يشغلني كثيرا الجيل الجديد من الأطفال والشباب... يشغلني حاضرهم وما يواجهونه ومستقبلهم وما سيعيشونه... يشغلني الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والنفسي الذي يعيشونه ويتعرضون له... يشغلني طفولة وشباب لا يبتسم ولا يتعلم ولا يرسم ولا يغني ولا يلعب... يشغلني أيضا ما اضافة الانترنت لهم من فرص وتحديات، ومن مشاكل وعقبات... وأتساءل هل كانت الانترنت لهم نعمه أم نقمه؟... ولا أعتقد انه من الصعب أن نتوقف ونقيم تأثير الانترنت الاجتماعي علي الأطفال والشباب. فما الذي أحدثته الانترنت وما هو التأثير الاجتماعي للانترنت ؟ واسمحوا لي أن اعرض فيما يلي ملاحظات عن بعض هذه الظواهر والمؤثرات فمنها (1) الزمن : حيث يقضي الجيل الجديد جزءا كبيرا من وقته أمام الشاشة وفي استخدامات الانترنت إما للتواصل مع غيرهم أو في مشاهدة الأفلام أو الترفيه أو في التجول علي صفحات مواقع الانترنت العالمية والمحلية، (2) الاعتمادية : حيث أصبحت الانترنت الأداة التي يتصور الجيل الجديد أن فيها إجابة لكل شيء والبديل للتثقف والتعلم والاطلاع والتعمق يري الجيل الجديد في شبكة الانترنت كل شئ فيري فيها الكتاب والمرجع ويري فيها العلم ويري فيها وسيلة الاتصال ويري فيها العالم بل يري فيها أصدقاء البعض يعرفهم والبعض لا يعرفهم بل تحول الانترنت للبعض إلي أسلوب حياة ... ونري الأطفال والشباب يستثمرون جزءا كبيرا من الوقت علي شبكات الانترنت. (3) الانفتاح : حيث ينقل الانترنت - دون ضوابط مرئية - ما هو بالعالم من ايجابيات ومن سلبيات ويعرض الجيل الجديد من الأطفال والشباب لتيارات بل لعواصف كانت بعيدة عن تناوله وتؤثر علي تطوره ونضجه وتفاعله . (4) الأمن والأمان : الانترنت فتحت كل النوافذ فلم يصبح الإنسان آمنا إلا بقدر يقظته في التعامل مع عالم... العنف هو أحد مظاهره، والجريمة هي احد ركائزه ، والشر هو أحد دوافعه... وهي مجتمعه تعرض الأطفال والشباب لما لم يتح لمن سبقهم من أجيال . (5) التواصل: أصبح جزء كبير من التواصل الإنساني يتم عن طريق الاتصال عبر الانترنت وليس كما سبق من اتصال مباشر في زيارات أو لقاءات بل إن التواصل ازداد الكترونيا وأصبح الكثير من الأطفال يفكر معا ويؤثر ويتأثر بالمجموع ممن حولهم فنري ذوبان الذاتية في الشخصية لكثير منهم وبروز شخصية شبه جماعية للأطفال والشباب فنري أن لهم اللغة الخاصة بهم والهوايات والمزاج بل نري أن نظرتهم للحياة مختلفة وتختلف عما سبقهم. (6) الصداقات والمعارف : فنري أنه من تحديات الانترنت أنها سهلت وأتاحت المزيد من البشر - من نعرفه ومن لا نعرفه - فنري سهولة الانجذاب لهذا الجيل وما يتبعه من توجهات وانسياق خارج الإطار العائلي والاجتماعي بل في العديد من الأحيان خارج منظومة القيم والأخلاق. (7) الانعزالية : فأصبح جيل الانترنت أكثر انعزاليه عما سبقه من أجيال وفقدت الأسرة في جيل الانترنت تباعدهم عما كان يدور في الأسرة التقليدية، ونري أمثلة كثيرة لما سمي بالحياة الافتراضية فيري جزء من الشباب والأطفال الحياة كشبكة لا يعرف من بها يتحدث لهم ويتحدثون له ويخلقون معا حياة هي ليست بالحقيقة ويتفاعلون فيها مثل "اللعبة الكبيرة" فتتحول الحياة من واقع يعيشه ومستقبل يسعي له إلي لعبة افتراضية بعيدة عن الأهل والعائلة وبعيدة عن واقعه . (8) صراع الثقافات وحوار الحضارات: أطفال الانترنت في مفترق طرق بين صراعات ثقافية ومن حوارات حضارية تأتي كلاهما بكل عوامل الشد والجذب . والتقدم والتخلف والعنف والسلام. جيل الانترنت هو جيل جديد... هو محصلة جزئية لما يزرعه الآباء والأمهات ولما يتأثر به الأطفال والشباب من تليفزيون ومن حياة مع الانترنت... تحديات المجتمع هو في جيل جديد ينفتح علي عالم اكبر لم تعرفه الأجيال السابقة ، ينشغل ويتباعد عن العائلة التقليدية ، يستنفد وقته بطريقة تختلف عمن سبقه، يعرض نفسه - دون إدراك - إلي مخاطر غير محسوبة بل عالم افتراضي به جزء خير وبه الكثير من الشر... أدعوكم أن نضع أجندة عمل للبعد الاجتماعي للانترنت.