مظاهرات السود فى أمريكا أدت لإعلان حالة الطوارىء في القرن السابع عشر كانت المرة الأولي التي وطأت فيها أقدام أفريقي أسود لأرض أمريكا كي يعمل عبدا في مستعمرات البيض، وظل السود يكافحون قرونا عديدة للخلاص من حياة العبودية والعنصرية والقهر التي عاشوها لا لشيء إلا لأنهم أصحاب بشرة سوداء. ونجح مارتن لوثر كينج ومالكوم إكس في انتزاع حقوق السود باعتبارهم مواطنين أمريكيين حتي أصبح هناك قانون للحقوق المدنية عام 1968 وبعد نصف قرن آخر جاء لأمريكا أول رئيس أسود في تاريخها وهو الرئيس الحالي باراك أوباما. ومن سخرية القدر أن يحدث في عهده الآن ثورة جديدة يقودها السود من أجل انتزاع حقهم في حياة كريمة ونظام قضائي عادل. بعد أن قتل شرطي يدعي دارين ويلسون الشاب الأسود «مايكل براون» ( 18 عاما ) وذلك بعد الاشتباه به في حادث سرقة علبة سجائر حسب رواية الشرطة في ضاحية سانت لويس. وقد أثارت القضية من جديد الاتهامات الموجهة للسلطات الأمريكية بأنها تنتهج أساليب عنصرية في حق المواطنين السود وكأن عصور العبودية رحلت ولكن العنصرية لم تنته من المجتمع الأمريكي. وخرج المتظاهرون السود إلي الشوارع يحملون لافتات تدين العنصرية . وأمر الرئيس اوباما وزارة العدل والمباحث الفيدرالية بإجراء تحقيق مستقل في قضية مقتل مايكل ودعا المتظاهرين لعدم استخدام العنف ضد قوات الشرطة وفي نفس الوقت دعا الشرطة لحماية المتظاهرين السلميين بعد أيام من المصادمات وعمليات الحرق والتخريب وإطلاق الشرطة الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع وقنابل الدخان علي المتظاهرين مما أضطر حاكم ولاية موزوري لإعلان حالة الطوارئ. وأصبحت الجرائم ضد السود تشبه الجرائم المنظمة وفقا للمنظمات الحقوقية حيث يقتل مواطن أسود علي يد الشرطة كل 36 ساعة . وفي تقرير لل ( إف. بي.أي.) ثبت أن معدلات قتل السود أعلي بكثير من معدلات قتل البيض في أمريكا وأن أغلب الضحايا تتراوح أعمارهم بين 13 إلي 30 سنة. كما أكد استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «جالوب»، بين شهري يونيو ويوليو عام 2013، أن 25% من الشباب السود، بين سن 18 و34 عامًا، كانوا أكثر عرضة للمعاملة السيئة من الشرطة الأمريكية. واصدرت حركة مالكوم إكس تقريرا لها عام 2013 رصدت فيه مقتل 120 أمريكيا من السود علي يد الشرطة في النصف الأول من عام 2012 وأشارت إلي أن أغلب الضحايا كانوا شبابا صغار السن أعمارهم أقل من 31 عاما وان 11% من الضحايا من الأطفال. بينما ارتفع الرقم إلي 313 قتيلا أسود علي يد الشرطة عام 2013 وأشارت دراسة أخري إلي أن ضحايا الشرطة من السود يقتلون بتهمة حمل السلاح بينما تشير الحوادث أن 46% من الضحايا كانوا عزل أثناء إطلاق النار عليهم وان 36% منهم قتلوا لمجرد الاشتباه في حمل سلاح. كما ارتفعت معدلات سجن الشباب السود خلال السنوات العشر الماضية من المتسربين من التعليم. ويعيش نحو 35 % منهم وراء القضبان .بينما تؤكد المنظمات المدنية للسود أن عدد السود الخاضعين لنظام الملاحقة الجنائية أكبر من عدد المستعبدين قبل الحرب الأهلية وهو ما يمثل انتكاسة لما حققه الأمريكيون من أصل أفريقي في حركة الحقوق المدنية. السود في أمريكا يعيشون في مجتمعات فقيرة وامكانيات ضعيفة ويتضاعف معدل تركهم للتعليم عن البيض وهي نفس النسبة وأكثر فيما يخص معدلات البطالة . وهناك نحو مليون أمريكي أسود في السجون الأمريكية وأشارت منظمة حقوقية إلي أن واحدا من بين 3 من السود المولودين اليوم سيقضون حتما وقتا من حياتهم في السجن. ورغم ان السود يمثلون 18.4% فقط من تعداد السكان الامريكيين إلا ان 43% من ضحايا القتل كل عام من الأمريكين السود. وبينما يسعي المتظاهرون السود اليوم لتعديل تلك الأوضاع الخاطئة خاصة النظام القضائي بعد مقتل أكثر من شاب أسود بنفس الطريقة دون أن تسفر القضايا والمحاكمات عن شيء يبقي السؤال عن دور الرئيس أوباما في حل هذه الأزمة التي تتعلق بعشيرته التي يعرف عنها ما لا يعرفه غيره من رؤساء أمريكا..فهل سينصف السود بقوانيين جديدة تضمن حقوقهم الضائعة أم ستشغله أجنداته الخارجية عن نصرة قومه؟