من المؤكد في المشهد القائم الان بطول وعرض البلاد، والممتد في كل انحاء مصر من اسوان وحتي الاسكندرية، أننا امام هبة شعبية تلقائية، دفعت الملايين من ابناء الوطن للخروج في كل الشوارع والميادين، لاعلان رأيها والتعبير عن ارادتها، وممارسة حقها الطبيعي والمشروع في تحديد هوية الدولة واتجاه مسيرتها. ومن المؤكد كذلك، ان هذا الخروج الذي شهدته كافة القري والمدن والمحافظات، مساء الاحد »الثلاثين من يونيو الماضي«، ممتدا من القاهرةوالاسكندرية حتي اصغر نجع بالصعيد وكفر بالدلتا، كان خروجا غير مسبوق علي الاطلاق في تاريخ الامم والشعوب. فلم يذكر لنا التاريخ علي كثرة ما ذكر من احداث الاحتجاجات الشعبية، ووقائع الثورات الاجتماعية في مصر وغيرها من الامم القديمة والمعاصرة، خروجا مماثلا لشعب من الشعوب ضم هذه الاعداد الغفيرة من البشر المتدفقين من كل فج عميق، في اصرار بالغ للتعبير عن رأيهم، وتأكيد موقفهم، واعلان رفضهم أو قبولهم، لما هو قائم، ورغبتهم في التغيير أو الاستمرار. وقد يري البعض انطلاقا من موقف منحاز، أو رؤية غير محايدة، ضرورة تجاهل ما واكب هذا الخروج الكبير الرافض لما هو قائم والمطالب بالتغيير، من خروج لمجموعات اخري مختلفة في الرأي والتوجه تؤيد ما هو قائم وتدعمه وتطالب باستمراره. ولكن ذلك خطأ غير مقبول، وتقصير في امانة الكلمة لا يجب ان يكون، ولذلك لابد ان نذكر وبوضوح، ان هناك تواجدا محسوسا وظاهرا لمجموعات اخري من ابناء الوطن، تختلف في رأيها ورؤيتها عن المجموعات الاولي، وانها خرجت هي الاخري لممارسة حقها المشروع والطبيعي في التعبير عن نفسها وابداء رأيها، حتي ولو كانت اقل عددا من الأولي.. وفي هذا الاطار، لابد ان يكون واضحا في اذهان الكل، اننا جميعا مصريون سواء في ذلك الرافضون للرئيس القائم ومنهجه ورجال حكمه، أو المؤيدون له والمطالبون باستمراره ،...، وان مصر القوية الحديثة القائمة علي الديمقراطية والحرية والكرامة الانسانية والعدالة الاجتماعية لن تقوم إلا بنا جميعا ، دون اقصاء لاحد من ابنائها.