الشيخ القرضاوي في غزة لأول مرة، استقبله الحمساويون بما يليق به، انحني اسماعيل هنية مقبلاً يده، وأطلق الشيخ تصريحه الخطير «إسرائيل لا تستحق الوجود»، غير أنه لم يقل لنا ولم يشرح الخطة العملية التي ستزيح إسرائيل من خريطة الشرق الأوسط؟، ألا يعرف أن حماس توقفت عن إطلاق الصواريخ بعد وصول الجماعة إلي الحكم في مصر والتي تعهدت بضمان أمن إسرائيل؟، إن هذا القول بمثابة إعلان حرب فهل شرح لنا الشيخ المجاهد من قطر كيف يتحول الشعار إلي حقيقة، غير أن الأخطر ما قاله بعد ذلك، قال بالنص: «ستنتصر غزة، ستنتصر فلسطين..»، قدم غزة علي فلسطين وهذا بيت القصيد من وجود حماس نفسه، فأعلام هذا التنظيم الحمساوي لا يتضمن أي إشارة إلي فلسطين الوطن، حماس امتداد للجماعة، أحد فروع التنظيم الدولي الكوني الذي سيتولي أخونة الكوكب الأزرق، الهدف النهائي أكبر بكثير من قضية فلسطين ذاتها، ألا يلاحظ الناس في البقاع كافة ًتراجع مصطلح القضية الفلسطينية وبروز غزة ونشاط حماس في سيناء وسلوكها تجاه المؤسسات التي تمثل الدولة المصرية وعدم مراعاتها حساسية المصريين الشديدة تجاه ما يتصل بالعدوان علي رموز وطنهم الذي يحكم الآن بفصيل من المصريين لا يؤمن في عقيدته السياسية بفكرة الوطن، البديل هو الأمة، من هنا تجيء تلك التوقعات التي تلوح الآن في الأفق حول تسليم سيناء إلي القيادة الحمساوية في غزة لتشكل قطاعاً واحداً يكون منطلقاً إلي الدولة التي ستنهي مشكلة فلسطين إلي الأبد، وصل تنظيم حماس الذي نشأ برعاية إسرائيلية ليكون مضاداً لمنظمة التحرير، درس قديم أرساه أخبث من استعمر في المنطقة، أعني الانجليز والذين مازالوا الأكثر دراية بالشرق الأوسط والأوثق صلة، أن يواجهوا الأحزاب والحركات الوطنية بالتنظيمات الدينية، ربما يفسر هذا ظهور حركة الإخوان في عام 8291، بعد ثورة وطنية كبري كان لها تأثير روحي عميق علي كل مناحي الحياة، قادت مصر إلي الأمام بعكس ثورة يناير الفاشلة التي انتكست بمصر إلي الخلف وأسست لقدوم الدولة الدينية رغم الأداء الأسطوري للشعب المصري والذي لم يستمر طويلاً، جاءت حماس إلي السلطة بالصناديق، بالانتخابات، وانقضت علي الديمقراطية التي جاءت بها، وفي انقلاب وحشي فتكت بقوات منظمة التحرير، وألقت برفاق الكفاح كما هو مفترض من الطوابق العليا، لم تغادر السلطة حتي الآن، وانتخب الزعيم خالد مشعل للمرة الرابعة فقط للتذكرة والعبرة ومنذ التهدئة بعد وصول الجماعة إلي حكم مصر لم تنشط حماس في اتجاه إسرائيل، بل إنها تمسك بزمام الجماعات الأشد تطرفاً والمستقرة في غزة باستثناء مصر حيث ترتع أرتالهم في سيناء، إذن كيف سيتحقق ما قاله الشيخ الزائر في غزة والذي اختصر فلسطين كلها في القطاع بتقديمه غزة علي فلسطين، هل تحلم إسرائيل بما هو أفضل من ذلك؟