د. أحمد نوار طرحت في هذا الباب الثلاثاء الماضي قضية »الانضباط المفقود« في الحياة المصرية، والفوضي والبلطجة المنتشرة في الشارع المصري، والخوف والارتباك الذي أصاب المواطنين جراء هذا السلوك السيئ وانتشار ظاهرة السب العلني بالألفاظ القبيحة، والتحرش بأنواعه، واغتصاب حق المواطن في الشارع بالقوة دون اعتبار للقانون ولا لأخلاقيات الانسان واحترام حقوق الآخرين.. كل هذا نتاج لتراخي حكومات وقيادات المحافظات علي مر العقود السابقة والإهمال بالمجالات المهمة التي تشكل وجدان وثقافة ووعي المواطنين وهي »الإعلام والتعليم والثقافة« بالرغم من الانجازات الفردية غير المنظمة والتي تفتقر إلي روح العمل الجماعي ووضوح الأهداف، وتطبيق القانون المفقود في الشارع المصري أتاح لهذه الفوضي أن تصبح هي الظاهرة.. والبلطجة هي الحاكمة والمسيطرة، سأطرح بعض النماذج لتكون أمام الوزير عادل لبيب وجميع محافظي مصر والوزارات المعنية، وجاء الاتصال التليفوني من قبل الوزير المحترم صباح الأربعاء بتوقيت ولاية ألاباما بالولايات المتحدةالأمريكية مقر اقامتي المؤقتة بجانب ابنتي الكبيرة المريضة، وسعدت باتصاله الذي تميز بالود وتقديره العميق لما جاء بالمقال الذي نشر الثلاثاء الماضي، وهو مدرك لكل الأبعاد.. وقد وجه الدعوة لي لزيارته بمكتبه للحديث عن هذه القضايا بالتفاصيل وما يمكن تحقيقه أو من عدمه.. لولا وجودي خارج مصر وانتهت المحادثة التليفونية بأنه سيضع هذه القضية موضع الاهتمام الكبير لأهميتها في هذه المرحلة ووقف نزيف الفوضي والقضاء علي السلوكيات السيئة التي لم تحدث من قبل والتي تفجرت بعد الثورة، وما أدهشني في هذا الاتصال التليفوني هو أن الوزير عادل لبيب لم يعلق المشاكل التي تضمنها المقال علي شماعة المشاكل التي تمر بها البلاد الاقتصادية أو السياسية، لأنه علي ثقة كاملة بأن تجربته القيادية بمحافظتي قنا والاسكندرية قد أعطته الخبرة والتراكم الاداري والمنهجية في طرح القضايا والتفاف المسئولين حوله وأبناء هذه المحافظات، وهذا يتأتي بنجاح لامتلاك عادل لبيب الخلق الكريم والتواضع والحس الوطني العالي، وهو يستمد ارادته وعزيمته من هذه الخصائص التي تميز ويتحلي بها، وتأتي قضية »الرصيف« في المصاف الأول والتي سبق لنهر الفن أن طرحها أكثر من مرة متوجها إلي المحافظين ثم إلي رئيس الحكومة ثم إلي رئيس مصر، دون جدوي، فالرصيف مخصص للمواطنين المترجلين فقد اغتصب من جميع المحال والمقاهي، وعند مناقشتي هذا الموضوع مع أكثر من محافظ للقاهرة والجيزة فكان ردهم للأسف يشعر به القصور، ويتخلص في »أن شرطة المرافق« تفرض غرامات.. ثم تعود المحال لممارسة اغتصاب الرصيف، فسألت لماذا فقالوا أن الغرامة لا تتجاوز خمسون جنيها تقريبا!؟ إذن المشكلة تتلخص في فقدان اصحاب هذه المحال والمقاهي الاحساس باحترام حقوق الاخرين وهذه قضية تربية، والسبب الاخر هو عدم جدوي الغرامة المتدنية، إذن فالحل هو »تغليظ العقوبة« مع ضرورة الإعلان عن هذه العقوبات بالإعلام مع التوعية، واذكر للوزير عادل لبيب مثلا فاضحا وهو شارع سليمان أباظة بالمهندسين، وشارع فيصل والششيني بالهرم، وعلي سبيل المثال وليس الحصر، تراخيص أكشاك السجائر.. يجب أن تكون بمواصفات الرصيف الذي يسمح بذلك يعطي مساحة الثلث للكشك ولكن الذي يحدث يقام الكشك علي مساحة صغيرة ثم يتنامي بالصناديق وغيرها حتي غلق الرصيف بالكامل ولم يكتفوا بذلك ويمتدون حتي ربع شارع الأسفلت!؟ المقاهي.. تحتل الرصيف ثم منتصف الشارع ثم المساحة المقابلة بالجزيرة الوسطي!؟ هذه قمة الفوضي والبلطجة وغياب الرقابة وعدم احترام حقوق المواطنين، وعدم احترام القانون، وغياب الحزم، التلوث البصري الممتد بالشارع المصري المتمثل في القاء القمامة في جميع المواقع والاعلانات العشوائية في كل مكان، وآلاف الإعلانات التي تغطي واجهات العمارات وهذه ظاهرة تنم علي تخلف المجتمع وقيمه. هل يوجد في العالم مواطن يسير في نهر الشارع.. المخصص للسيارات، نعم في مصر!؟ معالي الوزير تأمل الشارع أثناء ذهابك إلي مكتبك ستجد الجميع يسيرون بنهر الشارع لعدم وجود رصيف معرضين للخطر وسنويا يصاب الكثيرون وتصل الاصابات للموت، معالي الوزير.. تجربة معاليكم في قنا والاسكندرية نريد تطبيقها في كل محافظات مصر.