عبد الناصر والسيسي.. السيسي وعبد الناصر.. أصبح الاسمان وجهين لعملة واحدة.. ولوحتان رسمتا علي جدار واحد في الميادين.. رفعهما الناس في مناسبات عديدة لدرجة أن الناس جميعا ربطوا بين الاثنين .. وأن الثاني هو في الواقع امتداد للأول. السيسي ولد بعد أن قام ناصر بثورته.. وتخرج في الكلية الحربية بعد أن انتقل الزعيم الي جوار ربه. يعني لم يلتقيا.. ومع ذلك ربط الناس بين الرجلين ارتباطا شديدا لفت انتباه كل الصحف والمؤسسات العالمية. وهنا انقل بعضا مما كتبته مجلة فورين بوليسي الأمريكية أشهر المجلات وأقواها تأثيرا في القرار السياسي في العالم. تقول المجلة عن الشعبية الواسعة التي يتمتع بها وزير الدفاع المشير عبدالفتاح السيسي انها تقود مصر الي استعادة عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر مثلما يأمل الكثير من المصريين خاصة الناصريين الذين عاشوا كقوة سياسية مهمشة طيلة عقود ماضية بعد وفاة زعيمهم. وأشارت المجلة في تقرير علي موقعها الإلكتروني إلي أنه بعد ستة أشهر من الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، في أعقاب انتفاضة شعبية طالبت برحليه، بات من شبه المؤكد فوز وزير الدفاع بمنصب الرئيس، وقد كانت الموافقة الساحقة علي الدستور الجديد إشارة لمستوي دعم السيسي نفسه الذي وصفه مؤيدوه بأنها تفويض شعبي لترشحه للمنصب. وتضيف :"بالطبع كانت لشعبية السيسي أثرها علي عدم مواجهة الحكومة الانتقالية الحالية، معارضة واسعة، فيما يواصل أنصار عبد الناصر الهتاف للقوي الجديدة علي أمل أن تسير علي خطي بطلهم الراحل باستعادة هيبة مصر الدولية "، ونقلت المجلة عن مقال لابنة عبد الناصر، هدي، أستاذة السياسة والتاريخ، قولها " إن قائد الجيش قد حقق في أقل من شهرين ما لم يستطع الساسة تحقيقه في عقود". وتواصل المجلة: ومنذ 3 يوليو الماضي، يشبه الحلفاء والأعداء السيسي بالزعيم الراحل.. وللوهلة الأولي يبدو التشابه كبير، فكلاهما قادة عسكريون وأتوا علي خلفية الإطاحة بحكام سابقين واتبعوا سياسة واحدة تجاه جماعة الإخوان المسلمين، ومع ذلك فعلي المستوي الجوهري فإن المقارنة ربما تكون زائفة، فناصر كان زعيما انتقاليا نقل مصر من شكل حكم لآخر، فيما يبدو السيسي محافظا. وتضيف المجلة العالمية في تحليلها: أن شعبية ناصر تركزت علي وعوده بتغيير المجتمع المصري، فيما شعبية السيسي تأتي من وعوده بالاستقرار، مشيرة إلي أنه ليس من الصعب أن نري لماذا يتوق كثير من المصريين إلي العودة إلي عهد جمال عبد الناصر حيث كان العصر الذهبي لمصر التي استطاعت فيه تأميم قناة السويس وإنهاء الاحتلال البريطاني، وكان التأثير الثقافي والسياسي والإعلامي للقاهرة يمتد من الدار البيضاء إلي بغداد. وتري فورين بوليسي أن مصر تحت قيادة عبد الناصر كانت الوسيط السياسي في العالم العربي بلا منازع وأنه ربما يستند السيسي علي تاريخ عبدالناصر لتبرير قمع الإسلاميين، حيث فعلها الزعيم الراحل من قبل، إذ حظر جماعة الإخوان وسجن قادتها وأعدم بعضهم مثل سيد قطب. الي هنا ينتهي تعليق المجلة الأمريكية العالمية. وهو يشير بوضوح الي أن حب المواطنين لعبد الناصر لم يتكرر بهذه الصورة والقوة الا مع السيسي. الشعب خرج لعبد الناصر يوم الاصلاح الاقتصادي.. وتأميم القناة.. والعدوان الثلاثي.. والقرارات الاشتراكية.. وحتي في يوم الهزيمة والانكسار خرج الشعب ومع ادراكه بأنه هو المتسبب الرئيسي في النكسة الا أنه أراد أن يؤكد وقفته مع القائد الذي أحبه من أجل أن يكون هو المتسبب في تصحيح الموقف وتحقيق النصر. الشعب خرج من أجل السيسي في ستة شهور أكثر من مرة .. يوم أن طالبه بتخليص الشعب من حكم المرشد.. ويوم أمره بالقضاء علي الارهاب الأسود الذي يهدد كل المصريين.. ويوم وافق علي الدستور بأغلبية غير مسبوقة.. ويوم فوضه ليكون مرشحا للرئاسة وشق طريقه الي موقع القيادة حيث يريد الشعب. اللافت في الموضوع هو أن عبد الناصر عاد الي الحياة بعد أكثر من 43 سنة علي رحيله وفي ذكري مرور 96 علي مولده.. عاد مع جيل لم يره ولم يعاصر حكمه ولكنه يتأسي بإنجازاته في أهم مطالب ثورتي الشعب في يناير ويونيو وهو العدالة الاجتماعية. الذي يحب السيسي.. أحبه لأنه يكرر صورة عبدالناصر.. والذي لا يريده فلأنه سيعيدنا الي عصر عبدالناصر.