غطت السياسة علي حياتنا من "ساسنا إلي راسنا" بل احتلت المساحة الكاملة داخل عقولنا ، وملكت قلوبنا لتسري في دمائنا كالإدمان. الوطن..الانتماء.. الوطنية تلك الكلمات التي تحمل معاني عظيمة وعميقة كانت غائبة وتائهة في ركام الركود والفساد ، وجاءت الثورة لتخرج مخزونا كامنا في وجدان المصريين ، وها نحن أصبحنا جميعاً سياسيين. ننام علي السياسة ونقوم عليها. لكننا وسط هذا المخاض العظيم الذي يعيشه الشعب المصري بكل فخر من أجل بناء مصر الجديدة نسينا قضايا مهمة يجب ألا ننساها وسط طوفان السياسة ، وحان الوقت لكي ننتبه إليها لأنها ذات صلة مباشرة بثروة مصر الحقيقية التي تعد أغلي وأهم ثرواتها أقصد : الشباب. الشباب يمثل عددياً 40٪ من سكان مصر (من 10 :29 سنة). لذلك حرصت علي تلبية دعوة الدكتورة نهلة عبد التواب ممثل مجلس السكان الدولي لحضور ندوة مهمة عقدت لعرض نتائج 6 دراسات علمية ميدانية علي عينة ممثلة لشباب مصر. عنوان الندوة كان "الصحة الإنجابية للشباب في مصر" وقالت الدكتورة نهلة عبد التواب في تقديمها للأبحاث التي قام بها مجموعة من الباحثين المصريين إن الصحة الإنجابية من الموضوعات المسكوت عنها في مصر وهذا شيء يجب أن ننتبه إليه لأن تجاهله يمكن أن يؤدي إلي نتائج خطيرة تهدد صحة الشباب المصري. وقالت إن الصحة الجنسية تعتبر أحد التابوهات المحرمة التي لا يجوز الاقتراب منها سواء في الأسرة أو المجتمع ، يحدث ذلك في ظل تأخر سن الزواج وما يتبعه من مخاطر صحية وسلوكية ونفسية علي الشباب ، وعلي النقيض زواج الفتيات في الريف في سن مبكرة جداً، وهذا يحمل أيضاً مخاطر صحية جسيمة ، فهناك 22٪ من الريفيات يتزوجن قبل بلوغهن سن 18 سنة. الندوة تضمنت معلومات مهمة، وحقائق خطيرة مسكوتا عنها هذا ما أكده نصر السيد وكيل وزارة الصحة والأمين العام للمجلس القومي للطفولة والأمومة وأحد المتحدثين في الندوة ، كشف الدكتور نصر السيد حقيقة أن الفحص الطبي للشباب المقبل علي الزواج يتم بصورة شكلية ، وغير فعالة، وطالب بتفعيل هذا الفحص لوقاية الزوجين وأطفالهم القادمين من الأمراض الوراثية المحتملة. من الأرقام اللافتة التي توقفت عندها أن 3٪ فقط من الشباب يعرفون الطرق الأربعة لانتقال فيروس الإيدز. وهذا رقم واحد من عشرات الأرقام والحقائق التي كشفتها الندوة من خلال أبحاث علمية مدققة ومنهجية. وأظهرت البحوث أن 43 ٪ من الفتيات و7٪ من الشباب في سن (10 29) لم يتكلم أحد من الوالدين معهم عن مرحلة البلوغ ، هذا في الوقت الذي يتصور 40٪ من الشباب من 15 29 عاما ان ختان الاناث ضرورة ، ومن هنا يتضح ان النقص الشديد في المعلومات لدي الشباب يعرضهم للكثير من المشاكل الصحية والنفسية. الندوة مهمة لذلك سوف أتناول الأبحاث الستة التي أجراها الباحثون بدعم مجلس السكان الدولي و رعاية مؤسسة فورد في مقالات قادمة ،وكل بحث منها يستحق أن يسلط عليه الضوء وأن يهتم به الإعلام فشبابنا وصحتهم قضية مهمة بل خطيرة لأنهم وقود المستقبل وشعلة الثورة. صحة شبابنا يجب أن تكون قضية قومية تتقدم كل القضايا. فالعقل السليم في الجسم السليم.