما الذي جعل الطيران الاسرائيلي في حالة التريث هذه مؤجلا ضرب البرنامج النووي الايراني في الوقت الراهن وبما تعدي بكثير حتي الآن ما اعتاده من نفاد صبر واسراع بالانقضاض علي المشروعات النووية في المنطقة ووئدها في مهدها.. وهذا رغما عن القلق كل القلق الذي ينتاب القيادة الاسرائيلية من مرور الوقت وقرب تحصل الايرانيين علي سلاح نووي حسب ما يرددون.. فما يقال سببا وهو انتظار نتائج الجولة الرابعة هذه من العقوبات الاقتصادية فقد تحقق أهدافها مع نهاية العام.. هذا بينما الغرب بدأ يطرق احتمالات جولة خامسة من العقوبات.. اذن ما يعطل اسرائيل هو السباق الجاري علي الجانب الآخر الذي نقل التوازن السابق الي مرحلة تجعل من أي محاولة هجومية من اسرائيل مغامرة خطرة غير محسوبة العواقب واسرائيل لا تحتمل مغامرات من هذه النوعية غير محسوبة النتائج.. أولا يكاد يكون من المؤكد أن الولاياتالمتحدة لن تشارك في هجوم عسكري ضد ايران بل الدلائل تشي بانها تكتفي بدعم اسرائيل كما يجري حاليا بنحو لم تدعم بمثله من قبل وأعلن فعلا أنهم بسبيل ان يمدوا اسرائيل باكبر صفقة "امنية " في تاريخها (ولاحظ أنه ما عاد يقال "عسكرية") بل تبرير بأنها ((لتدفعها الي اتخاذ قرارات مصيرية)) ومنذ أيام أعلن أندرو شابيرو مساعد وزيرة الخارجية أمام ندوة باحد مراكز الفكر السياسي بواشنطون (مركز صابان) ان الادارة طلبت من الكونجرس اقرار مساعدات "امنية" لاسرائيل تبلغ 2.775مليار دولار للعام الحالي وهي اكبردفعة مساعدات في تاريخ المساعدات العسكرية الامريكية.. واسرائيل أعلنت منذ أيام عن تجربة " القبة الحديدية " وهذا نظام دفاع جديد مضاد للصواريخ قصيرة ومتوسطة المدي مثل كاتيوشا التي استخدمها حزب الله في الحرب مع اسرائيل عام 2006 و"قسام" التي يستخدمها الفلسطينيون ولا تحقق غير بث الرعب بين المدنيين في شمال اسرائيل.. البطارية الواحدة من القبة الحديدية قد تحمي مدينة متوسطة الحجم لكنها لا تحقق حماية مدن مثل بير سبع أو حيفا ولا ضواحي تل ابيب ، علما بأنها أي البطارية الواحدة تكلف 21 مليون دولار ، واسرائيل تتجه الي نشر ما بين 15 الي 20 بطارية * 21 مليون = كم؟ احسبها انت.. كانت واشنطون بوست قد نشرت مؤخرا نقلا عن انطوني كوردزمان عضو مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية بواشنطون ان اتفاقا تم توقيعه في أواخر عهد ادارة بوش يقضي بأن تتحمل الولاياتالمتحدة نحو الربع في أي تكاليف عسكرية لاسرائيل... عموما نظام القبة الحديدية ليس غير الخطوة الاولية في نظام دفاعي متقدم متدرج القدرات ما يزال قيد الاعداد حاليا وهذا علي ما يعتقد هو السبب الارجح لتريث اسرائيل حاليا دون المغامرة بهجوم غير مأمون العواقب.. ونظام الصواريخ الدفاعية المتقدم ذاك مشروع مشترك مع أمريكا يعرف بنظام "لسعة دافيد" David Sting الذي قد يواجه باقتدار أخطار صواريخ شهاب 3 - ب - الايرانية.. المعروف ان أهم دفاعات اسرائيل حاليا تقتصر علي باتريوت وأرو. من المقطوع به ان حربا تندلع ضد ايران سيدخلها حزب الله من جنوب لبنان طرفا يفتح جبهة اخري لاسرائيل من الداخل ، هذا ان لم تبدأ الحرب عمليا بين اسرائيل وحزب الله اولا ، خصوصا مع الانباء الاسرائيلية الامريكية المؤكدة بانتقال صواريخ M600 المصنعة في سوريا الي حزب الله وتعتبر قفزة فوق كل ما سبق لحزب الله حيازته اذ يحمل الصاروخ منه رأسا من المتفجرات تبلغ 500 كيلوجرام ويدفع بها لمدي 300 كيلو متر.. وما يقلق الاسرائيليون انه دقيق التصويب فهو عسكريا اخطر بكثير اذا ما استهدف المطارات في شمال اسرائيل والقاعدة البحرية في حيفا وغيرهما وفي برقية لوكالة يونايتد برس بتاريخ 7 مايو تصريح لرئيس سلاح الجو الاسرائيلي جنرال جافيش يقول فيه إن تلك النوعية من صواريخ M600 تنقل المواجهة مع حزب الله الي درجة أخطر مما كانت عليه في حرب 2006 مع صواريخ كاتيوشا غير دقيقة التصويب التي كانت تطلق علي مراكز التجمع السكانية فترهب المدنيين اكثر مما تؤدي عمليا من أضرار. في هذا المعني أصدر مجلس العلاقات الخارجية الامريكي الأسبوع الماضي دراسة مركزة في ثماني صفحات لدانييل كيرتزر السفير الامريكي الأسبق في القاهرة الذي عين بعد ذلك في اسرائيل ويقوم بتدريس العلاقات الدولية حاليا في جامعة برنستون، يدعو فيها الادارة الامريكية أن تنتبه الي احتمالات اندلاع قتال بين اسرائيل وميليشيا حزب الله قد تحركه اسرائيل سعيا لاتخاذه ذريعة او غطاء لشنها هجوما علي ايران.. ويحذر كيرتزر الادارة الامريكية من احتمال ذلك ويدعو الي منعها أو احتوائها ان امكن محذرا بأن اشتباكا ولو محدودا بينهما يحتمل أن يجرمعه سوريا وغير سوريا بما يشعل الموقف في المنطقة باسرها مع كل توابعه من خسائر فادحة تعود علي مصالح الولاياتالمتحدة... كيرتزر في تقريره لا يتوقع اندلاع مثل هذه الحرب في القريب قريبا انما يرجح انها واردة بعد عام أو 18 شهرا ومع ذلك فان أي حادث عارض قد يعجل من تدهور الاحوال في مدة قصيرة وبدون مقدمات.