تستحق أثيوبيا أن تصفق لنفسها بعد نجاحها في تحقيق حلم الأجداد بتحويل مجري النيل الأزرق.. و تستحق مصر ان تنعي حظها الأزرق الكالح بعد ان جاء اليوم الذي تحقق فيه الرعب الذي كانت تخاف منه قبل قرون طويلة! تحكي لنا كتب التاريخ عن ذلك الحلم الأثيوبي والرعب المصري، ولكن مشكلتنا أننا لا نقرأ وإذا قرأنا لا نفهم!.. لازلت أحفظ عبارة قرأتها منذ زمن فحواها أن مجرد فكرة تحويل مجري النيل كانت تثير قلق ورعب المصريين منذ عهد بعيد، نستطيع ان نعرف ذلك من ذلك البحث الذي نشره مسيوفييت في مجلة الجمعية الملكية للآثار بالإسكندرية عن علاقة مصر والحبشة في عهد السلاطين المماليك، ويؤسفني عدم وصولي لتلك الدراسة كاملة!. نستطيع ان نفهم أشياء كثيرة من كلام الرحالة القدامي منهم براتراندون دي لابدوكيير 0541 ميلادية، فقد ذكر وجود خطابات مرسلة من الحبشة تهدد سلاطين المماليك بتحويل مجري النيل، وكان المعني أكثر وضوحا عند الرحالة سافوي الذي زار مصر في القرن 81، وقال لنا منذ هذا الزمن انه من المؤمنين بتحقيق معجزة تحويل مجري النيل! أدعو صناع القرار لتتبع الحكايات القديمة لنقل مجري النيل من أمهات كتب التاريخ مثل تاريخ مصر لابن اياس، والمواعظ والاعتبار وأخبار الملوك للمقريزي وتاريخ البطاركة لساويرس ابن المقفع! أتوقف أمام حكاية تحدثنا عما صار في عهد الخليفة الفاطمي المستنصر بالله حيث انقطعت مياه النيل فأوفد بطريرك الأقباط إلي نجاشي الحبشة ومعه هدية ثمينة، وأخبره ان مستويات المياه انخفضت وأضرت بسكان مصر، ويقول لنا المقريزي ان النجاشي اكراما للبطريرك أمر بفتح سد جري منه الماء إلي مصر وارتوت بها البلاد والعباد!. اثقلت عليكم، ولكنه أمر حدث غصبا عني وأنا أري بلادة وغياباً في الذكاوة في تناول ملف سد النهضة الأثيوبي منذ عهد الرئيس السابق وحتي هذه الأيام، أتفهم معاني الصبر والدبلوماسية وأصول التعامل في العلاقات الدولية، ولكنني لا أتحمل أن تصفق أثيوبيا لنفسها بعد تحقق حلمها بإنشاء السد وأن يسخر المصريون علي خيبتهم من أداء حكومات »سد الحنك«!!