د. محمد الفار 30 يونيو تجربة ثورية أكثر نضجا من 25 يناير ومازلنا ننتظر نتائجها برؤية العلماء وصف د. محمد الفار استاذ الكيمياء الحيوية بعلوم المنصورة وعضو اللجنة الاستشارية التخصصية بالمجلس الأعلي للجامعات حال مصر منذ ثورة 25 يناير وحتي الآن .. وقال في حوار مع »الأخبار« ان 30 يونيو تجربة ثورية اكثر نضجا ..لانها تضمنت رؤية وخارطة طريق وبرنامجا زمنيا للتنفيذ .. واكد انه آن الاوان للتكامل العربي في المجال العلمي وشدد علي ضرورة انشاء مجلس عربي أعلي للبحث العلمي يركز علي مشروعات الطاقة المتجددة .. وضرورة الاستفادة بكنوز سيناء بانشاء مركز عربي للتعدين بسيناء.. كما طالب بضرورة إصدار قرارات تحفيزية لتشجيع القطاع الخاص علي الاستثمار في مشروعات الطاقة .. وقال انه لا يري ضرورة لتشكيل مجلس أعلي للعلماء والذي اعلن عنه د. عصام حجي مستشار الرئيس للبحث العلمي مؤكدا ان مصر لديها كيانات عديدة تضم كبار العلماء.. وان المشكلة الحقيقية ان هؤلاء العلماء لا يجدون من يسمعهم او يأخذ بتوصياتهم وقال ان النهضة العلمية الحقيقية في مصر لن تتحقق إلا اذا توافرت الارادة السياسية وهو ما لم يكن موجودا من قبل. د. محمد الفار هو عالم وباحث متميز اختير كخبير في العلوم والتكنولوجيا باليونسكو وادرج بقائمة المبتكرين والمخترعين بانجلترا واختاره المركز الدولي للسير الذاتية بقائمة مائة عالم علي القمة .. وجاء هذا التاريخ العلمي والتكريم عن مجمل ابحاثه المتميزة في مجال اكتشاف بعض الاورام ودلالاتها والسبق العلمي باكتشافه خاصية كيميائية لمادة طبيعية لاكتشاف السرطان بالاضافة الي بحوثه المعملية الرائدة لاستخدام الليزر في مقاومة السرطان . سعادتي كبيرة بوجود علماء مثل د. غنيم ومجدي يعقوب في لجنة الخمسين أطالب بإنشاء مجلس أعلي للبحث العلمي والأولوية لمشروعات الطاقة والتعدين أطالب بإنشاء مجلس أعلي للبحث العلمي والأولوية لمشروعات الطاقة والتعدين في البداية سألته :برؤية العلماء .. كيف تصف ما مرت به مصر منذ عام 2011 وحتي 2013؟ اولا ..دعيني اقول ان الثورة تعني حركة تؤدي لتغيير جذري سياسي واجتماعي ، ومن هذا المفهوم فانني أتصور أن الأفضل تسمية ما حدث في 25 يناير و30 يونيو بالتجربة الثورية لعامي 2011، 3102 والتجربة في المعامل وبلغة الكيمياء يتحدد نجاحها بقطف الثمار المرجوة منها أو بعد مراحل التفاعل عبر الزمن، ولذلك فان توصيف ما حدث في كليهما يعتمد علي نتائجهما ودورهما في إحداث هذا التغيير الجذري. فعندما أراد الشعب في 2011 أن يسقط النظام ، انتفض ليحقق إرادته ، وبالفعل فقد حققها ولكن لم تكن له رؤية مستقبلية متكاملة كبوصلة للاتجاه الصحيح ، ولمعالم الطريق المتجه إليه ، فوقعت أخطاء عديدة ، حيث تغلب الهوي علي العقل ، أو طغت رغبة الإرادة السياسية علي قوانين الدولة السيادية ، وتفشت التظاهرات الدائمة.. المنظمة حيناً والمنفلتة أحياناً كثيرة ،وكان هذا إنذارا بحدوث انهيار لدولة القانون ، وانتشار الفوضي ، ومن هنا سارع الشعب المصري الجبار لمحاولة تصويب اتجاه مسيرته ، ولم يقبل الهزيمة النفسية كشعب عريق ، فجاءت التجربة الثورية الثانية في 2013 كنتيجة لإخفاق الأولي في إحداث النتائج المرجوة ، وفي هذه المرة كان للشعب رؤية وخريطة مسبقة كبوصلة لمعالم الطريق، وبرنامج زمني لتحقيق الاستقرار وللتحرك للرخاء والبناء ، وكانت السيادة في 2013 للرؤية العقلية المستقبلية كبوصلة ، قبل رغبة وهوي الإرادة الجامحة ، وللعلم ، فحركة تمرد وكذا حركة الثورة مستمرة ، كلاهما