عندما يكون الكاتب فيلسوفا أو مفكرا، تصبح لديه القدرة علي صياغة الحكمة بلغة شيقة وسهلة يمكن أن تصل إلي عامة الناس دون تكلف أو صنعة، لدرجة أن المرء يتخيل انه يمكن أن يقول مثل هذه الأقوال لسلاسة أسلوبه، لكن يبقي شيء مهم قد يغفله البعض وهو: انه بقدر بساطة وصدق الكاتب المفكر الفيلسوف وبقدر تواضعه في صياغة أفكاره تصل كلماته من قلبه إلي القلب والوجدان والعقل للآخر مباشرة دون أي واسطة. من هؤلاء الكتاب الذين صاغوا لنا فلسفتهم في الحياة دون تكلف الكاتب البرتغالي الكبير جوزيه ساراماجوا الذي رحل عن عالمنا منذ أيام قليلة وترك لنا أفكارا وآراء حرة لا ترتبط بأي أيديولوجية فكرية غير انها تجعل من يقرأها يتدبر في تصرفاته وسلوكياته في الحياة منها: علمتني الحياة ألا أحاول اقناع أحد بشيء، فهذه المحاولة تعد قلة احترام للآخر، فهي نوع من استعمار هذا الآخر. اذا توقفنا لنفكر في الأشياء الصغيرة سنصل لفهم الأشياء الكبيرة. تبدأ الشيخوخة عندما نفقد الفضول. هناك من يقضي حياته كاملة في القراءة دون أن يحقق شيئا أبعد من ذلك.. فلا يدرك ان الكلمات ما هي سوي أحجار مرصوصة لنعبر من خلالها للضفة الأخري من النهر.. وهذه الضفة هي الأهم. للهزيمة وجه حسن: انها غير نهائية وللانتصار وجه قبيح: انه دائما نهائي. الوحيدون المهتمون بتغير العالم هو المتشائمون، فالمتفائلون سعداء بما يملكون. لا الشباب يعرف ما يستطيع، ولا الشيخوخة تستطيع ما تعرف. لا فائدة من الندم مادام لا يمحي ما حدث، ان أفضل ندم هو التغيير. ان أفضل طريقة للحفاظ علي خصوصيتنا هو احترام خصوصيات الآخرين. ما نحن إلا ذكرياتنا والمسئولية التي نتحملها، فمن غير ذكري لا وجود لنا، ومن غير مسئولية لا نستحق الحياة. كم أتمني أن أكتب رواية سعيدة، فلدي كل المؤهلات التي تجعلني رجلا سعيدا، ولكني بكل بساطة لا أستطيع أن أكون هذا الرجل. مع ذلك هناك شيء يسعدني: أن أقول ما أفكر.