غباء النظام السابق جعله يستخدم فزاعة الإخوان المسلمين لتخويف الشعب بل والعالم كله معتقدًا أنه بهذا سيكون مخلدًا فى عرشه كحامى حمى الكون كله من غزو هذا الوافد الجديد للكرة الأرضية "لأخونة" العالم حتى آتاهم أمر الله وهم "قائلون" وبين عشية وضُحها جعل الله عاليها سالفها وقلنا "بُعدا للقوم الفاسقين".. لكن من المعلوم أن الغباء أيضًا متوارث فلم يتعلم أذناب وفلول هذا النظام الفاسد ومن اتفق معهم من مرتزقة السياسة وأطفال الأنابيب وتجار الأزمات الذين يلبثون ثوب الوعاظين بالفضائيات فقاموا يستدعون هذه الفزاعة – لفظ الأخونة - مرة أخرى من قبرها ليطنطنوا بها فى برامج التوك شو وكافة وسائل الإعلام الأخرى وحتى على مواقع التواصل الاجتماعى ويعبئون الدنيا كلها بحجة أن الإخوان استحوذوا على كل شىء ولم يبقوا لهم شىء ذلك بوصفهم الفريق الحائز على أغلبية مجلس الشعب المنتخب والمنحل لأسباب دستورية شكلية وبيروقراطية لاعلاقة لها بصحة وسلامة العملية الانتخابية وأيضاً بوصفهم أول من قدموا رئيسًا منتخبًا انتخابًا صحيحًا لمصر ما بعد الثورة، قد فشلت فى تقديمه كل الأحزاب والقوى السياسية خاصة اليسار الذى مازال يعيش فى غيبوبة كاملة كلما أفاق منها سارع إلى أحد الميادين بالقاهرة لينفث عن نفسه للحظات ثم يدخل مرة أخرى فى غيبوبته. لقد قام هؤلاء المجاذيب بتصوير الأمر كحائط جديد للمبكى تذرف عليه القوى السياسية الدموع على ضياع الثورة وخيبة أمل الثوارأو كفزاعة لتخويف القلقين على الحريات العامة وحريات الأفراد هو تصوير للأمر على غير حقيقته وهو يعنى أننا لسنا بالفعل على استعداد لتعلم الممارسة الديمقراطية السليمة وأن أفكارنا مازالت تدور فى فلك الحكم الشمولى والرئيس الديكتاتور ذى الصلاحيات الإلهية. لا أتصور كيف يتصور هؤلاء الذين يعيشون مرحلة مبكرة من النضج السياسى لا أقول "طفولة سياسية" وإنما أفضل لفظ يقال عنهم يعيشون مرحلة "رضاعة سياسية" إذا جاز التعبير، كيف يتصور هؤلاء السذج أن الناجح فى انتخابات الرئاسة باسم التيار الإسلامى سيأتى بمعاونيه من تيارات هى فى الأصل مناوئة له ويهمها إفشاله وإفشال برامجه أو على الأقل يهمها تعطيل فرص نجاحه فيضعون له العصا فى العجلة ويوقفون المراكب السايرة؟! طمعاً فى أن يحلوا محله فى الانتخابات القادمة إذا ظهر فشله وعجزه للعيان؟ إن ما يجرى فى مصر الآن من مسيرات ومظاهرات واحتجاجات ليس أكثر من تهريج سياسى غير مقبول لا من حيث التوقيت ولا من حيث الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد، ولفظ الأخونة المبتدع من هذه القوى لا محل له من الإعراب إذا وضع على ميزان الحياة السياسية الصحيحة أو إذا وزن بميزان الديمقراطية السليمة. نتساءل ما الضير فى أن يعين الرئيس مرسى وزراءه ومحافظيه ومعاونيه فى المواقع الكبرى من نفس فصيله السياسى الأقدر على فهم برامجه وتطبيقها إذا كانوا جميعاً وهو على رأسهم سيدخلون اختبار الصلاحية بعد أربع سنوات على ضوء ماحققوه للوطن وللمواطن؟ ما العيب فى ذلك؟! كيف يطالب هؤلاء المغيبون الآن بعزل الرئيس أو محاسبته بعد انقضاء ال100 يوم الأولى من توليه للمسئولية وقبل انقضاء المدة التى تعاقد مع الشعب عليها هذه هى ألف باء الديمقراطية، وأى تظاهر غير سلمى أو تعطيل لمصالح الناس أو تحريضهم لوقف دولاب العمل الحكومى قبل انقضاء هذه المدة يعتبر قفزًا فوق سلطة شرعية مكتسبة عن طريق صندوق الانتخابات وتفويضًا مباشرًا من الشعب ويجرمه القانون.. هذه بديهيات لا ينبغى أن نكررها كثيراً وكأننا نعيد اختراع العجلة من جديد.. الحديث كله يدور حول حق الرئيس المنتخب فى اختيار الوزراء ورجال الإعلام من رؤساء تحرير الصحف إلى كافة المواقع القيادية فى الدولة وما إذا كان من حقه أن يختار معاونيه من فريق سياسى دون آخر!. إن فترة الحكم محددة والدستور سيضمن التوازن بين السلطات والفصل بينها، وسيضمن استقلال القضاء تماماً وفصله عن السلطة التنفيذية وسيضمن الحريات العامة والخاصة، أما الصحافة والإعلام فسيتم إسناد مهمة الإشراف عليهما إلى مجلس أعلى منتخب من الصحفيين أنفسهم لضمان ابتعاد تأثير السلطة التنفيذية عن الصحافة والإعلام. إن الذين نصبوا أنفسهم مدافعين عن الحريات المهددة فى ظل "أخونة" الدولة كما يدّعون ويحاولون تعبئة الشعب المصرى ضد قياداته بهراء لا يستسيغه عقل سليم وهم فى الحقيقة لا يدافعون إلا عن الانفلات الأخلاقى والعُرى والتطاول على الإسلام ومحاولة محو هوية الشعب المصرى باسم الحرية المبكى عليها وهم لا يستهجنون هذا بينما كل طوائف الشعب المصرى تستهجنه وترى فيه انفلاتاً أخلاقياً يتنافى مع الكرامة الإنسانية والشرائع السماوية يستوى فى ذلك المسلم والمسيحى وحتى الملحد، الجميع ينادى بضمان حرية المعتقد، ضمن حرية الملبس بما لا يصطدم وأعراف المجتمع المتعارف عليها.. نذكرهم أن المرأة فى أمريكا قلعة الحريات فى نظرهم تستطيع أن تمشى بشورت ساخن مثلا لكنها لا تمشى فى الشارع عارية أو بمايوه بيكينى وإلا تم توقيفها.. أعتقد أن أمريكا لم يتم أخونتها بعد..!! [email protected]