لن أخوض في الخناقة... مرة لأنها ليست أكثر من خناقة، ومرة لأن تداعياتها ودلالتها أكثر أهمية وخطورة، ومرة ثالثة لأن حديث التسجيلات والتسريبات والسيديهات، حديث لا أحب الدخول اليه..لكن وقف بث برنامج (الصندوق الأسود) لعبد الرحيم علي (وعلي الهواء مباشرة) من قناة القاهرة والناس.. ورفض رجل الأعمال طارق نور( صاحب القناة) إذاعة تسجيلات (الصندوق الأسود) لنجيب ساويرس، ومن ثم قام بوقف البرنامج، يثير التساؤلات : لماذا قبل طارق نور طوال أكثر من عام، أذاعة عشرات التسجيلات لسياسيين ونشطاء سبق وقدمها عبد الرحيم علي بالبرنامج ؟ لماذا رفض التسجيلات هذه المرة ؟ هل لأن الأمر يتعلق برجل أعمال ؟ أو يتعلق بمصالح مشتركة ؟ الخناقة، خناقة بالفعل (ساويرس رفض أو صمت عن التبرع لصندوق تحيا مصر، رفض منطق (حتدفعوا يعني حتدفعوا) فقرر عبدالرحيم علي تأديبه وإصلاحه، بفضح دعمه للإخوان، وعلاقاته بالأمريكان بالتسجيلات )!! ما يعنيني هو ماوراء الحكاية، ما تكشفه من علاقة رجال الأعمال بالإعلام، وسطوة رأس المال وتأثيره الخطر علي الإعلام المرئي والمكتوب ( ذكر د.حسن علي رئيس جمعية حماية المشاهدين ) أن هناك رجل أعمال يملك ما يقرب من 16 قناة فضائية، وأن هذا غير موجود في أي بلد في العالم !! بعد 25 يناير، اتجه رجال الأعمال الي مجال الاستثمار الإعلامي، قاموا بشراء الصحف والقنوات التليفزيونية، وهو ما أحدث خللا واضحا في المنظومة الإعلامية (دورها وأهدافها) وما شكل تهديدا واضحا لأستقلالية الإعلام، فكل رجل أعمال أصبح يمتلك قناة تليفزيونية، تطرح أفكاره، وتقدم أجنداته، وتحافظ علي مصالحه، وتروج لها، ولا يخلو الأمر من تصفية حسابات (سواء طرف الإعلامي أو طرف صاحب القناة) وتحويل القنوات الي منابر دعائية، هي جزء من صفقة متبادلة بينهم والدولة (موقف دعائي وإعلامي لصالح الدولة، مقابل مصالح ومكاسب غير اعلامية لصاحب القناة) شيء يذكرنا بتجار الخردة، وقطع الغيار(بالسبعينات والثمانينات) الذين تحولوا الي منتجين سسينمائيين، فكانت النتيجة ظهور ما يسمي(بأفلام المقاولات)!