لا أنبهر بالملايين التي يقدمها رجال الأعمال للمشروعات الخيرية.. بقدر ما تبهرني الجنيهات القليلة التي يقتطعها الفقراء من قوتهم رغم مواردهم المحدودة. قرأنا جميعا عن بطلة صندوق «تحيا مصر».. الحاجة زينب الملاح.. تسعينية العمر.. التي قدمت لمصر قرطها الذهبي اليتيم.. وهي المسنة الكفيفة التي تحمل فوق كتفيها هموم الفقر والسن والمرض. ولأن قرط الحاجة زينب هو كل ما تملك.. اعتبرناه جميعا أغلي من ملايين رجال الاعمال.. واعتبرها الرئيس السيسي نموذجاً فريداً تستحق أن يخصها باللقاء والشكر. واسمحوا لي أن أقدم لكم قصة أخري تستحق بطلتها ان تكون ملء السمع والبصر.. كان اليوم أول أيام يوليو عام 2007.. كنا نجتمع في حديقة مستشفي 57357 مع د.شريف ابو النجا صاحب هذا الحلم العظيم ومعنا مجموعة من أطباء المستشفي.. كانت الاستعدادات علي قدم وساق لقرب افتتاح المستشفي.. وكنت من أوائل الصحفيين الذين يتابعون مراحل انشاء هذا المستشفي منذ كان حلما في عقل وقلب د. شريف ابو النجا.. وأثناء اجتماعنا بالحديقة فوجئنا بامرأة مسنة تتجه إلينا متكئة علي عصاها وتقول لنا: «أنا الحاجة زهرة.. من كوتسيكا بحلوان.. عمري 80 عاما.. وليس لدي أبناء.. أعيش علي بيع الجرجير منذ وفاة زوجي حتي أستطيع مواصلة الحياة» تصورناها متسولة تطلب إعانة.. لكننا فوجئنا بها تخرج منديلا معقودا وتقول بخجل: «رأيت إعلانات المستشفي.. وعرفت انكم ستعالجون الاطفال المرضي مجانا.. تخيلتهم أولادي الذين لم أنجبهم.. وتمنيت أن اشارك بأي شيء. لو كنت بصحتي لتطوعت لخدمتهم.. لكني لا أملك سوي خمسة جنيهات هي كل ما وفرته .. وأرجو أن تقبلوه مني». منذ ذلك اليوم أصبحت الحاجة زهرة هي أيقونة مستشفي 57357 وجزء اً من تاريخها وقاسماً مشتركاً في جميع محاضرات د.شريف ابو النجا التي يحكي فيها تاريخ المستشفي أمام المصريين والأجانب ويروي كيف كان للحاجة زهرة وملايين الفقراء فضل كبير علي هذا الصرح العظيم. . وكما تحولت الحاجة زهرة الي رمز من رموز 57357.. أصبحت الحاجة زينب بطلة صندوق تحيا مصر. وبذكاء شديد قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بتخليد ما فعلته.. فقرر وضع القرط الذي تبرعت به في متحف الرئاسة مع صورتها لتصبح رمزا للوطنية بعد أن قدمت كل ما تملك من أجل بلدها.. عسي أن يحتذي بها الآخرون ويستحي منها من يملكون ويبخلون! تحية للحاجة زهرة والحاجة زينب علي عطائهما الكبير.. وجزاهما الله خيرا في الدنيا والآخرة.