ليس من المنطقي أن نقيم الدنيا ونقعدها لمجرد أن لاعب" كونج فو" رفع أصابعه الأربعة أثناء مراسم تسلمه الميدالية الذهبية لمصر. يجب ألا نكون مثل الذين فرحوا في هزيمة مصر من غانا ونكره مثلهم أن نفوز بميدالية ذهبية في بطولة دولية. لا بأس من أن يرفع مائة ألف مواطن اشارة رابعة.. فالملايين يرفعون علم مصر وصور السيسي.. الخطر هو أن يرفع مواطن واحد سلاحا في وجه أخيه. وليس من المنطقي أيضا أن نثير كل هذه الزوبعة من أجل برنامج اعتاد المصريون علي مشاهدته من أجل هدف واحد هو الضحك والسخرية من الجميع حتي من أنفسهم. ان تحميل كل حدث أكثر من حجمه يؤكد أننا لم ننضج بعد. فلا محمد يوسف لاعب الكونج فو سيعيد محمد مرسي باشارته التي رفعها في روسيا ولا باسم يوسف سيقلل من شعبية السيسي ولا حب الناس له. هي مجرد حركات وأكل عيش ومطبات صغيرة يجب ألا نقع فيها. كل ده كلام فاضي.. و يجب ألا يشغلنا عما نحن فيه.. فاذا كنا نقول إن قطار الاصلاح لن يعود الي الوراء، فلابد من أن نجعله يتقدم للأمام ولا نتركه يتوقف أو يركن في أي محطة.هذا هو ما يريدونه.. أن نغضب وننفعل وننشغل عن الهدف الأساسي الذي خرج الشعب من أجله في 30 يونيو. تماما مثلما يحدث في الجامعات والشوارع المحيطة بها وافتعال المواجهات الفرعية التي تلهينا وتبعدنا وتوقعنا في الفخ. برنامج "البرنامج" لباسم يوسف بلا شك هو أكثر البرامج نجاحا.. وهو الأعلي مشاهدة.. وكانت الحلقة الأخيرة هي أكثرها مشاهدة والدليل هو حجم التعليقات التي ظهرت عقب الحلقة في كل الوسائل والتي حملت الكثير من الإعتراضات التي وصلت في حدتها الي ضرورة وقف البرنامج وتحذير مقدمه من المساس برموز الدولة ووصل الأمر الي حد رفع دعاوي قضائية.. كل ده علشان برنامج.. ؟ماكانتش حلقة ياجدعان ". فور انتهاء الحلقة كتبت معلقا :" أقول لباسم يوسف وكل اللي يعرفه يقول له ان تلك الألفاظ الخارجة والإيحاءات القبيحة أو الإباحية غير مقبولة.. وهي تفسد أي معني جميل ". كنت مستاء جدا مما سمعته من ألفاظ وايحاءات أفسدت عليّ متابعة الحلقة.. ولكن اذا انتقلنا الي مضمون الحلقة والهدف الذي كان باسم يحاول أن يوصله الينا فهو مضمون مشوش وهدف متناقض يؤكد ارتباك باسم وفريق عمله ومحاولته امساك العصا من منتصفها.. حاول أن يكسب الكل فكانت النتيجة انه خسر الكل. ولكنني مع ذلك لا أتفق مع مع الضجة التي أثيرت حول أولي حلقات »البرنامج« بعد ثورة 30 يونيو، ولا كل تلك البلاغات المقدمة للنائب العام ضد ما جاء بها، لأن هذا يجعلنا في مأزق التناقض بين موقفنا من الجزء الأول من البرنامج الذي أخذ من الرئيس المعزول مادة ثرية للسخرية منه ومن جماعته وهو ما كان يضحكنا ويسعدنا وموقفنا من الحلقة الأولي من الجزء الثاني ، لأنه وجًّه تلميحات بالنقد والسخرية للقيادات الجديدة بعد 30 يونيو، أو هذا هو الانطباع الذي خرج به الكثير من المشاهدين والمتابعين للحلقة وأغضبهم. والحقيقة التي لا شك فيها اننا نواجه تناقضا شديدا بين حبنا لرئيس أو زعيم وبين تقبلنا للنقد له. وهو ماجعلنا نشاهد كل هذا الهجوم علي باسم وبرنامجه مما جعلنا أمام المتربصين من أعداء الثورة غير متحملين لحلقة واحدة من »البرنامج«، الذي لعب دورا كبيرا في الهجوم علي مرسي والإخوان. ولا شك في أننا أمام تحد كبير لتحديد مساحة حرية الرأي والتعبير، وحدود النقد والسخرية التي سوف تسمح بها السلطة الجديدة أو القادمة. التحدي هنا هو هل ستكون هناك مساحة للنقد أم سنعود الي سيرتنا الأولي في تمجيد الحكام لدرجة التأليه والقدسية والتنزيه عن أي خطأ. نحن مع الذين استاءوا مما جاء في برنامج باسم من سخرية من رئيس محترم وقائد جيش محبوب وجيش وطني مخلص يضحي بأبنائه من أجل الوطن والشعب.. بل أزيد علي ذلك غضبي من الألفاظ الخارجة التي تنافس أفلام السبكي التي امتلأ بها البرنامج في نسختيه.. وكل ما نتمناه هو أن يتعلم باسم من أخطائه وأن يحترم مشاهديه وألا يخسر البقية الباقية منهم.. ولكن دون أن يتوقف عن النقد الموضوعي الذي يؤكد أنه لا أحد فوق النقد مع كل الإحترام.