الآن.. تحل ذكري مرور 69 سنة.. علي استخدام أمريكا للسلاح الذري.. ولم نسمع اعتذارا صدر من واشنطن.. لأن الذين يملكون القوة.. لا يفكرون في الاعتذار. في السادس من أغسطس سنة 1945.. ألقت الولاياتالمتحدةالأمريكية قنبلتها الذرية الأولي علي مدينة هيروشيما اليابانية وفي التاسع من الشهر نفسه ألقت قنبلتها الثانية علي مدينة ناجازاكي.. وأدت لمصرع ما لا يقل عن مائتين وخمسين ألفا من البشر.. وكأنهم وضعوا أحياء في ماء يغلي.. في لحظة واحدة. وامتلأت الشوارع بالقتلي الذين ذابت أجسادهم من جراء الماء المغلي الذي سقط عليهم من السماء.. وجعلهم يسبحون في حمامات من اللحم السائل. الآن.. تحل ذكري مرور 69 سنة.. علي استخدام أمريكا للسلاح الذري.. ولم نسمع اعتذارا صدر من واشنطن.. لأن الذين يملكون القوة.. لا يفكرون في الاعتذار. الأقوياء لديهم القدرة علي تبرير تصرفاتهم.. بعيدا عن العقل والمنطق.. وفق قاعدة «تؤخذ الدنيا غلابا».. والأقوياء لديهم القدرة علي اقناع الآخرين.. بأنهم دائما.. علي حق. وفي كل الأحوال.. الأقوياء لا يعتذرون.. حتي لو وصلت جرائمهم لحد ارتكاب المذابح.. وقتل ملايين الأبرياء.. وتشريد شعوب.. بعد تمزيقها.. واشعال نيران الطائفية بين أفراد نسيجها الوطني الواحد. وعلي الرغم من الذهول الذي أصاب العالم.. بعد هذه المذبحة فإن واشنطن لم تعتذر.. وليس ذلك في حد ذاته هو المشكلة.. المشكلة.. ان هذه الثقافة.. لاتزال سارية المفعول.. وتتلخص في حق واشنطن في استخدام القوة المفرطة بصرف النظر عن مقاييس الخطأ والصواب طالما انها تملك الأسلحة التي تمكنها من الوصول لأهدافها. وبالتالي فإن تاريخ واشنطن حافل بالعشرات من القنابل الذرية التي ألقيت علي هيروشيما وناجازاكي. المأساة العراقية التي لانزال نشهد فصولها.. هي قنبلة ذرية.. ذلك أن تتصور دولة عظمي يبلغ عدد سكانها أكثر من 300 مليون نسمة تقوم بشن الحرب علي دولة صغيرة يبلغ عدد سكانها 23 مليون نسمة.. في خلل هائل في موازين القوة.. لا يمكن تصوره وتقوم الترسانة العسكرية الأمريكية بشن الغارات علي شعب نصف عدد سكانه من الأطفال والنساء والمسنين.. فتشرد الملايين من الأبرياء.. وتشيع الانقسام والفرقة والصراعات الطائفية بين أبناء الوطن الواحد. المأساة العراقية التي لانزال نشهد فصولها.. هي قنبلة ذرية.. ألقيت علي ملايين المدنيين الأبرياء.. وكما دفع المواطن الأمريكي نفقات هيروشيما وناجازاكي فهو قد دفع ومول القنابل الذرية التي ألقيت في العديد من أرجاء العالم.. في كوريا وفيتنام ويوغوسلافيا.. وفي كوسوفو علي وجه التحديد.. وفي أفغانستان. جميع الحروب التي شنتها واشنطن علي شعوب العالم.. هي في حقيقة الأمر قنابل ذرية.. أهدرت القيم الإنسانية وحقوق الإنسان. الدعم الأمريكي للجماعات الإرهابية.. هي قنابل ذرية تلقي علي الشعب السوري والشعب الليبي.. وتلقي بها في رعونة وكأنها تلقي بها في مباراة تنس. والمثير في الموضوع ان الدول التي حاولت علي مر تاريخها إقامة امبراطوريات تخضع لسلطانها مثل فرنسا أيام نابليون وألمانيا خلال ثلاثينيات القرن الماضي باستخدام الأسلحة والجيوش قد تراجعت وتخلت عن أحلام السيطرة بالقوة المسلحة.. علي الشعوب الأخري الأقل قدرة علي الدفاع عن نفسها.. إلا أمريكا. أمريكا.. لم تتراجع عن هذه الأوهام.. واستمرت طوال تاريخها الذي لا يتجاوز المائتين سنة في ممارسة تكوين امبراطورية تخضع لسكانها.. وتدين لنفوذها.. ويركع ساستها تحت أقدامها. أحلام أمريكية.. دفعت الشعوب أثمانها الباهظة.. تحت قصف القنابل في هيروشيما وناجازاكي تارة.. وفي كوريا وفيتنام والعراق وسوريا وليبيا ويوغوسلافيا وأوكرانيا.. تارة أخري. وفي كل مرة لا تؤرق أصوات القنابل.. ساكني البيت الأبيض. ولم يتقلب في فراشه بفعل تأنيب الضمير.. وفي كل مرة يتساءل البسطاء من أمثالنا.. كيف ينام الرئيس الأمريكي.. وهو يعرف انه مع كل طرفة عين يموت بسببه ألوف البشر ويتشرد ملايين الأطفال؟ سؤال نطرحه.. ونحن أمام ذكري مرور 69 سنة علي جريمة هيروشيما وناجازاكي.. وآثار الدماء لاتزال عالقة بجدران البيت الأبيض!