ستظل صورة الجندي المصري العائد من الجبهة بعد أن حقق الانتصار علي إسرائيل في حرب أكتوبر 1973 مطبوعة في ذاكرتي ما حييت..لن أنسي المشهد الذي كان يتكرر يوميا عندما كان الناس يتسابقون لترك مقاعدهم في المواصلات العامة إذا ما لمحوا جنديا من رجال القوات المسلحة يصعد لركوب الأوتوبيس أو المترو..كان الجميع ينظرون إلي الجندي المصري نظرتهم للسوبر مان البطل الذي يمتلك وحده القدرة علي هزيمة الأشرار و يحقق المعجزات في وقت الأزمات. لم يكن الأداء الرائع علي أرض المعركة الذي فتح الطريق أمام انتصار عسكري استطاعت به القوات المسلحة أن تبهر العالم هو وحده الانجاز الذي تحقق عام 73 ولكن عودة الروح للإنسان المصري واسترداد شعوره بالعزة والكرامة بعد ذل الانكسار والهزيمة عام 1967 كان واحدا من النتائج المهمة لحرب أكتوبر التي ينبغي أن نظل نذكرها ونذكر بها حتي تتعلم الأجيال الجديدة أن آباءهم وأجدادهم قد نحتوا في الصخر ونجحوا في أكتوبر 73 في تحقيق المستحيل وعبور قناة السويس ذلك الحاجز المائي الصعب فضلا عن اجتياز الساتر الترابي الذي حاولت إسرائيل به أن تفت في عضد المقاتل المصري وتبث فيه روح العجز باستحالة العبور إلي الضفة الشرقية واسترداد أرض سيناء الحبيبة. القوات المسلحة برجالاتها العظام ستظل دوما الحصن الحصين لمصر وشعبها..جيش مصر سيظل بمثابة الصخرة الصلدة التي تتحطم عليها أطماع الطامعين في الداخل والخارج..تحية للرجال الأبطال في يوم العبور العظيم..تحية خاصة لروح الرئيس السادات الذي اتخذ قرار الحرب واختار لتنفيذه رجالا يدركون حجم المسئولية التي ألقيت علي عاتقهم فكانوا أهلا لها وأعادوا لمصر عزتها وكرامتها..وكل أكتوبر ومصر والمصريين بخير وسلام ووئام. المؤامرة مستمرة لم أفاجأ بما قرأته من تصريحات رئيس الأركان الأمريكي السابق هيو شيلتون عن المؤامرة الأمريكية لزعزعة الاستقرار في مصر التي كان يمكن أن تحقق أهدافها لولا يقظة الجيش المصري وتفاعله مع غضبة الشعب ورغبته في إزاحة النظام الذي لو استمر في الحكم لكانت مصر قد هوت إلي واد سحيق يعلم الله إن كان من الممكن أن تخرج منه مرة أخري أم لا؟! ورغم التعليقات التي أعقبت خطاب أوباما في الأممالمتحدة والذي اعتبره كثير من المحللين تراجعا عن الموقف الأمريكي الرافض لثورة الشعب في الثلاثين من يونيو، إلا أنني أعتبر أن الموقف الأمريكي ما زال كما هو لم يتغير، بل أكثر من ذلك فإنني أري أن الأمريكان لن يتراجعوا عن خططهم ومؤامراتهم تجاه مصر ودول المنطقة العربية، وأن كل ما حدث أنهم فقط في حالة إعادة دراسة للموقف من أجل التحرك وفق المعطيات الجديدة التي فرضت نفسها علي أرض الواقع ، والتي أقل ما توصف به أنها »لخبطت« أوراق اللعب الأمريكية. من أجل هذا فإنني أريد أن أنبه القيادة المصرية بألا تنخدع بكلام الأمريكان المعسول بأنهم يدعمون السلطة التي تدير الأمور في البلاد، أو كلامهم بأنهم سيساندون مصر في مفاوضاتها مع صندوق النقد والبنك الدولي من أجل الحصول علي قرض يساعد علي إعادة التوازن للأوضاع المالية، وأيضا أحذر من الكلام الخادع للست أشتون عن مساندة الاتحاد الأوروبي لمصر وتقديم الدعم للحكومة المصرية ومساعدتها علي تجاوز مشاكل المرحلة.. والحمد لله الحمد لله الذي جعل الإخوة العرب في السعودية والكويت والإمارات يتحركون في الوقت المناسب لتقديم الدعم الذي تحتاجه مصر وهو الأمر الذي ساعد الحكومة المصرية علي اتخاذ قرارها باستقلالية تامة بعيدا عن الضغوط الأمريكية والأوروبية. الأمريكان وأتباعهم من الأوروبيين تعودوا أن يستخدموا سلاح المال لخداع الدول والشعوب »وتنويمهم« حتي تتهيأ لهم الظروف التي يستطيعون معها الانقضاض عليهم لتحقيق أهدافهم.. الأمريكان وأتباعهم الأوروبيين لا يحترمون أي تعهدات مع غيرهم، لأن هذا الغير في منظورهم هو أولا وأخيرا عدو ينبغي تفتيته وإضعافه وإنهاكه حتي لا يأتي يوم تقوم له فيه قائمة ويستطيع أن يقف في وجههم أو علي أقل تقدير يمكنه الاستغناء عنهم في تلبية احتياجاته. ..للمرة الثانية أوجه تحية تقدير لرجال مصر من أبناء القوات المسلحة المحترمين الذين نجحوا في إفشال المخططات الأمريكية وحافظوا علي وحدة وتماسك الجيش ليظل كما نحن علي العهد به دوما حصنا منيعا لمصر والمصريين.