لي مع الحدود حكاية، عندما كنت طفلة وأقف علي الحدود المصرية في سيناء أنظر وأدقق النظر الي الطرف الآخر من الأرض كي أري أهلنا المحتلين في فلسطين، كان الإسرائيليون يحتلون الجانب الآخر من المعبر ويرفعون أعلامهم فوق المباني الفلسطينية العربية. فكنت أشير لهم بعلامة النصر وبداخلي غضب شديد لأنني أري غرباء مغتصبين فوق أرضي ومجرمين يقتلون أخوتي يقفون في وجهي ببنادقهم الآلية. كانت تشغلني وقتها فكرة هذا الخط الوهمي المسمي بالحدود وتلك الأسلاك الشائكة التي رسمتها بريطانيا وفرنسا لتقسيم مستعمراتهما العربية . وكيف رحل هذا الإستعمار شكلا وترك لنا سموم هذا التقسيم في عقولنا. لسنوات طويلة كنا نجيد الحديث عن كل ما هو عربي ونحفظ كل شعارات القومية العربية ونشيد المنظمات والمؤسسات العربية دون أن نؤمن حقا بفكر ومبادئ العروبة وما تشمله من حقوق وواجبات. لا أتجني علي أحد وأنا أصف مشهد المصريين علي الحدود التونسية الهاربين من جحيم القتل والخراب في ليبيا، وأسألك يا عربي: عندما يأتيك أخوك مستغيثا مكلوما كيف تطلق عليه النار لأنه تخطي ذاك الخط الوهمي بحثا عن النصرة والأمان؟، أسألك يا عربي: عندما قصف الإحتلال الإسرائيلي إخوتك برا وبحرا وجوا في فلسطين وجاءوك يستنجدون بك من المذابح في رفح، كيف أغلقت في وجههم الحدود؟ وأين أنتم يا عرب من دولة الخيام علي الحدود التي تكتظ باللاجئين الفلسطينيين والسوريين والعراقيين الهاربين من الموت؟ ولماذا إختزلت المنظمات العربية الفعل العربي في إصدار بيانات الشجب والإدانة؟. فإذا أردت عزيزي أن تجري قياسا لدماء العروبة في جسدك، إختبر عروبتك عند الحدود. فإذا إستعصت عليك المشاهد ووجدت في ملامح المكلومين المستضعفين شيئا من ملامحك. وشعرت أنك أنت من يقف علي الحدود ولا تجد مجيرا أو معينا فأعلم أن جيناتك العربية لازالت علي قيد الحياة.