لا مبالغة أو تهويل في القول بأن هناك أضراراً مؤكدة ستلحق بمصر نتيجة إقامة سد النهضة الاثيوبي، الذي بدأت الإجراءات والترتيبات الخاصة بإنشائه بالفعل، بتحويل مجري النيل الأزرق مع نهاية الشهر الماضي، رغم جميع الاعتراضات المصرية السابقة واللاحقة لهذه الخطوة. وطبقاً لما هو معلن ومتداول بصورة واسعة نستطيع القول بإجماع في الرأي لخبراء السدود والأنهار علي وجود ثلاثة أضرار واقعة علي مصر فور بناء السد، وبدء عملية تخزين المياه في بحيرته، التي من المقرر طبقاً لما أعلنت عنه اثيوبيا أن تتسع لما يصل إلي خمسة وسبعين »57« مليار متر مكعب من المياه، وهي كمية هائلة بكل المقاييس. وأول الأضرار المباشرة هو النقص المتوقع في حصة مصر من المياه الواردة إليها سنوياً، طوال فترة تخزين المياه في بحيرة السد الاثيوبي، والمتوقع أن يصل النقص إلي 52٪ من هذه الحصة المقدرة بخمسة وخمسين مليار متر مكعب من المياه، وهو ما يعني أن مصر ستواجه نقصاً شديداً في المياه طوال فترة التخزين التي من الممكن أن تتراوح ما بين أربع وست سنوات. وثاني الأضرار هو الانخفاض في قدرة السد العالي علي توليد الكهرباء نتيجة انخفاض ارتفاع المياه خلفه طوال فترة التخزين هذه، ومن المتوقع أن تصل نسبة الانخفاض في كهرباء السد إلي 03٪ من المنتج منه حالياً. أما الضرر الثالث فيكمن في احتمال انهيار السد الاثيوبي نظراً لبنائه في منطقة غير مستقرة جيولوجياً، حيث إنها منطقة زلازل، بالإضافة إلي إنشائه فوق هضبة شديدة الانحدار، وهو ما يجعله عرضة للانهيار تحت ضغط كمية المياه الهائلة التي سيحتجزها خلفه. وفي هذه الحالة، وإذا انهار السد بعد بنائه وبعد امتلاء بحيرته بالمياه، فإننا سنكون أمام خطر حقيقي يغرق أجزاء كبيرة من السودان الشقيق، وأيضاً غرق أجزاء من جنوب مصر، واحتمال انهيار السد العالي تحت وطأة اندفاع كميات هائلة من المياه مرة واحدة نحوه. أي أن هناك دماراً مؤكداً سيحدث في السودان وجنوب مصر في حالة انهيار السد الاثيوبي، وهو خطر قائم، ..، وهناك ضرر مؤكد سيقع علي مصر فور بنائه، ..، وهو ما يتطلب حكمة بالغة في المعالجة، ورؤية واضحة للتعامل مع الأزمة وإدارتها مع الجانب الاثيوبي، بما يحقق لهم المصلحة ويزيل الضرر عن مصر.