يقول العلماء.. ان السجون هي مدارس لتخريج المجانين.. الذين يدمنون ثقافة السمع والطاعة.. وعندما يكذب الواحد منهم فإنه يقسم بالطلاق.. ويفقد القدرة علي إعمال العقل.. ويمضي بقية حياته وهو يبوس الواوا! انهم الحلانجية! في مقدمة الحلانجية يقف.. محمد مرسي العياط.. الذي يتصور انه لايزال رئيسا للجمهورية.. ولايزال يعيش وهم الرئاسة ولديه مطبخ بداخله ثلاجة مشحونة باللحوم والدجاج والبسبوسة.. علي حد ما أعلنته السيدة آشتون التي زارته في محبسه بتعليمات من البرادعي.. وسبحان الرازق بغير حساب! د. محمد مرسي العياط.. هو صورة بالكربون.. لأحد مجاذيب الحسين.. علي أيامنا.. وكان يرتدي الملابس الرثة ويضع علي صدره النياشين والأوسمة وأغطية زجاجات الكازوزة.. ويسير مختالا بإباء وشمم متصورا نفسه من قادة الجيوش.. وهو مشهد يتكرر الآن في مقر اعتقال محمد مرسي.. المتهم بالتخابر.. وتسليم سيناء لجماعات الإرهاب. تصرفات مرسي في محبسه.. هي صورة لمجاذيب الحسين الذين يعيشون في عالم افتراضي صنعوه لأنفسهم.. ومنذ أيام توجه أحد أعضاء نيابة شرق القاهرة بطائرة لمقر احتجاز مرسي للتحقيق معه.. إلا ان مرسي رفض الجلوس مع المحقق.. وصرخ بأعلي الصوت: - أنا مازلت الرئيس الشرعي.. والتحقيق معي بتلك الطريقة غير قانوني(!!) وهناك طرق قانونية لمحاسبة رئيس الجمهورية إذا رغبتم في ذلك!! بما يعني ان محمد مرسي.. لايزال يتصور أنه الرئيس الشرعي.. علي نحو تصور أحد مجاذيب الحسين بأنه ايزنهاور.. أو مونتجمري.. وانه لايزال يعيش في وهم عالم ليس له وجود إلا في خياله. فهو لا يعلم بخروج 03 مليون مصري إلي الشوارع والميادين في مصر والخارج للمطالبة بعزله.. ولا يعلم أن في البلد نظاما سياسيا جديدا.. وان المرشد العام لجماعة الإخوان الإرهابية محمد بديع قد خلع النقاب.. وتخلي عن ملابس النسوة.. وانه تم إلقاء القبض عليه. ولا يعلم ان إمارة رابعة العدوية.. وإمارة النهضة.. وحشود الغلمان الذين كانوا يتجمعون حول منصات الخلاعة وحركات الردف والخصر.. بالجلابيب التي تضيق عند المؤخرة.. قد تم فضها.. ولاتزال تلك المناطق تعاني من روائح المراحيض التي لم تدخلها المياه منذ أكثر من شهرين ومعها روائح الأقذار التي تختلط بروائح الأبدان.. ودخان الشيشة.. وأعقاب السجائر.
بيد ان تصرفات محمد مرسي.. ومعه مجموعة الحلانجية من قيادات جماعة الإخوان الإرهابية.. تكشف عما هو أهم.. وأخطر.. ويدعو للتأمل والتدبر.. وهو نظرة هذه المجموعة من الحلانجية.. للديمقراطية. تري مجموعة الحلانجية ان المعادلة السياسية تتلخص في جملة واحدة.. هي: إما أن نبقي علي قمة السلطة.. أو أن نحرق البلد! هكذا قال مرسي.. أثناء المعركة الانتخابية في حواره مع عماد أديب.. عندما أكد له أنه الفائز في الانتخابات.. ولا محل للشك في ذلك.. وعندما سأله الزميل عماد أديب عن السبب في ثقته المفرطة.. أجاب مرسي ببساطة: - لأنه إذا نجح غيري فمعني ذلك.. ان الانتخابات مزورة!! وجملة احراق البلد.. لم تتردد في تاريخنا كله.. كما ترددت علي ألسنة مجموعة الحلانجية طوال العام الماضي.. وتركزت في مجملها علي فكرة »الأرض المحروقة«.. وتشمل علي وجه التحديد احراق الأماكن والمباني التراثية.. والصروح العلمية.. مثل كلية الهندسة جامعة القاهرة والكنائس والمساجد.. والمحاكم التي تعرضت 09٪ من مبانيها للحرائق في الإسكندرية وحتي أقصي الجنوب في أسوان! وتثار هنا العديد من علامات الاستفهام حول الرموز التي تمثلها هذه المباني التراثية.. ومعها الصروح العلمية التي تسعي جماعة الحلانجية لاحراقها.. من أجل القضاء علي كل رموز الوطنية المصرية. ولذلك فعندما نتأمل الهذيان الذي ينطق به محمد مرسي وهو في محبسه.. بأنه لايزال الرئيس الشرعي للبلاد.. علاوة علي أعمال التخريب والاعتداء علي جنود الشرطة في سيناء سنجد أن الديمقراطية في رأي الحلانجية.. هي البقاء في السلطة.. للابد.. وأن الجماعة الحلانجية لا تؤمن بأهم قواعد الديمقراطية.. وهي تبادل السلطة. الحلانجية يرفضون تبادل السلطة وانتقالها لجماعة سياسية أخري في انتخابات حرة ترضي كل الأطراف بنتائجها.
وهنا تكمن الخصوصية المصرية.. وأتصور أنها السبب الرئيسي في كل مشاكلنا مع العالم الخارجي.. وفي مقدمته أمريكا.. ودول الاتحاد الأوروبي. وتتركز هذه الخصوصية في أن التنافس علي السلطة في مصر.. لا يجري بين أحزاب سياسية لكل منها رؤاها وبرنامجها.. كما هو الواقع عندما جري التحول في أوروبا الشرقية من نظم شمولية تعفنت فوق مقاعد السلطة إلي مجموعة من الأحزاب تنافست في انتخابات حرة علي إدارة شئون البلاد.. وإنما التنافس يجري.. عندنا وفقا للخصوصية المصرية.. بين جماعة إرهابية ترفع الشعارات الدينية وتتهم خصومها بالكفر.. وتمارس العمل السري المسلح باعتباره أساس الدعوة.. وترفض كل مظاهر وأدوات الدول الحديثة.. ابتداء من البحث العلمي.. وحتي الآداب والفنون والفكر والابداع. في الانتخابات التي جرت في أوروبا الشرقية للتحول من نظم شمولية.. لدول مدنية ديمقراطية.. كنت شاهد عيان.. علي معظم ما جري في هذه الثورات.. وكان من الملاحظ فيها جميعا.. انه لم يظهر حزب سياسي واحد يرفع الشعارات الدينية.. أو يمارس العمل السري.. أو التدريبات العسكرية المسلحة وتكوين ميليشيات حزبية ترهب الناخبين البسطاء في القري النائية وتروع السكان الذين يخالفونها الرأي.
ولذلك فإذا أردنا مخاطبة الرأي العام الأوروبي فعلينا التركيز علي الخصوصية المصرية.. وان ما جري في ثورات أوروبا الشرقية.. لا يمكن التسليم به في مصر.. التي وجدت نفسها في مواجهة شاملة مع الإرهاب.. الذي تديره عصابة من الحلانجية.. من أرباب السوابق والسجون!