نكتة قديمة.. ولكني مازلت أضحك عليها حتي الآن.. نظرا لطرافتها والمعني الكبير الذي يختفي وراءها.. والنكتة تقول: شاهد الناس أحد الريفيين البسطاء يقف وسط ميدان التحرير..ويخلع ملابسه قطعة قطعة والناس تنظر إليه مشدوهة وهو يلبس ملابس أخري بدلا من التي خلعها.. وهو منهمك بشدة في هذه العملية الغريبة.. وتقدم إليه شاب يسأله: ماذا تفعل يا أخينا؟ فرد عليه بهدوء: أصلي رايح شبرا.. وقالولي أغير في التحرير! وهكذا يفهم بعض الناس ان التغيير معناه في الشكل.. وفي الأشخاص.. وأن التغيير هو عملية سهلة لا تستلزم إعدادا مسبقا ولا أجندة جاهزة ولاسياسات مدروسة تصلح بديلا لما هو قائم وتعطي الأمل في ان يكون القادم أحسن. لا يكفي لمن يتصدي للتغيير أن تكون عدته وعتاده مجرد كلام إنشائي.. ومزايدة رخيصة.. وهجوم محموم علي كل ما هو قائم.. وإطلاق شعارات عشوائية تبشر بمكاسب للناس.. دون بيان واضح لهذه المكاسب المزعومة وكيفية حصول الناس عليها. أقول لهؤلاء المؤمنين بالتغيير الشكلي ومحاولة الإيهام بأنه تغيير حقيقي: أمامكم فرصة لا تعوض في انتخابات مجلس الشعب القادمة.. ومجلس الشعب ان كنتم لا تعرفون هو معمل القوانين القادمة واللازمة للمستقبل.. وهو باختصار الباب الشرعي لتداول السلطة وهو ما تركزون عليه دائما في مختلف الأحزاب ومجموعة المستقلين وجماعة الاخوان المسلمين.. كأن تداول السلطة في عرف الديمقراطية يأتي باتفاق ولا يأتي بأصوات الناخبين.. وكأن الأغلبية الانتخابية التي تعطي أي سلطة شرعيتها يمكن ان تنالها الأحزاب بالدور وليس بالانتخاب!.. أقول للأحزاب الشرعية وللمستقلين ولا أدري مستقلين عن ماذا؟ تقدموا لانتخابات مجلس الشعب القادمة واحشدوا أنصاركم ومريديكم وأعوانكم.. واقنعوهم ببرامجكم وسياساتكم واحصلوا علي الأغلبية الانتخابية.. وعندها.. وعندها فقط يحدث تداول للسلطة.. الحزب الوطني والحق يقال بدأ التغيير بمعناه الحقيقي منذ فترة.. وأعلن علي لسان أمينه العام صفوت الشريف انه ماض في التغيير إلي الأفضل كما طالب زعيمه مبارك.. فهل تستجيب الأحزاب إلي دعوة التغيير الحقيقي.. لا التغيير في ميدان التحرير؟! الوداع يا صاحبي غابت الضحكة المتفائلة.. كف القلب الأبيض عن الخفقان.. رحل سمير توفيق.. صاحبي وصاحب كل من عرفه واقترب منه.. انتهي عمر الصحفي الذي وصل إلي أعلي المناصب الصحفية.. وظل كما هو.. إنسانا جميلا لم أعرف له عدوا واحدا.. وعرفت له حبايب كثيرين.. غاب سمير توفيق.. ولكنه سيظل حاضرا في ذاكرة الصحافة.. وفي تاريخ »دار أخبار اليوم« كفارس أعطي حياته كلها لعمله ورحل في هدوء.