تولي الشاعر أحمد سويلم مسئولية مستشار النشر بدار المعارف وهذا خبر يثير التفاؤل إذا ما تيسرت له الظروف، المهمة الرئيسية أمامه استعادة الدار التي أسست لأحد أهم عناصر الدور الثقافي المصري منذ أن أرساها نجيب متري حتي وجه اليها الرئيس الاسبق السادات ضربة قاصمة عندما أسند إليها ما يتناقض مع مسارها والرؤية التي حكمت توجهها في عالم النشر العربي كله، أعني قراره بإصدار مجلة أكتوبر الأسبوعية. وما اقتضاه ذلك من أعباء علي مطابع الدار انعكست بالسلب علي ما تصدره من كتب، كان من الممكن ان تصدر «أكتوبر» عن أي مؤسسة صحفية أخري بحيث تكون متسقة مع طبيعتها، ولكن خروجها من دار المعارف أدي إلي خسارة ثقافية فادحة، لذلك فإن أولي المهام التي يجب القيام بها مخاطبة المجلس الأعلي للصحافة كي يلحق مجلة أكتوبر بالمؤسسة الصحفية الملائمة حتي يمكن استعادة الدار العريقة، ثانيا، إحياء تراث الدار الذي أصبح نهباً للتزوير في بيروت والعواصم العربية الأخري، خاصة سلسلة «ذخائر العرب» التي ماتزال أهم جهد علي الاطلاق في نشر عيون الثقافة العربية محققة تحقيقا علمياً دقيقا اسهمت في تأسيس مدرسة عريقة لمحققي التراث لم يتبق منهم أحد الآن، الكثير من اعداد ذخائر العرب لم تعد موجودة، أذكر علي سبيل المثال تفسير القرطبي، لقد أسست هذه الذخائر لمجد الكتاب المصري، ويكفي ان مئات المجلدات صدرت فيها لم تظهر غلطة مطبعية واحدة، كان الاتقان احدي سمات دار المعارف، أتمني ان يتمكن الشاعر احمد سويلم من استعادة الذخائر من خلال طريقين، الاول إعادة طبع ما نفد منها، ثانيا تقديم نصوص جديدة محققة واكتشاف محققين جدد يستأنفون جهد الاسلاف العظام وهذا ممكن، أذكر حرص دار المعارف علي أن تكون متقدمة في مجال الطبيعة، كانت أول من استخدم طريقة «الليونتيب» في العالم العربي، وكانت خطوة متقدمة طباعيا، ماتزال حروف دار المعارف المتميزة تشكل ركنا ركينا في ذاكرتي. هنا يجب الاشارة إلي أن مطبعة الكتاب جزء من النص، كذلك بلد المنشأ، الكتاب المطبوع في القاهرة يظل مرتبطا في ذهن القارئ بدار النشر والبلد الذي تنتمي إليه، لدار المعارف سلاسل مهمة أخري مثل «دراسات أدبية» و «اقرأ» و «أولادنا» كل هذا التراث يمكن استعادته والاضافة إليه هذا ما نأمله من الشاعر، المثقف، خبير النشر أحمد سويلم.