مسيرات أهالى الصعيد الخبراء يحللون الظاهرة : أهم الأسباب التهميش وأزمة الطاقة وتدني الخدمات انتفاض أهالي محافظات الصعيد في مظاهرات 30 يونيو لفت أنظار الخبراء والمراقبين خاصة ان محافظات الصعيد كانت الاكثر تاييدا للتيارات الاسلامية وللرئيس مرسي ولعبت دورا رئيسيا في حسم فوزه، بالاضافة الي ان التيار الاسلامي متواجد بقوة هناك.. المشهد مهيب فقد خرج الالاف من اهالي الصعيد للمشاركة في مظاهرات 30 يونيو، انضماما إلي الملايين التي خرجت في سائر ربوع مصر.. هذا هو ما حدث في اسيوط وسوهاج والمنيا وغيرها من المحافظات. واللافت ان المظاهرات ضمت جميع فئات المجتمع الصعيدي. المرأة والرجل.. الكبير والصغير. واتفقت الشعارات والهتافات مع نفس الشعارات التي رفعها المتظاهرون في التحرير والاتحادية بالقاهرة والميادين الاخري في محافظات الوجه البحري. الأخبار تبحث مع الخبراء والمتخصصين اهم اسباب التغير النوعي في مواقف اهالي الصعيد من دعم التيارات الاسلامية و الرئيس مرسي، الي المشاركة الفعالة في مظاهرات 30 يونيو المعارضة للنظام والمطالبة برحيله. اكد الخبراء ان اهالي الصعيد يتميزون بخصائص اجتماعية تختلف عن محافظات الوجه البحري من حيث العادات والتقاليد والبناء القبلي والعشائري وقد يفسر ذلك الفارق الواسع في اصوات الناخبين المؤيدين لشخص ما ضد اخر خاصة في الانتخابات الرئاسية حيث حصل الرئيس مرسي علي نسبة عالية في الصعيد مقارنة بمنافسه الفريق شفيق ويرجع السبب في ذلك الي غلبة الصوت القبلي اي المرشح الذي تعلن العائلة او القبيلة تأييده علي ماعداه. ويبدو ان مشاركة اهالي الصعيد البارزة في مظاهرات 30 يونيو تأتي في اتجاه يشير الي تغير في مواقفهم من التيارالاسلامي الذي ساندوه، لاسباب اقتصادية في الاساس. يقول د. علي ليلة - استاذ الاجتماع بجامعة عين شمس - ان مدن الصعيد هم الاكثر تأثرا بما يجري في مصر من احداث لها انعكاسات سلبية علي الاقتصاد الوطني مؤكدا ان ارتفاع نسبة الفقر والبطالة وتردي الظروف الاقتصادية من اهم اسباب مشاركتهم في مظاهرات 30 يونيو، ويوضح د.ليلة ان هناك تصورا خاطئا عن اهالي الصعيد حيث يصفهم بالسلبية وعدم المشاركة بشكل فعال في ثورة يناير مضيفا ان اهالي الصعيد علي العكس من ذلك تماما حيث يتميزون بالوطنية والحماس والرجولة مطالبا اعادة النظر لاهالي الصعيد بشكل مختلف عن ذي قبل. وقال د. ليلة: ان التحول في مواقف اهالي الصعيد يعود في رايه الي ارتفاع الوعي السياسي اضافة الي ازمات الكهرباء والسولار والبنزين التي مست كل بيت في مصر خاصة المزارعين الذين يعتمدون علي السولار في تشغيل ماكينات الري. تحول مفاجئ اما د. مصطفي عوض- استاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس- فيقول: ان مشاركة عشرات الالاف بمحافظات الصعيد في احداث يوم 30 يونيو كانت مفاجئة ، نظرا الي ان الكل يعلم ان محافظات الصعيد كانت مؤيدة للرئيس مرسي،وارجع ذلك لاسباب عدة اهمها الاهمال الذي عانت منه مدن الصعيد علي مدار السنين، بالاضافة الي الفقر المدقع والازمة الاقتصادية، وضعف الخدمات الصحية والاجتماعية والتعليمية والتهميش، وتدهور الخدمات و مستوي المعيشة وانتشار البطالة وزيادة نسبتها خاصة بين العمالة الوافدة والمهمشة. ويقول د. احمد عبد الله استاذ - الطب النفسي بجامعة الزقازيق- ان خروج الاف من سكان مدن الصعيد في مظاهرات 30 يونيه من اهم اسبابه هو ان المغامرة هذه المرة محسوبة بخلاف المرة السابقة، لان مواطني مدن الصعيد ضاقو زرعا من التهميش، بالاضافة الي ان مستوي الحياة هناك متدنية، علي كافة مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية، مؤكدا علي ان المغامرة هذه المرة محسوبة. وارجع د. احمد زايد- عميد كلية الاداب بجامعة القاهرة الاسبق - خروج اهالي الصعيد بهذا الحجم الي ارتفاع الوعي الثوري والسياسي اضافة الي ان ثورة 25 يناير لم تحقق شعارها وهو "عيش حرية عدالة اجتماعية"، موضحا ان خطاب الرئيس محمد مرسي الاخير لم يلب طلباتهم، مؤكدا ان تغير موقف اهالي الصعيد يعتبر درسا للحكومة ولكل رئيس مصري سوف يفوز في اي انتخابات قادمة قبل ان ينفجر المجتمع في وجهه، وقال زايد انه ليس صحيحا ان اهالي الصعيد لايهتمون بالسياسة فحقائق التاريخ تؤكد ان الكثير من الثورات كانت تخرج من صعيد مصر منذ عهد الفراعنة نظرا لوجود عوا صم الدولة الفرعونية المصرية القديمة، موضحا ان خروجهم الاخير جاء بعد شعورهم بخيبة الامل لعدم ظهور اي تحسن ملموس في مستوي معيشتهم. المعاناة والفقر وتقول د. هانية الشلقاني- استاذة الاجتماع بمركز البحوث الاجتماعية بالجامعة الامريكية- ان اهالي الصعيد فعلا عانوا كثيرا في جميع نواحي الحياة، لذلك خرجوا في تلك المظاهرات للتعبير عن غضبهم خاصة بعد القاء الرئيس مرسي خطابه الاخير والذي لم يحمل اي بارقة امل لهم، بل الشعب المصري باكمله انتظر هذا الخطاب للمصالحة الوطنية ورفع المعاناة والنظر بعين الاعتبار لاهالي الصعيد، موضحة ان اهالي الصعيد من اكثر الناس تضررا من ازمة السولار وخاصة قبل موسم الحصاد، اضافة الي عدم اصلاح المنظومة الاجتماعية، وفشل النظام في توصيل الخطاب السياسي الملائم لاهالي الصعيد المهمشين، وتضيف د. هانية ان معظم اهالي الصعيد تكافح من اجل البقاء منذ 3000 سنة فلا يجب ان يكون هناك خطاب اقصائي لهم، لان منهم فئات كثيرة علماء واساتذة جامعات افاضل، مشيرة الي خطورة تهميش الاقباط استيعاب الدرس ومن جانبه يقول د. هاشم بحري- رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الازهر- ان اهل الصعيد يعبر اساسا عن اصول الشعب المصري موضحا ان هذه المنطقة من مصر مهد الحضارات والعواصم المصرية القديمة، وهذا الجزء بطيء الحركة الاجتماعية نسبيا، مقارنة باهل الشمال في مصر، وبالتالي استوعب هذا الشعب العظيم درس الثورة ومدي الظلم الذي وقع عليه والمتمثل في مطالب الفلاحين في اسقاط الديون وري المحاصيل الزراعية، وبمجرد انطلاق هذه المظاهرات خرجت هذه الاهالي للتعبير عن غضبهم ورفض هذه الممارسات، ليقولو لباقي المواطنين انهم موجودون ويشاركونهم في هذه المظاهرات. وتضيف د. نهي بكر- استاذ العلوم السياسية بالجامعة الامريكية- انه حان الوقت لتطوير هذه المحافظات لانها تشكل قطاعا كبيرا من اعداد المصريين، موضحة ان خروجهم بهذا الحجم غير المتوقع رد فعل طبيعي للاسباب الاقتصادية الطاحنة، بالاضافة الي الخطاب الاخير للرئيس مرسي، وماحمله من نظرة الاستعلاء للشعب المصري التي جاءت في هذا الخطاب، وهو ما انعكس علي ردود افعال اهالي الصعيد والذي يتميز بعزة نفس عالية و هذا ما لم يجده في هذا الخطاب. ويؤكد د. هشام مخلوف- رئيس الجمعية الديموجرافية- علي ان اهم اهداف ثورة 25 يناير من عيش وحرية وعدالة اجتماعية لم تتحقق وهو مادفع اهالي الصعيد للمشاركة في مظاهرات 30 يونيه بفاعلية موضحا ان محافظات الصعيد لها نصيب الاسد في نسبة الفقر والجهل والبطالة وكثرة الانجاب، مؤكدا ان خروج الالاف من اهالي الصعيد جاء للتعبير عن غضبهم من عدم تحسن احوالهم واستمرار الحال علي ما هو عليه. الموجة الثالثة للثورة ويوضح د. صلاح جودة - الخبير الاقتصادي - ان ثورة 25 يناير تركزت في محافظات الحضر القاهرة والجيزة والاسكندرية و بمشاركة رجال الفكر والسياسة، وان نسبةالمطالب السياسية لا تتعدي ال 30 ٪ بينما 70 ٪ مطالب اقتصادية، مشيرا الي ان طبيعة المجتمع الصعيدي متحفظ بطبيعته، بينما اسباب خروج اهالي محافظات الصعيد هي اقتصادية نظرا لانها المحافظات الاشد فقرا، وتعرضها للاهمال علي مدار السنوات السابقة، مشيرا الي ما ذكره" عاصم عبد الماجد ان رجال الصعيد قادمون" في اشارة منه ان معاقل الاخوان في الصعيد، وان حكمهم صور لهم حياة كريمة ، وموضحا انهم خلال سنة لم يتم الوفاء بمطالبهم التي وعدهم بها الرئيس محمد مرسي ، موضحا ان الاكثر من ذلك انه لم يحافظ علي المستوي الادني التي كانت تعيش فيه هذه المحافظات، وان مجموعة الاخوان هم الذين حصلو علي بعض المكاسب مثل تعيين المحافظين و مساعدين الرئيس، بالاضافة الي السيطرة علي جميع مفاصل الدولة، وفوجيء اهالي الصعيد بعدم ادماجهم في الوظائف الحكومية وزيادة البطالة والفقر، وانه تم الضحك عليهم واستغلالهم في الانتخابات الرئاسية وتاييد الرئيس، لذلك حرص اهالي الصعيد علي المشاركة في هذه المظاهرات.