كانت أفكاراً تبدو خيالية في البداية ، ولكن اينشتاين كان يقول إن الخيال أهم بكثير من المعارف ، ومازلنا ننتظر نتائج التجربة الثورية في 2013، وللعلم فتجارب الثورات تحتاج لمراحل فثورات فرنسا وأمريكا وغيرهما نحو التحول للديمقراطية والاستقرار استغرقتا ما لا يقل عن عشر سنوات ، لقطف ثمارهما المرجوة بصورة كاملة. والديمقراطية بلغة الكيمياء تتفاعل مع ثقافة الشعوب التي تنتهجها ، وتتحول وتتفرع لتساير تغيرات الأحداث الجارية للشعوب وتواكب العصر ، وأتصور أنه من حقنا أن يكون لنا ديمقراطية ذات أصول مصرية ، يختارها شعبنا بنفسه وتتناسب مع أحوالنا المرحلية والمتقلبة أحياناً ، فالتحول الديمقراطي كالكائن له أطوار ومراحل ، وينمو ويكبر وفق أسس وقواعد ثابتة مع تفاصيل وبصمات متغيرة من فترة لأخري. المستشار العلمي ما رأيك في تجربة اختيار مستشار علمي للرئيس .. وما الدور الذي يجب ان يقوم به الدكتور عصام حجي كمستشار علمي خلال المرحلة القادمة ؟ اولا انا اري ان هذا التكليف في حد ذاته يعني أن الرئيس بحسه الوطني يدرك ان العلم والبحث العلمي من الاولويات في مرحلة بناء مصر بعد الثورة .. ولكني رغم ذلك لي تحفظ علي إعلان د. حجي انه بصدد تشكيل مجلس أعلي للعلماء في مصر.. فنحن بالفعل كان لدينا المجالس القومية المتخصصة وكانت تتبع رئيس الجمهورية وتضم نخبة من العلماء وغيرهم .. ثم كان لدينا مجلس أعلي للعلوم والتكنولوجيا ضم في تشكيله كبار العلماء مثل د. زويل ود. فاروق الباز ود. مجدي يعقوب وغيرهم ولم يكن هناك من يأخذ بتوصيات هذا المجلس او يطبقها بصورة متكاملة.. ولدينا الآن بالفعل في المجلس الاعلي للجامعات نخبة كبيرة من الخبراء والعلماء من المصريين ومن العاملين علي ارضها ومن هم ادري بالبيئة العلمية المصرية عن غيرهم وتم اختيارهم هذا العام وفقا لمعايير علمية وادارية وبحثية دقيقة.. كما تم تشكيل ما يعرف باسم اللجان الاستشارية التخصصية داخل هذا المجلس .. حيث تضم كل لجنة استاذا متخصصا في مجال علمي محدد وتضمهم مظله عامة أو قطاع علمي ،ويمكن الاستفادة من هذه اللجان في إبداء المشورة والرأي حول المشكلات العلمية والبحثية المتخصصة وكيفية حلها ، ويكفي أن نعلم أن هذه اللجان الاستشارية التخصصية تضم كبار العلماء مثل الدكتور محمد أبو الغار والدكتور أحمد عكاشة، وغيرهما. ولذلك اري انه لا ضرورة لانشاء مجلس أعلي جديد للعلماء بمسمي آخر. وأقول ، لا تحملوا الدكتور حجي أكثر من طاقته ، بأن يدور ويزور ويناقش وزراء ، ثم يسافر لمكان عمله بأمريكا ، ويعود بعد فترة تتغير فيها الأوضاع لحظة بلحظة ، علينا أن نستثمر مجال التخصص الدقيق للدكتور حجي وان نستعين بآراء علماء ومسئولين آخرين كل منهم في تخصصه لتحديد بوصلة الاتجاه الصحيح بمنهج علمي ، وتصحيح سلم الأولويات إن احتاج الامر ، فلدينا للأسف خطط عديدة وكثيرة غير نشطة بالقدر الكافي ونحتاج لتنشيطها بفاعلية ، حتي يقترن الفعل بالقول. مجلس عربي للبحث بصفتكم عضواً باللجنة الاستشارية التخصصية بمجالكم في الكيمياء الحيوية ، فما هي رؤيتكم العلمية لما يجب أن نقوم به الآن ؟ ما يجب أن نقوم به الآن هو إنشاء المجلس الأعلي العربي للبحث العلمي ، فالوحدة العربية العلمية البحثية أصبحت الآن مطلباً ضرورياً ، فالعالم العربي به نخبة من العلماء بشتي التخصصات ، ونحتاج وضعهم في بوتقة واحدة لتدوير العقول الفذة العلمية ، بدلاً من نزيف العقول وتجفيفها من جراء هجرة الكثير من علماء وطننا العربي .. نحن بالفعل في حاجة لوجود جسور علمية جديدة بين البلدان العربية لتبني إنشاء مشروعات تطبيقية تهمنا جميعاً، ومنها علي سبيل المثال التوسع في تطبيقات الطاقة الشمسية ، وبداية يجب وضع أولويات للمشروعات المطلوبة والمشتركة ، وبعد ذلك تحديد حجم الإنفاق المالي وتجميعه في صندوق قومي عربي للصرف علي تنفيذها وفقاً لآليات معلنة لتحقيق التكامل العربي العلمي والبحثي. محطات شمسية وما أهم المشروعات العلمية العربية التي يمكن أن نبدأ بها ؟ علي سبيل المثال.. مصر مصنفة ضمن أعلي الدول في قوة ومدة سطوع الشمس بها، ويشاركها في ذلك بالطبع دول عربية مثل السعودية والإمارات وغيرهما.. وعلينا أن نستغل ما نملكه من صحاري واسعة لإنشاء محطات شمسية للطاقة بالتعاون مع الشقيقتين السعودية والإمارات ، واقترح إنشاء (المركز العربي لتكنولوجيا الطاقة الجديدة والمتجددة) بسيناء وبأسلوب المشاركة والشراكة ، وان نسمح بدخول القطاع الخاص ونستغل الطاقة الشمسية (كمثال) بأرخص الأسعار ، لتسخيرها في تحلية مياه البحر باستخدام تكنولوجيا النانو، من خلال استخدام أغشية نانونية يمر من خلالها الماء المالح ليصبح عذباً ، بصورة سريعة وغير مستهلكة للطاقة، والحقيقة ان الموقع الجغرافي الفريد لمصر علي البحار ، وبجوار الشقيقة السعودية ، يؤهل مصر لهذا النوع من التكامل العلمي. ومن ناحية اخري فأمامنا أيضاً فرصة ذهبية لإنشاء (المركز العربي التكنولوجي للتعدين من الخامات الطبيعية) واقترح أن يكون موقعه سيناء أيضاً ، للاستفادة من كنوزها وخيراتها وجبالها بما بها من منجنيز وذهب ورخام وجرانيت ورمال بيضاء وفوسفات ونحاس ، لتحقيق الاستفادة منها وتصدير المنتج التكنولوجي والفائض من خيراتها. وما الخطوات العملية المطلوبة لتحقيق ذلك ؟ اهم شئ هو وجود الإرادة السياسية ، وقد شعرنا بذلك من تصريحات الرئيس المؤقت عدلي منصورفي بعض حواراته حول اهمية العلم وتطبيقاته وضرورة إعداد تصور عاجل لآليات إصلاح المنظومة المعنية بالشباب والتعليم. وأري أن تلك مسئولية كبيرة جداً لا يستطيع مستشار علمي واحد تحملها وحده - مع كل الاحترام والتقدير لمستوي أي مستشار علمي يتم اختياره- وحتي لو قام بالتنسيق مع باقي الوزارات كما أشار رئيس الدولة ، بالاضافة الي أن الدكتور عصام لا يتواجد بمصر طوال الوقت.. ومع غيابه وعودته تتغير أحداث كثيرة . وبعد توافر الإرادة السياسية يجب وضع خطط وأولويات واضحة تواكبها إدارة قوية قادرة علي تنفيذها بحزم ودقة، كما اطالب بإصدار حزمة قرارات تحفز القطاع الخاص علي الاستثمار في المشروعات ذات الأولوية القصوي ، ومنها الطاقة المتجددة والشمس تحديداً ، وذلك بإعطاء إعفاءات ضريبية جزئية لمن يستثمر في هذه المشروعات ، كما يجب فرض ضريبة كربونية علي المصانع الملوثة للبيئة بمجالات البتروكيماويات والأسمدة والأسمنت تقاس بقدر استهلاك الكهرباء .. وتستغل تلك الضريبة في تطوير تقنيات الطاقة النظيفة والمتجددة وبحوثها . التعاون مع إفريقيا وهل هناك مشروعات أخري تقترح التركيز عليها خلال المرحلة القادمة ؟ بالطبع ، هناك الكثير ، وأري أن نستفيد من تخصص الدكتور حجي المستشار العلمي للسيد الرئيس ، وتحديداً في دراسة إعادة إطلاق قمر صناعي مصري جديد بغرض التنمية ودراساتها ، وأعلم أن له خبرة دولية في ناسا لا يستهان بها ، وعلينا أيضاً أن نعمل علي حل مشكلة المياه ، وقضية السدود التي ستقام من خلال منظور علمي ، واقترح أن تدرس هذه الفكرة وهي إنشاء المركز الإفريقي للتغيرات المناخية بمصر ، والذي يجب ان تكون له أهداف عديدة هي : توفير قاعدة بيانات كاملة ومتكاملة عن جميع الدراسات السابقة حول التغيرات المناخية ، وإنشاء نظام معلوماتي جديد يستخدم نظم المعلومات الجغرافية لتحليلها ، وتكنولوجيا الرصد والتنبؤ المبكر بالتغيرات المناخية والأرضية ، وأيضاً استخدام صور الأقمار الصناعية والاستشعار عن بعد. إقامة العديد من محطات الرصد بدول حوض النيل تكون تابعة لهذا المركز الأفريقي بالاتفاق مع تلك الدول ، ومع وضع إطار للتعاون العلمي مع دول حوض النيل والمعتمدة علي الأمطار وإمدادهم بالكوادر المصرية المدربة لرصد تلك المعدلات للأمطار من المنبع ، وتتبع مسار النيل والمياه وتحديد مستوياتها ، وتجميع تلك المعلومات به . وقد سبق لي أن عرضت تلك الفكرة علي عالمنا الكبير الدكتور فاروق الباز ، واكد علي اهميتها، واقترح أن يكون الدكتور الباز منسقا عاما علميا لهذا المشروع ، ليقود تنفيذه علي أرض الواقع ، وبالتعاون مع الدكتور حجي مستشار الرئيس ، ونخبة من علماء مصر بالداخل . التوعية الشعبية ما رؤيتك للجمود الفكري والثقافي الذي كثيرا ما نصطدم به الآن .. واثر ذلك علي مسيرة التنمية؟ الثقافة هي الجسر الواصل بين الفكر والسياسة ، ومقياس لتفاعل البشر مع الأرض ، ومن هنا تأتي أهميتها القصوي ، وللأسف فاننا كثيرا ما نصطدم الآن بمفهوم الثقافة المتحجرة ، وهي الثقافة التي تلتفت للماضي أكثر مما تتطلع للمستقبل ، رغم ان الماضي والحاضر والمستقبل حلقات في سلسلة قوتها في اتحادها واتصالها وتواصلها مع بعضها البعض.. ولذا من منبركم الإعلامي التنويري أشدد علي التصدي لمفهوم الثقافة المتحجرة .. وضرورة تشجيع التواصل الفكري الثقافي مع الآخرين ، والاهتمام بالتوعية الشعبية ، فالعلم عندنا لا وطن له ، أما الثقافة فلها وطن.. ونحن نحتاج لثقافة متحررة وحرة وليست منفلتة بذات الوقت. و بماذا تفسر الاهتمام العالمي بما يحدث في مصر الآن ؟ مصر علي مر العصورهي منارة حضارية ، ومصدر مهم للثقافة عبر التاريخ ، فلقد سبقت الكون بالتعريف بفكرة الدولة ، وكل من غزا مصر نهل من ثقافتها ، بل غزت هي - بقوة الثقافة الناعمة- كل من اعتدي عليها ، فحملة نابليون الفرنسية أصابها الولع بالثقافة المصرية كمثال ، بل إن نابليون قال (قل لي من يحكم مصر ، وقتها أقول لك من يحكم العالم) ولقد قدمت هذا العام بالمؤتمر الدولي للكيمياء المحاضرة الافتتاحية الأولي بعنوان (مصر مهد العلوم والتكنولوجيا) وتلك حقيقة يطول شرحها ، أما لماذا تفوقت دول أخري عديدة علينا ، فذلك ببساطة شديدة لضعف اهتمامنا بالعلوم والمعرفة والتكنولوجيا مقارنة بما كنا عليه في الماضي، وتلك الدول التي تتصدر المشهد الآن انتهجت مبدأ التسخير والتطويع التكنولوجي وتطبيقاته لخدمة الإنسان والمجتمع . الدستور الجديد ما مطالبك للبحث العلمي في الدستور الجديد ؟ اولا أؤكد سعادتي وثقتي لأن لجنة الخمسين بالدستور تضم علماء أمثال الدكتور محمد غنيم والدكتور مجدي يعقوب ، وكلي أمل أن تظهر أفكارنا جميعاً في هذا الدستور فيما يخص الاهتمام بالبحث العلمي وزيادة التمويل اللازم للتعليم وتطوير منظومة البحث العلمي ، وتشجيع التفاعل والتعاون العلمي داخليا وقومياً وعربياً ودولياً ، وتفعيل الشراكة العلمية مع الجامعات والمؤسسات الدولية المختلفة وتشجيع آليات تنفيذية لتدويرالعقول الفذة من العلماء بالخارج، لتحقيق نهضة حقيقية لمصر ، لأنها "أم الدنيا..وأد الدنيا" كما أشار ابن مصر البار الفريق أول السيسي والذي منحه شعب مصر تفويضا لوقف تقويض أركان الدولة المصرية.. وكان علي قدر هذه المسئولية العظيمة .