العقل هو الصفة المميزة التي منحها الله سبحانه وتعالي للإنسان وميزه بها عن سائر مخلوقاته ، ليعمل به للوصول إلي اليقين والإيمان والحق ، وليس لتركه لمن يستخف به ، ولا يتعامل معه بقدر قيمته التي خلق من اجلها ، معتمدا علي الأساليب غير العقلانية لاستغلاله ، إن قليلا من إعمال العقل وتشغيله في الخير ، ربما يغير بعضا من واقعنا الذي أصبح نهبا لكثير من الأفكار البالية. »دفاعا عن العقل« كتاب جديد للدكتور خالد منتصر، الصادر عن دار العين للنشر يضم مجموعة من المقالات المتنوعة التي تناول فيها عدة قضايا فكرية وعلمية وتنويرية يدافع بها علي كيان العقل العربي من الخرافات والتعميمات معتبرا هذه الكتابات بمثابة معركة مصيرية وقضية حياة أو موت. خالد منتصر رئيس قسم الأمراض الجلدية والتناسلية بمستشفي شوقي خلاف بهيئة قناة السويس، وصدر له " السماح والعفو" و"الختان والعنف ضد المرأة" و" وهم الإعجاز العلمي" و" أبوبكر عزت مكان في القلب" وفي احدث كتبه " دفاعا عن العقل " يضع قضية تحرير العقل " كقضية مصيرية .وقد تناول الكاتب الطبيب العديد من المقالات العلمية بأسلوبه الأدبي المتميز الذي يعكس ثقافته الواسعة في تناول قضاياه في المجتمع العربي فأتت مرتدية ثوب العقل بلا جدال ففي مقالته " الأسئلة أهم من الأجوبة " يقول الدكتور خالد منتصر :قديما تسأل الناس لماذا ظهرت الفلسفة في بلاد اليونان ولم تظهر في مدينة اسبرطة ؟ وكانت الإجابة ان اليونان كانت بلدا ديمقراطيا ازدهرت فيه الأسئلة أما اسبرطة فقد كانت مجتمعا عسكريا لديه الإجابة علي كل شيء قانونه الطاعة وشعاره لا تناقش فالنقاش رجس من عمل الشيطان !ويستكمل سطوره قائلا : لكن ما أهمية أن نمتلك القدرة علي طرح الأسئلة ، أليست راحة الا تسأل ونظل نجيب فقط ؟ والإجابة المنطقية هي بالطبع إن الراحة جميلة والكسل لذيذ وكما يقول المصريون عن المريض بالقلق والتوتر ده عنده فكر وكأن التفكير أصبح مرضا يستدعي العلاج ولكني أؤكد أن هذه الإجابة المريحة والفزع من السؤال هي التي أفرخت جنين التطرف في أحشاء المجتمع المصري أما كيف حدث هذا التطرف نتيجة ما أطلق عليه مرض الخرس التساؤلي ؟ ويجيب الكاتب :المتطرف هو إنسان عنده كل شيء محسوم لديه أجابة جاهزة عليه ، ويتم تشكيله في الطفولة بمنعه من التساؤل والجدل الذي يعتبر في نظر الأبوين نوعا من الزن ويدخل بعدها المدرسة ليحفظ كلام المدرس ومنهج الوزارة الكهنوتي وتكثر عنده المقدسات التي لا تناقش ، فالطاعة العمياء هي الدستور ويصبح التلميذ الذي يناقش أستاذه مشاغبا ومتطاولا علي الكبار ومن يخرج عن منهج الوزارة فهو خارج عن الحدود متجاوزا الخط الأحمر وهكذا تبدأ المسيرة عندما نغتال كلمة"لا " وعندما نخنق الدهشة تبدأ كلمة "نعم " في التضخم وتبدأ الألفة والاعتياد في النمو حتي تصبح ديناصورا يلتهم الأخضر واليابس .