«لا يمكن إرساء حكم رشيد إلا اذا تمتع الصحفيون بحرية الرصد والتحري وانتقاد السياسات والإجراءات وضمان تمتع كل الشعوب بالحقوق الأساسية في حرية الرأي والتعبير فإن هذه الحقوق اساسية لتحقيق الديمقراطية والشفافية والمساءلة وسيادة القانون كما انها تؤدي دورا حيويا في النهوض بالكرامة الإنسانية والتقدم الإجتماعي والتنمية الشاملة» ؛ كلمات بعث بها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للعالم بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة والذي احتفل به العالم امس»3 مايو» ان حرية الصحافة شرط اساسي في تحقيق الديمقراطية لما تحققه من كشف الفساد وبالتالي بناء مجتمع قوي لا ينخر فيه الفساد كما نري في الدول المستبدة،وكلنا يذكر ماقام به الصحفيان الأمريكيان»بوب وود ورد»و»كارل بيرنستاين»من الكشف عن فضيحة «وترجيت» في بداية السبعينيات والتي ازاحت الستار عن شبكة التجسس السياسي والفساد والتي انتهت باستقالة الرئيس الأمريكي «ريتشارد نيكسون»في ذلك الوقت واتهام اربعين مسئولا حكوميا»والتحقيق الصحفي نشر بجريدة «واشنطن بوست»وحصل الصحفيان علي جائزة البوليتزر في الصحافة وتحولت القضية الي فيلم سينمائي شهير. وايضا قيام الصحفي الأمريكي «سيمور هيرتش»بالكشف عن فضيحة سجن «ابوغريب» في العراق إستنادا علي نسخة من تقرير كتبه لواء امريكي «تاجويا»انتهت بعدها سيرة اللواء المهنية،كشف الصحفي عن انتهاكات ترتكب ضد سجناء عراقيين يتم إذلالهم جنسيا وتعذيبهم واقتيادهم خلف بعضهم كالكلاب والي جانبهم جنود أمريكيون يلتقطون الصور مستمتعين! ،وهو نفس الصحفي الذي كشف عام 1969 عن مذبحة قام بها الجيش الأمريكي في بلدة»ماي لاي»اثناء الحرب في فيتنام،وتسبب هذا النشر في معاقبة مرتكبي هذه الجريمة،ولا زال يعمل ولم يتعرض له احد، وكشفت صحيفة واشنطن بوست ايضا عن تجسس وكالة الأمن القومي الأمريكية لبيانات مئات الملايين من مستخدمي موقعي»جوجل وياهو»نقلا عن وثائق حصلت عليها الصحيفة من المستشار السابق لوكالة الأمن القومي»أدورد سنودن»، وغيرها من الفضائح التي لعبت الصحافة دورا مهما في الكشف عنها ليعلم كل فاسد ان يد العدالة ستطوله وهي رسالة نفتقدها كثيرا في معظم البلدان العربية رغم قيام الثورات. الصحافة صاحبة الجلالة تحمل شعلة الحرية لها وللأوطان هكذا تكون الصحافة وإلا فلا. وعلي سبيل المثال في صحافتنا العربية وبالتحديد مجلة روزاليوسف عام 1950 نشرت تحقيقا قويا عن الأسلحة الفاسدة التي زود بها الجيش المصري اثناء حربه في فلسطين عام 1948 وكان الكاتب الكبير احسان عبد القدوس وراء فضح هذه الصفقة الفاسدة التي تسببت في هزيمة مصر في حربها ورغم براءة المتهمين لعدم وجود ادلة فيكفي شرفا لروزاليوسف نشرها لهذه القضية الحساسة والتي فجرها تقرير لديوان المحاسبة حينذاك وتقدم النائب البرلماني المعارض مصطفي مرعي باستجواب للحكومة وهكذا كشف الستار عن المستور، في الدول التي تحترم حق المواطن في المعرفة تقدم ادلة الإدانة بالوثيقة والصورة ولا تمس الشخصيات المدانة في شرفها او حياتها الشخصية ولكنها تركز علي جانب الفساد بموضوعية في التناول للحصول علي الحقيقة وكشفها،هناك مواثيق شرف للعمل الصحفي ،ما احوجنا لمثله وتطبيقه ،كلنا نسعي لرفعة الوطن وتحقيق الحرية والكرامة لشعبنا الأصيل ولكن كيف؟ هذا هو الذي يجب تحقيقه دون تجاوز حقوق الآخرين حتي ولو افسدوا،الصحفي يكون في خدمة الحقيقة ويقدمها بموضوعية وحياد ولاشيء اخر غيرها ،هكذا تبني الأوطان ،حرية التعبير حق اصيل من حقوق الإنسان لابد من الدفاع عنه ونتذكر زملاء لنا لقوا حتفهم او اصيبوا او اختطفوا من جراء سلطات استبدادية تقف حائلا بين الصحفيين وايصال الحقيقة للشعب،السلطات الإستبدادية الي زوال وتبقي الحقيقة وإن توارت قليلا لابد ان يأتي اليوم الذي تفضح فيه الفساد كما فضح الرئيس نيكسون وغيره من زعماء وهموا أنهم قادرون علي التستر علي الفساد وكانت الصحافة الشريفة لهم بالمرصاد،شعلة الصحافة الحرة باقية قادرة علي انتشال الأوطان من وحل الاستبداد مهما كان.