بحسبة بسيطة: اذا كانت تكلفة مشروع المليون وحدة سكنية الذي تنفذه شركة ارابتك الاماراتية مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة 280 مليار جنيه (40 مليار دولار أمريكي) فمعني ذلك ان تكلفة وحدة الاسكان الشعبي الواحدة من المشروع 280 ألف جنيه وهو رقم خيالي لا تجده حتي في القاهرة الجديدة!! ويزداد هذا الرقم غرابة عندما تعلم ان وزارة الإسكان نفسها أعلنت ان تكلفة المتر الواحد في مشروعات الإسكان الحكومي تصل 1100 جنيه يعني الشقة 63 مترا تصل تكلفتها 70 ألف جنيه مما يعني ان تكلفة الشقة 36 مترا في مشروع المليون وحدة تصل 4 أضعاف الشقة في الإسكان الحكومي! والدليل ان مشروع إسكان شبابي مشهور سينفذه القطاع الخاص حاليا بمدينة 6 أكتوبر علي مساحة 67 مترا تباع علنا وسعرها محدد في إعلاناتها التي تملأ الصحف ب103 آلاف جنيه مع تسهيلات علما بان المشروع اشتري الاراضي من الدولة وان المباني علي 40٪ فقط والباقي حدائق ومتنزهات فكيف تقوم القوات المسلحة بتوفير اراضي المليون وحدة سكنية مرفقة للمشروع مجانا وتصبح القيمة التقديرية للمشروع 280 مليار بواقع كل وحدة 280 ألف جنيه؟! تدفعنا هذه الارقام لان ننبه لأمرين.. إما ان الحسابات المعروضة علي الرأي العام فيها حاجة غلط أو ان الجهة التي أعلنت تفاصيل هذا المشروع العملاق لم تعلن كل التفاصيل لديها.. ولكن المهم اننا امام فرصة لا تتكرر لإعادة رسم الخريطة السكانية لمصر بهذه المشروعات الضخمة وانشاء مجتمعات عمرانية وصناعية في مناطق متميزة نقتحم بها الظهير الصحراوي ونستفيد من دروس المجتمعات العمرانية التي اثقلنا بها ظهر القاهرة الكبري فلم تستقل هي بنفسها وإنما اصبحت عالة علي العاصمة! الغريب الآن انه وبالتدقيق في المناطق التي سيقام عليها المشروع العملاق وهي 160 مليون متر مربع وجدنا 149 مليون متر منها داخل حزام القاهرة الكبري وهذه كارثة. لأن المتوقع ان تعتمد المناطق الجديدة بنسب متفاوتة علي العاصمة بدلا من ان تفرغ العاصمة جزءا من حمولتها الزائدة فيها.. ويصبح السؤال: هل أجريت دراسات معمقة لزيادة القيمة المضافة إجتماعيا واقتصاديا من هذا المشروع ليحقق ثماره المرجوة بإعادة تنظيم الخريطة السكانية والاقتصادية لمصر أم إننا سنفاجأ بعد عدة سنوات بأننا أسأنا الاختيار ولم نحسن الاستفادة من الفرصة؟ ولننظر إلي الدروس المستفادة من أخطاء مشروعات الاسكان القومي للشباب وإسكان المستقبل وإسكان ابني بيتك وإسكان الوحدات الصغيرة للايجار بخلاف المساكن الشعبية للفقراء.. وسبحانه الله كل هذه كانت مرتعا للتجريب والنهب والسرقة لدرجة ان بعض البيوت الشعبية في مشروعات مثل الطوب الرملي انهارت قبل ان يسكنها حاجزوها ومشروعات أخري مثل صقر قريش ظلت عشرين سنة دون أن يسكنها احد لأخطاء في التصميمات او في اختيار الموقع فهل راجعنا هذه الاخطاء وحددنا دروسا مستفادة قبل ان نفتح عيوننا ذات صباح فنجد انفسنا فجأة امام مشروع لانشاء مليون وحدة قد تتضاعف الي مليونين دون دراسات كافية يشارك فيها كل المتخصصين؟! في تقديري ان اول دروس مستفادة لهذا المشروع الضخم هو ربطه برؤية شاملة لمصر علي مدي ال05 سنة القادمة ومراعاة الظروف الاجتماعية والبيئية في التصميمات لان احتياج وحدة سكنية في أسوان يجب ان يختلف تماما عن احتياج وحدة سكنية بالقاهرة أو الاسكندرية! لقد قرأت تصريحا لمصطفي مدبولي وزير الاسكان يقول ان الوزارة ستثنئ مليون وحدة سكنية أخري للاسكان الاجتماعي بالتوازي مع مشروع القوات المسلحة.. ومعني ذلك أننا امام فرصة تاريخية لإعادة هيكلة التوزيع السكاني لمصر.. ولابد من دراسات يشارك فيها المتخصصون ومؤسسات المجتمع المدني فهي فرصة لتوفير كل ما تحتاجه هذه المشروعات من الصناعات المحلية فتنعش الصناعة والتجارة والايدي العاملة بسببها. نحن لا نشكك بالطبع في تقديرات القائمين علي المشروع ولكن لا يمكن السكوت ونحن نري الغالبية العظمي من المشروع تقام علي اطراف القاهرة. وتجعل متر الإسكان الشعبي يصل الي 4 آلاف جنيه مثله مثل الإسكان الفاخر. لا نريد ان نقيم مدنا سكنية تصبح عالة علي مدن أخري.. ولا نريد ان نضيع الفرصة فنصبح غدا من النادمين.