لما بات الحقد والكراهية خبزنا اليومي... لما أصبح نهش أعراض أقرب الناس الينا أسلوب حياة... أكل لحومهم أحياء... وصفهم بكل ما جاء به قاموس الشتائم من بذاءات تطال حتي الجدود والاباء والامهات. لما بات جل همنا أن نكيل التهم بالحق والباطل لكل الناس صبح مساء دونما أستثناء... لما أصبحت متعتنا تصيد أخطاء الأخرين حولنا... لما باتت أعيننا لا تري الا كل قبيح وأن لم تراه تخيلته... إدعته... روجت الشائعات حوله... لما لم نعد نتذكر سوي الفضائح وأحاديث " القيل والقال "... لما بات المرء منا لا يأمن شر يأتيه من أقرب الناس... لما لم تعد هناك حرمة للجيرة... للعشرة... للقمة عيش جمعتنا... ضحكة من القلب أسعدتنا... حب بدأ وكبر أمام أعيينا... سر لم نأتمن غيرنا عليه... لما ضاع الحق والعدل والانصاف بيننا... لما بات العنف دستورنا اليومي... لما خصمنا الاخلاق... خلعنا برقع الحياء... لما خنا بعضنا بعض... تمادينا في الخيانة... قطعنا اليد التي أمتدت لنا يوماً بكل الخير... عاملنا أصحاب المعروف منا بكل الخسة والندالة... رددنا السلام بأبشع منه... قتلنا... سرقنا... نشرنا الفساد في البر والبحر والجو... لما أصبح الخير غريباً... مكروهاً... غير مرغوباً به... لما بات الشرعنواناً لنا ... لما أختلط علينا الصواب والخطأ... لما لم يعد الحلال بين والحرام بين... لما صارت المشتبهات سيد الموقف... لما أحللنا ما حرم الله... وحرمنا ما أحله الله... لما بات المرء منا لا يأمن علي يومه قبل غده... لما بات الدم رخيصاً... لما أصبحت روح الانسان سر الله لا قيمة لها... لم تعد أحاديث القتل ترهبنا... جفت الدموع في أعيننا... ما بات المرء يهتم... لايحزنه مكروه أصاب أحب الناس اليه... أصبحنا نتمني زوال نعمة أصابت أحدهم... بات دعاءنا اليومي اللهم أغنني وأفقر عبدك فلاناً... مددنا أعيننا الي ما متع الله به غيرنا... ضاع بيننا احترام الكبير... العطف علي الضعيف والصغير... تصدرت القوة... البلطجة كل تعاملاتنا... نزعت من قلوبنا الرحمة... الشفقة... ما عدنا نعرف اليها سبيلاً... نري الباطل باطلاً ولا نطلب من الله أن يرزقنا أجتنابه ... نعرف أن الحق حقاً ولا نخجل من عدم اتباعه... أختلط الحابل بالنابل... ضاعت كل المعاني الجميلة التي طالما جمعتنا يوماً... رفعنا شعار " نفسي... نفسي " وكأننا يوم الحشر... يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه.