عبدالحافظ الصاوى يعد قطاع السياحة من القطاعات الرئيسة في الاقتصاد المصري، وقد تلقي هذا القطاع العديد من الضربات منذ ثورة 25 يناير، كان في مقدمتها التوظيف السياسي الخاطئ، حيث زعم معارضو الأحزاب الإسلامية، أن الفنادق والشواطئ ستغلق في عهد الإسلاميين، وأن الآلاف سيفقدون وظائفهم، وأن الأحزاب الإسلامية سوف تفرض النقاب علي النساء عنوة، وأن حياة السائحين الشخصية ستشهد مجالا كبيرًا للتدخل. ولكن بعد عام من وصول الإسلاميين إلي السلطة، انكشف كذب إدعاءات معارضيهم، ولم تمارس أي من الأفعال التي من شأنها أن تغلق منشأة سياحية واحدة، بل الواقع أثبت أن ممارسات الإسلاميين كانت أكثر تحضرًا من معارضيهم، فتم إنشاء بعض المنشآت السياحية التي لا تقدم الخمور ولا توجد بها صالات للقمار، وهم بذلك قدموا بديلًا عمليًا، يتوافق مع برنامجهم، وفي نفس الوقت يلبي احتياجات شريحة من الوافدين إلي مصر بغرض السياحة.. علي الطرف الآخر، لم يدخر معارضو الإسلاميين وسعًا في الإساءة للسياحة في مصر بوجه خاص وللاقتصاد المصري بوجه عام، فحاولوا غير مرة الاعتداء علي فنادق شهيرة بوسط القاهرة، وشديدة القرب من ميدان التحرير، كما حاولوا غير مرة الاعتداء علي المتحف المصري.. ولا يغيب عن مشهد الإساءة للاقتصاد المصري والسياحة المصرية، هذه الصورة غير المقبولة من المجتمع المصري، من إيقاف الطرق الرئيسة، أو استخدام قنابل المولوتوف، أو إشعال إطارات السيارات علي الكباري العامة. فهذه الممارسات الخاطئة أدت إلي إعطاء صورة سلبية عن الوضع الأمني في مصر. بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تشير إلي ارتفاع أعداد السائحين الوافدين علي مصر خلال شهر أبريل 2013 ليصل عددهم إلي 1.1 مليون سائح، بزيادة قدرها 100 ألف عن أبريل 2012. وبذلك نقترب من معدلات أداء السياحة قبل ثورة 25 يناير، حيث كان عدد السائحين في أبريل 2010 نحو 1.2 مليون سائح.. ويتوقع أن تتحسن معدلات أداء قطاع السياحة في مصر خلال المرحلة المقبلة، ولكن علي المخربين أن يتوقفوا عن أفعالهم التي تضر بالاقتصاد المصري، وبمصير حياة آلاف العاملين في قطاع السياحة. ومن عجب أن بعض من يحرضون علي الممارسات الخاطئة في حق السياحة المصرية لا يتوقفون عن الحديث المتعلق بحقوق العمال وأحوال الفقراء.. وبدلا من أن يساهموا في مساعدة العاملين بالحفاظ علي وظائفهم، وإتاحة فرص العمل للفقراء من خلال قطاع السياحة وغيره من القطاعات الاقتصادية الأخري، يراهنون علي إفساد الحياة الاقتصادية من أجل تحقيق مآربهم السياسية الضيقة.. لقد صرح وزير السياحة بأن مرور يوم 30 يونيو دون عنف، سوف يؤدي إلي عودة معدلات السياحة المصرية لما كانت عليه قبل الثورة. ومن هنا فمن حق الجميع أن يمارس حقوقه في التظاهر وباقي حقوقه السياسية ولكن بعيدًا عن إصابة الأنشطة الاقتصادية بمزيد من الأضرار. الأمل في قطاع السياحة خلال المرحلة المقبلة كبير، وبخاصة أننا لم نستفد بعد من مورد سياحي جديد، وهو سياحة الثورة، فمن حق السياحة المصرية أن تروج لبرامج جديدة لسياحة الثورة، ليشاهد السائحون الأجانب تلك الميادين التي عايشت أحلام الشباب بسقوط الدكتاتور المخلوع حسني مبارك. لازالت موارد مصر السياحية لم تستخدم بعد علي الوجه المطلوب، كما لم ينعم أبناؤها بتلك المعالم السياحية، وفي هذا المقام ونحن نتحدث عن الأمل ومستقبل السياحة المصرية، لابد من أن نستحضر دور السياحة الداخلية، فشباب مصر من حقه أن يزور الاقصر وأسوان والواحات، وشواطئ سيناء الساحرة، وغيرها الكثير من المعالم السياحية التي تنعم بها مصر.. لابد من تنظيم رحلات لشباب الجامعات برسوم تتناسب مع دخولهم، كما ينبغي مشاركة طلاب المدارس في هذه البرامج، فالرحلات السياحية من شأنها أن تختصر العديد من دروس التاريخ والجغرافيا، وتزيد من ارتباط شبابنا بوطنهم، من خلال الاطلاع ومعرفة مساهمة حضارتنا العريقة، وموقعنا الفريد.